منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أدعياء الثقافة و إعياء الثقافة ... ( للتفاعل )
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2008, 09:37 PM   #6
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

افتراضي


ربّما علينا أن نسأل أنفسنا : من هو المثقّف ؟ و كيف يكون الواحد منّا مثقّفا ؟

مصطلح الثقافة , مصطلح واسعٌ بحدّ ذاته إذ لا معالم واضحة له , فالثقافة في اللغة هي الحذق و الفهم , و الثّقافة بمفهومها الخاص هي الخبرات و العلوم و الآداب الّتي يمتلكها الشخص و يترجمها بسلوكياته و تصرفاته , أما الثقافة بالمصطلح الغربي , و التي تظهر في كتابات عدد من علماء الاجتماع الّذين وضعوا تعريفا للثقافة أمثال" ليسنج " و " فيكو" و " فولتير" - متأثرين طبعاً بابن خلدون- , فهي قدرة الشّخص على التعامل مع المجتمع من حوله و فهمه لقوانينه و أعرافه و تقاليده و تماشيه مع السلوكيات الفردية و الجماعية من حوله .

اذن الثقافة لا تعني حالة الانسان العلمية الرفيعة المستوى فحسب , بل هي أيضا , قدرة الفرد على فهم الآخر و التعامل معه كوجود , و هي نتاج خبراتٍ كثيرة ليسَ اوّلها التّعلم و لا آخرها الأكاديمية ..

اذن لا يكفي ان يحفظ البعض مقولة لغوته و رواية لشكسبير و قصيدة للمتنبي ليكون مثقفا , فالثقافة أمر داخلي , شخصي يخصّ الذّهن ..

و من وجهة نظري أنّ الحوار هو السّلاح الوحيد القادر على كشف ثقافة الانسان العامة والخاصة و قدرته على تفهّم الآخر و الايمان بوجوده و بحتمية و ضرورة التواصل معه , إذ أنّه ليس وحيدا , بل هو جزءٌ لا يتجزأ من كلّ .


أرى أنه لا يمكننا تعميم الأمر الذي ذكرته - عن مدّعي الثقافة - , في حين لا شكّ طبعاً بامتلاء الصّحف و المنتديات بالغثّ و عديم الفائدة و الهرجِ المبنيّ على ثقافةٍ ضحلة تكاد لا تتجاوز حدود الأنا و المفاخرة .
و لكن رغمَ ذلك فإن القارئَ المتمكّن قادرٌ على كشفِ خلفيّاتِ المقالاتِ و النّصوص التي يقرأ , إذ أنّ كلّ ما يقرأه الانسان يضيف لثقافته و خبرته في الحياة , حتّى يصبح قادرا على اكتشاف مواضع الضّعف عند الكتّاب ..

و قد أجد هنا نفسي على مفترق طريقين , فهناك كاتبٌ يكتب ليتعلّم , و قد لا تكونُ ثقافتهُ عاليةً و خبراته كبيرة و لكنّه يكتبُ و يعلمُ انّه يتعلّم , هذا الكاتب يجب أن يقف الجميع معه , يعلّموه و يتعلّمون منه , فليس هناك أحدٌ مكتمل الثّقافة بكافّة أركانها , و العلم عمليّة مستمرّة باستمرار الحياة .

و في الطّريق الآخر تجد دنجوانا كتابياً , يكتبُ فيصطنعُ المعرفة و يحاورُ من على صخرةٍ و يتشبّثُ برأيهِ رافضاً كلّ سبلِ الحوار و التبادل الفكري مع الآخر , و أعتقد أن مثل هؤلاء لن يستمروا طويلا لا في الصحف و المجلات و لا في الملتقيات الأدبية الراقية .

:

الأستاذ حمد الرّحيمي :

شعاعٌ من نورٍ أنت , دائماً ما تفتحُ افقَ الحوار و تدعونا للتّحليق .

عُذرا للإطالة و شُكراً تليقُ بك .

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ


التعديل الأخير تم بواسطة د. منال عبدالرحمن ; 07-21-2008 الساعة 09:44 PM.

د. منال عبدالرحمن غير متصل   رد مع اقتباس