في البدء كانت الكلمة ومنها بدأت مسيرة البشرية
وحين بدء الانسان يلامس الحياة ويتخبط بين امواجها المسافرة بين المعاناة والنشوة
واليأس والامل والدمع والابتسام كانت حاجته الي التعبير عما يعصف في داخله
من جميع المشاعر والانفعالات ومن هنا نشأت وظيفة الاديب والشاعر
ان الانسان في جميع مراحل حياته يكون في حاجة الي اكتشاف الحقيقة
والعثور علي طريق النور ومهمة الاديب ان يوظف موهبته لمساعدة غيره من الناس
في معالجة هذا الظمأ المرافق للانسان
وهذا الجوع المستمر الي الضياء والجمال ومخاطبة الروح
اذن للاديب رسالة وقضية يعيش من اجلها ويتفاني فيها لراحة غيره
ووحدة الكاتب الذي يفهم جيدا معني هذه الرسالة جدير بلقب اديب
ولان الكلمة التي تخرج من القلب تصل الي القلب
والتي تخرج من اللسان لا تتجاوز الاذان
كما قال الامام علي رضي الله عنه
فان القاريء يتفاعل فقط مع الكلمة الصادقة ولا يقف لحظة امام كلمات الزيف
ومن هنا يتضح التفسير لحالة الفقر الادبي والشعري الذي يشهده عالمنا هذه الايام
ان القاريء العربي في كونه انسانا ذا عواطف غنية ومطالب روحية كثيرة
ماعاد يقبل الاستهانة بمشاعره ولا بمستواه الفكري ولا بحاجاته الروحية
وماعاد يرضي ان يقرأ كلمات زائفة تخطها يد كاتب
لا يدرك بعد وظيفة الادب ولا طهارة الكلمة
ولذا نجد اقلية صغيرة من الادباء في عالمنا العربي الواسع
تكسب ثقة جمهورها وتسكن بين مشاعره
ان الفوز بثقة القاريء ومحبته يبدء من باب الصدق وينتهي عنده
واي عمل ادبي لا يقدر علي مخاطبة نفوس من يتوجه اليهم هو عمل فاشل
ان الاديب ليس رتبة او شهرة او تاجرا يستثمر كلماته في خدمة مصالحه
او مصالح فئة معينة من الناس
بل ان الاديب روح نظيفة وكلمة غنية بالمعاني ونفس مثقفة بالجمال
ومن لايستطيع ان يستوفي هذه الشروط اللازمة لرسالة الادب
حري به ان لا يكتب
"""""""""""