لماذا نرى الكلب فيه الوفاء
و فيه الثباتُ و فيه الولاء
و أما ابنُ آدمَ أو بنته
فإنهما في الخطايا سواء
وثقتُ بكلبٍ شريدٍ أتاني
ليطلب بعض بقايا الغذاء
ولما استجبتُ وأطعمتُه
ورويتُه بعد هذا بماء
تكلّم ذيلٌ له شاكراً
فقلت نعم إنّنا أصدقاء
وحين تأكّد أنّي كريم
واني سمحتُ له بالبقاء
تقلّد منصبَ حارس بيتي
وهددّ من يعتدي بالجزاء
و رحّبَ بالزائرين جميعاً
وويلٌ لمن يستثيرُ العداء
وظلّ وفياً لآخر يوم
وحين أنادي يجيبُ النداء
ولما مضى سالَ دمعي و ذابت
حشاشةُ قلبي وغابَ الضياء
و لم يأنفَ الشّعرُ من مدحه
فكلبي يستحقّ الرثاء
وأما ابنُ آدمَ لما أطعمتُه
وقلت أخٌ يستحقّ العطاء
فلما تخلّص من جوعه
وآنس في بطنه الامتلاء
تحولَ من جائع بائس
إلى ذئب بر كثير العواء
وعض ذراعي التي أطعمتـه
فلما رأيتُ نزيفَ الدماء
تذكرتُ كلبي الوفيّ و هبّتْ
على نار حزني رياحُ الشقاء
لماذا ؟؟ يظلّ السؤالُ و تبقى
علامته في جبين الصفاء
لماذا عن الناس أبعدَ حب
وخانوا ولم يشعروا بالحياء
كأنّ الخيانةَ صارت لديهم
طريقَ المعالي و دربَ العُلاء
لماذا ؟؟ سألتُ السماءَ وإني
قريباً سأسمعُ ردّ السماء
إبن الرومي.