منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ورقة و وريقة
الموضوع: ورقة و وريقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-26-2020, 09:21 PM   #7
عامر بن محمد
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية عامر بن محمد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1581

عامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعةعامر بن محمد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


قال ابومحمد (ابن حزم )
..وكثير من الناس يطيعون أنفسهم ويعصون عقولهم ويتبعون أهواءهم، ويرفضون أديانهم، ويتجنبوا ما حض الله تعالى عليه ورتبه في الألباب السليمة من العفة وترك المعاصي ومقارعة الهوى ويخالفون الله ربهم، ويوافقون إبليس فيما يحبه من الشهوة المعطية فيواقعون المعصية في حبهم. وقد علمنا أن الله عز وجل ركب في الإنسان طبيعتين متضادتين: إحداهما لا تشير إلا بخير ولا تحض إلا على حسن ولا يتصور فيها إلا كل أمر مرضي، وهي العقل، وقائده العدل. والثانية: ضد لها لا تشير إلا إلى الشهوات، ولا تقود إلا إلى الردى، وهي النفس، وقائدها الشهوة. والله تعالى يقول: "إن النفس لأمارة بالسوء". وكنى بالقلب عن العقل فقال: "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد". وقال تعالى: "وحبب ألكم الإيمان وزينه في قلوبكم". وخاطب أولي الألباب.

فهاتان الطبيعتان قطبان في الإنسان، وهما قوتان من قوى الجسد الفعال بهما، ومطرحان من مطارح شعاعات هذين الجوهرين العجيبين الرفيعين العلويين ففي كل جسد منهما حظه على قدر مقابلته لهما في تقدير الواحد الصمد، تقدست أسماؤه حين خلقه وهيأه. فهما يتقابلان أبداً ويتنازعان دأباً، فإذا غلب العقل النفس ارتدع الإنسان وقمع عوارضه المدخولة واستضاء بنور الله واتبع العدل وإذا غلبت النفس العقل عميت البصيرة، ولم يصح الفرق بين الحسن والقبيح، وعظم الالتباس وتردى في هوة الردى ومهواة الهلكة، وبهذا حسن الأمر والنهي، ووجب الاكتمال، وصح الثواب والعقاب، واستحق الجزاء. والروح وأصل بين هاتين الطبيعتين، وموصل ما بينهما، وحامل الالتقاء بهما وإن الوقوف عند حد الطاعة لمعدوم إلا بطول الرياضة وصحة المعرفة ونفاذ التمييز، ومع ذلك اجتناب التعرض للفتن ومداخله الناس جملة والجلوس في البيوت، وبالحري أن تقع السلامة المضمونة أن يكون الرجل حصوراً لا أرب له في النساء ولا جارحة له تعبنه عليهن قديماً.

وورد: من وقى شر لقلقه وقبقبه وذبذبه فقد وقى شر الدنيا بحذافيراها. واللقلق: اللسان. والقبقب: البطن. والذبذب: الفرج ولقد أخبرني أبو حفص الكاتب هو من ولد روح بن زنباع الجذامي، أنه سمع بعض المتسمين باسم الفقه من أهل الرواية المشاهير، وقد سئل عن هذا الحديث فقال: القبقب. البطيخ.

وحدثنا أحمد بن محمد بن أحمد، ثنا وهب بن مسرة ومحمد بن أبي دليم عن محمد بن وضاح عن يحيى بن يحيى عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار، أن رسول الله ﷺ قال في حديث طويل: "من وقاه الله شر اثنتين دخل الجنة". فسئل عن ذلك فقال: "ما بين لحييه وما بين رجليه".

وإني لأسمع كثيراً ممن يقول: الوفاء في قمع الشهوات في الرجال دون النساء فأطيل العجب من ذلك، وإن لي قولاً لا أحول عنه: الرجال والنساء في الجنوح إلى هذين الشيئين سواه، وما رجل عرضت له امرأة جميلة بالحب وطال ذلك ولم يكن ثم من مانع إلا وقع في شرك الشيطان واستهوته المعاصي واستفزه الحرص وتغوله الطمع، وما امرأة دعاها رجل بمثل هذه الحالة إلا وأمكنته، حتماً مقضياً وحكماً نافذا لا محيد عنه البتة.

ولقد أخبرني ثقة صدق من إخواني من أهل النماء في الفقه والكلام المعرفة وذو صلابة في دينه، أنه أحب جارية نبيلة أديبة ذات جمال بارع، قال: فعرضت لها فنفرت، ثم عرضت فأبت. فلم يزل الأمر يطول وحبها يزيد، وهي لا تطيع البتة، إلى أن حملني فرط حبي لها مع عمي الصبي على أن نذرت أني متى نلت منها مرادي أن أتوب إلى الله توبة صادقة. قال: فما مرت الأيام والليالي حتى أذعنت بعد شماس ونفار. فقلت له: أنا فلان، وفيت بعهدك؟ فقال: أي والله، فضحكت.

وذكرت بهذه الفعلة ما لم يزل يداول في أسماعنا من أن في بلاد البربر التي تجاور أندلسنا يتعهد الفاسق على أنه إذا قضى وطره ممن أراد أن يتوب إلى الله، فلا يمنع من ذلك. وينكرون على من تعرض له بكلمة ويقولون له: أتحرم رجلاً مسلماً التوبة.

قال: ولعهدي بها تبكي وتقول: والله لقد بلغتني بملغاً ما خطر قط لي ببال، ولا قدرت أن أجيب إليه أحداً.

ولست أبعد أن يكون الصلاح في الرجال والنساء موجوداً. وأعوذ بالله أن أظن غير هذا، وإني رأيت الناس يغلطون في معنى هذه الكلمة، أعني الصلاح، غلطاً بعيداً والصحيح في حقيقة تفسيرها أن الصالحة من النساء هي التي إذا ضبطت انضبطت، وإذا قطعت عنها الذرائع أمسكت. والفاسدة هي التي إذا ضبطت لم تنضبط، وإذا حيل بينها وبين الأسباب التي تسهل الفواحش تحيلت في أن تتوصل إليها بضروب من الحيل. والصالح من الرجال من لا يداخل أهل الفسوق ولا يتعرض إلى المناظر الجالبة للأهواء، ولا يرفع طرفه إلى الصور البديعة الصنعة، ويتصدى للمشاهد المؤذية، ويحب الخلوات المهلكات والصالحان من الرحال والنساء كالنار الكامنة في الرماد لا تحرق من جاورها إلا بأن تحرك والفاسقان كالنار المشتعلة تحرق كل شيء.

 

عامر بن محمد غير متصل   رد مع اقتباس