منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - سَاعَةٌ مِنَ التَّوَاصُلِ المُبَاشَرِ | [5] | أبعاد النَّثر الأدبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2015, 05:35 PM   #2
محمد سلمان البلوي
( كاتب )

افتراضي سَاعَةٌ مِنَ التَّوَاصُلِ المُبَاشَرِ | [5] | أبعاد النثر الأدبي | طقوس الكتابة



سَاعَةٌ مِنَ التَّوَاصُلِ المُبَاشَرِ | [5] | أبعاد النثر الأدبي

(طُقُوْسُ الْكِتَابَةِ)


لكلِّ كاتب -على الغالب- طقوس/عادات مُعيَّنة في الكتابة؛ ألِفَهَا، وارتاح إليها، واعتمدها، وباتتْ تُشكِّل جُزءًا مُهمًّا من هويَّته الإبداعيَّة؛ فهي تُهيِّئه للكتابة، وتُعينه عليها، وتفتح شهيَّته لها، وتجعله أقدر على الاستغراق فيها والاستمتاع بها، وفي غيابها؛ ترتبك نفسه، ويختلُّ نظامه، وتضطرب ملكاته، وتتشتَّت قدراته وإمكاناته، ويفقد شيئًا من راحته وحرِّيَّته، ولا يكون على طبيعته وسجيَّته. وكلُّها -أي الطُّقوس- شخصيَّة فرديَّة؛ تختلف من كاتب لآخر؛ منها ما يتعلَّق بالأزمنة، ومنها ما يتعلَّق بالأمكنة، ومنها ما يتعلَّق بالمظهر، ومنها ما يتعلَّق بالجوهر، ومنها ما يتعلَّق بالسُّلوك -قبل الكتابة أو في أثنائها- أو بالأسلوب أو بالسبيل أو بالوسيلة؛ فبعضُّ الكُتَّاب يُفضِّل الكتابة في وقت مُعيَّن، وبعضهم يُفضِّلها في مكان مُعيَّن، وبعضهم يُفضِّلها بيده أو بآلة أو بأداة مُعيَّنة، وبعضهم يُفضِّلها بهيئة أو كيفيَّة مُعيَّنة، وبعضهم يُفضِّلها وهو على حالة مُعيَّنة...، ومن الأمثلة على ذلك -والأمثلة كلُّها من حصاد مُحرِّكات البحث، وعلى ذمَّة قائلها-:


- "كانت (أجاثا كريستي) تجلس في البانيو ساعات طوالاً حتى تجد القصة الملائمة وتضيف: لا أستطيع وضع التصاميم إلا في الرياح الممطرة، أما إذا أشرقت الشمس فيكون أحب شيء الى نفسي هو الجلوس في الحديقة. ففي الأيام العشرة قبل الأخيرة قبل البدء في الكتابة أحتاج لتركيز محكم. عليّ أن أظل وحدي دون ضيوف ودون تلفون ورسائل".


- "كان (بورخيس) يغطس في الصباح الباكر في حوض الاستحمام ليستغرق في التأمل وليناقش الحلم الذي حلمه الليلة الفائتة، وليدرس إن كانت فكرة الحلم تنفعه في صياغة أدبية ما، فإذا اهتدى إلى البداية والنهاية لم تكن لديه صعوبة في استمرار معالجته للنص".


- "كان (جابريال جارسيا ماركيز) يؤمن بأن الأزهار على منضدته تجلب له الحظ، وقد ذكر أنه يستهلك مئات الأوراق حتى يستخلص قصة في اثنتي عشرة صفحة. وكان لا يبدأ الكتابة إلا عندما يرتدي لباس ميكانيكي".


- "كان (يوسا) يكتب وأمامه دمى لأفراس النهر".


- "كان (أحمد شوقي) يكتب في المقاهي وعلى أوراق علب السجائر، وكان يترنم في شعره على شاطئ النيل".


- "كان (نزار قباني) لا يستخدم إلا الورق الملون في كتابته. وكان لا يكتب إلا وهو في كامل أناقته.
وكانت زوجته (بلقيس الراوي) لا تمرّ من أمامه عندما تراه يكتب بل تمرّ من خلف كرسيه وتضع له الشاي أو القهوة، وذلك حتى لا تقطع حبل أفكاره.".


- "لا يكتب (محمد حسنين هيكل) مقاله الأسبوعي إلا بعد العاشرة مساءً".


- "كان (مصطفى صادق الرافعي) لا يكتب إلا في الليل".


- "كان (أنيس منصور) لا يكتب إلا في الساعة الرابعة صباحًا".


- "كان (أسامة أنور عكاشة) لا يبدأ في الكتابة إلا عندما يشرب كأس شاي وبعد الشاي كأس نسكافيه وبعد ذلك كأسا من العصير وبعد العصير قهوة تركية وحوالي تسعين سيجارة. وكان -مثل (العقَّاد)- لا يكتب إلا بعد أن يرتدي بيجامته".


- "كان (تولوستوي) يرتدي لباس الفلاحين قبل الكتابة".


- "كان (بنيامين فرانكلين) يمضي الصباح عاريًا.


- "كان الصباح هو الوقت الأفضل للكتابة لدى (وليم فوكنر)، على الرغم من أنه خلال حياته درّب نفسه على التكيّف مع أكثر من روتين للعمل متى ما اقتضت الضرورة ذلك".


- "لم يكن (مارك توين) يعمل أيام الآحاد؛ بل يقضيها مع أسرته، ويقرأ ويستمتع بأحلام اليقظة في بقعة ظليلة من المزرعة. وكان يدخن السيجار باستمرار سواء كان يكتب أو لا".


- "لم تكن (باترشيا هايسميث) تأكل غير لحم الخنزير والبيض".


- "كانت (جين أوستن) تكتب في غرفة جلوس العائلة، مُعرّضة لكل أنواع المقاطعة. وكانت تحرص على ألا تلفت انتباه الخدم والزوار وأي شخص لا ينتمي لعائلتها المقربة".


- "عندما تقدم به العمر وجد (هنري ميللر) أن كل ما يكتبه بعد الظهر غير ضروري وغير مقنع. قال في إحدى مقابلاته: "أنت لا تؤمن بتجفيف المنابع، أليس كذلك؟ أؤمن بأنني يجب أن انهض وابتعد عن الآلة الكاتبة ما دام لديّ المزيد لقوله”. ساعتان أو ثلاثة في الصّباح كانت كافية له، وكان يركز على أهمية المحافظة على نمط إبداعي يوميّ وثابت".


- "يقول (إرنست همنغواي): عندما أعمل على قصة أو كتاب أبدا كلّ صباح ما إن يطلع الضوء، لا أحد يقاطعك والمكتب بارد وتدفئه بالكتابة، أكتب بلا توقف، أتوقف عندما أعرف ما سيحدث لاحقًا. اكتبْ حتى تعرف أنك ما زلت تملك المزيد من عصير الكتابة، أنك ما زلت تعرف ما سيحدث".


- "يقول (فلاديمير نابوكوف): أبدأ يومي بالعمل وقوفًا في غرفة المكتب، وعندما تترك الجاذبية الأرضية أثرها على مؤخرتي أجلس على كرسيي المريح ذو الذراعين أمام طاولة الكتابة".


- "يقول (هينري ميللر): بعد الظهر؛ اعمل على الجزء الذي في يدك. متتبعاً خطة دقيقة. لا اختراقات، لا تسريبات. اكتب من أجل إنهاء مقطع واحد في وقت واحد. من أجل الخير ولمصلحة الجميع. في المساء: قابل الأصدقاء، اقرأ في المقاهي".


- "تقول (سيمون دو بوفوار): أشرب الشّاي أولاً، ثمّ أبدأ الكتابة في العاشرة صباحاً وحتى الواحدة بعد الظهر. ثم التقي بالأصدقاء عند الخامسة وأعود للعمل حتى التاسعة ليلاً".


- "تقول (مارلين روبنسون): لستُ قادرة على الانضباط. وتكمل: أكتب عندما تسيطر علي الرغبة في الكتابة بقوّة. عندما لا أشعر بذلك لا أكتب، لا أكتب مهما حاولت. حتى وإن أردت العمل على كتابة شيء من أجل الاستمرار فإنني أنتهي إلى كره ما …".


- "تقول (مايا انجيلو): أحاول دائما جعل منزلي جميلاً، وأنا لا أستطيع الكتابة في محيط جميل. ذلك يشغلني".


***


محاور النِّقاش:


1- أطلعنا -كرمًا- على طقوسك في الكتابة؟

2- ما الثَّوابت في طقوسك في الكتابة -تلك الَّتي لا تحيد عنها أو تتنازل- وما المُتغيِّرات فيها؟

3- ما هي التَّأثيرات (الإيجابيَّة والسَّلبيَّة) التي تُخلِّفها (طقوس الكتابة) على المُنتَج الإبداعي والمُبدِع ثمَّ على تجربته الإبداعيَّة عمومًا؟

4- إلى أيِّ مدى يكون المُبدع أسيرًا لطقوسه في الكتابة؟ وهل يُمكن له التَّخلي عنها -كلِّها أو بعضها- دون أنْ يختلَّ إبداعه أو استمتاعه؟

5- عند شروعك في كتابة؛ هل تستند -فقط- إلى مخزونك الذَّاتي؛ أم تستند إلى بعض القواميس أو المراجع أو الكتب التي قد تُعينك في بناء نصٍّ يمثلك أنت بلا شك.. ولكنه أبحر معك ومع من سبقوك..؟


في انتظاركم، يا أحبَّة، فكونوا معنا،
نسعد بملاحظاتكم القيِّمة، وبكم نُرحِّب.



 

محمد سلمان البلوي غير متصل