منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - بُرونْز
الموضوع: بُرونْز
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2022, 02:47 AM   #39
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50467

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


.



في القرن الرابع الهجري
كتب أبو حيّان التوحيدي إلى أبي الوفاء البوزجاني
رسالة يشكو فيها حاله..





فصل خلّصني أيها الرّجل من التّكفّف، أنقذني من لبس الفقر، أطلقني من قيد الضرّ، اشترني بالإحسان، اعتبدني بالشّكر، استعمل لساني بفنون المدح، اكفني مؤونة الغداء والعشاء.

إلى متى الكسيرة اليابسة، والبقيلة الذّاوية، والقميص المرقّع، وباقليّ درب الحاجب، وسذاب درب الرّوّاسين؟
إلى متى التأدّم بالخبز والزّيتون؟ قد والله بحّ الحلق، وتغيّر الخلق، الله الله في أمري، اجبرني فإنني مكسور، اسقني فإنني صد، أغثني فإنني ملهوف، شهّرني فإنني غفل، خلّني فإنني عاطل.

قد أذلّني السّفر من بلد إلى بلد، وخذلني الوقوف على باب باب، ونكرني العارف بي، وتباعد عني القريب منّي...

أيّها السيّد، أقصر تأميلي، ارع ذمام الملح بيني وبينك، وتذكّر العهد في صحبتي، طالب نفسك بما يقطع حجّتي، دعني من التعليل الّذي لا مردّ له، والتسويف الّذي لا آخر معه.

ذكّر الوزير أمري، وكرّر على أذنه ذكري، وأمل عليه سورة من شكري، وابعثه على الإحسان إليّ.
افتح عليه بابا يغري الرّاغب في اصطناع المعروف لا يستغني عن المرغب، والفاعل للخير لا يستوحش من الباعث عليه.
أنفق جاهك فإنّه بحمد الله عريض، وإذا جدت بالمال فجد أيضا بالجاه، فإنّهما أخوان.

سرّحني رسولا إلى صاحب البطائح أو إلى أبي السؤل الكرديّ أو إلى غيره ممّن هو في الجبال، هذا إن لم تؤهّلني برسالة إلى سعد المعالميّ بأطراف الشام، وإلى البصرة، فإني أبلغ في تحمّل ما أحمل، وأداء ما أؤدّي، وتزيين ما أزيّن، حدّا أملك به الحمد، وأعرف فيه بالنّصيحة وأستوفي فيه على الغاية دع هذا، ودع لي ألف درهم، فإني أتّخذ رأس مال، وأشارك بقّال المحلّة في درب الحاجب، ولا أقلّ من ذا، تقدّم إلى كسج البقّال، حتّى يستعين بي لأبيع الدّفاتر. قلت: الوزير مشغول. فما أصنع به إذا فرغ، فالشاعر يقول:
" تناط بك الآمال ما اتّصل الشّغل" قد والله نسيت صدر هذا البيت، وما بال غيري ينوّله ويموّله مع شغله، وأحرم أنا؟! أنا كما قال:
وبرق أضاء الأرض شرقا ومغربا
وموضع رجلي منه أسود مظلم


والله إنّ الوزير مع أشغاله المتّصلة، وأثقاله الباهظة، وفكره المفضوض ورأيه المشترك، لكريم ماجد، ومفضل محسن...

وأنا الجار القديم، والعبد الشاكر، والصاحب المخبور، ولكنّك مقبل كالمعرض، ومقدّم كالمؤخّر، وموقد كالمخمد، تدنيني إلى حظّي بشمالك، وتجذبني عن نيله بيمينك، وتغذّيني بوعد كالعسل، وتعشّيني بيأس كالحنظل، "ومن كان عتبه علي مظنّة عيبك، فليس ينبغي أن يكون تقصيره على تيقّنه بنصرك" .

نعم، عتبت فأوجعت، وعرفت البراءة فهلّا نفعت؟ والله ما أدري ما أقول، إن شكرتك على ظاهرك الصّحيح لذعتك لباطنك السقيم، وإن حمدتك على أوّلك الجميل، أفسدت لآخرك الذي ليس بجميل.

قد أطلت، ولكن ما شفيت، ونهلت وعللت، ولكن ما رويت.
وآخر ما أقول: افعل ما ترى، واصنع ما تستحسن، وأبلغ ما تهوى، فليس والله منك بدّ، ولا عنك غنىّ.

والصّبر عليك أهون من الصّبر عنك، لأنّ الصّبر عنك مقرون باليأس، والصّبر عليك ربّما يؤدّي إلى رفع هذا الوسواس، والسّلام لأهل السلام.



 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس