منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مقامات أبعادية 24/12/2010
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 07:02 PM   #1
أكرم التلاوي
( شاعر وكاتب )

افتراضي مقامات أبعادية 24/12/2010


في هذا المتصفح سأضيف كتابات أعضاء أبعاد أدبية في جريدة الصباح الكويتية لهذا اليوم 24/12/2010
لنتشارك لذتها وروعتها




يجوز للشاعر نعم !!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بقلم الأستاذ الجميل فهد دوحان


هل يجوز للشاعر مالا يجوز لغيره، في ظل اختلاف المفاهيم البشرية واستغلال البعض لها شعريا؟!
نعم ويجوز لغيره اكثر منه اذ الامر مثلا يتجلى عاليا – بشكل آخر - ويختلف بالطريقة لا بالمبدأ حين نعلم ان حبر الامة وترجمان القرآن عبدالله ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يردد من شعر عمر بن ربيعة في الوصف والتمني، اذ جاز له وهو من يغنيه اسمه لنقول اكثر مما نريد القول عنه كإمإم التفسير وفقيه عصره، ومسنده ألف وست مئة وستون حديثا ،له من ذلك في «الصحيحين» خمسة وسبعون، وتفرد البخاري له بمئة وعشرين حديثا، وتفرد مسلم بتسعة أحاديث. اذ عرف رضي الله عنه القيمة العظيمة للشعر الذي نزلت فيه سورة كاملة، وذكر في اكثر من موضع في اعظم كتاب أنزله الله على نبي، فالذي تعـّرف على الحديث الشريف، وسمعه من مصدره النبوي ورأى وسمع من نبيه كيف كان يستمع الى الكثير من شعر امية ابن ابي الصلت الذي ابى الاسلام، فابن عباس عرف انه - وهو من اهم رواة الحديث - انه يجوز له مالا يجوز لغيره كالغاوين مثلا لا كما كان رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم يسمع البديع منه حتى انه يحب ان يسمع من شعر امية الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: كاد امية بن ابي الصلت ان يسلم.
فلأمية وصف لحملة العرش قائلا:
فمن حامل إحدى قوائم عرشه
ولولا إله الخلق كلوا وأبلدوا
قيام على الأقدام عانون تحته
فرائصهم من شدة الخوف ترعد

أو قوله :
أرّباً واحداً أم ألف ربٍّ
أدين إذا تقسمت الأمورُ
ولكن أعبد الرحمن ربي
ليغفرَ ذنبيَ الربُّ الغفورُ

وقوله :
إلـهُ العالمين وكلِّ أرضٍ
ورب الراسيات من الجبال
بناها وابتنى سبعاً شداداً
بلا عَمدٍ يُرَيْنَ ولا رجال
وشقَّ الأرض فانبجست عيوناً
وأنهاراً من العذب الزلال
وبارك في نواحيها وزَكَّى
بها ما كان من حرّثٍ ومالِ
فكل معمَّرٍ لا بد يوماً
وذي دنيا يصير إلى زوالِ
ويفنى بعد جدَّته ويبلى
سوى الباقي المقدَّس ذي الجلالِ


ومن شعر أمية البديع ما قاله يمدح أحد أجواد العرب المعروفين عبدالله بن جدعان التيمي :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
حياؤك إن شيمتك الحياء
وعلمك بالحقوق وأنت فرع
لك الحسب المهذب والسناء
كريم لا يغيره صباح
عن الخلق الجميل ولا مساء
يباري الريح مكرمة وجودا
إذا ما الكلب أحجره الشتاء
وأرضك أرض مكرمة بنتها
بنو تيم وأنت لها سماء
إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء ..!


بما انه ليس لي الحق في تفسير ما فسرته العرب قبلي بعقود ٍ طويلة حول مقولة «يجوز للشاعر مالا يجوز لغيره» وخصوصا «في ظل إختلاف المفاهيم البشرية واستغلال البعض لها شعريا» ففتحوا المفاهيم «بحري» والقيم «قـِـبلي»!!
عموما فقد رأوا انه يجوز له من حيث مخالفة اللغة وتكسير القواعد، وكذلك يجاز له التطرق لمواضيع بمنتهى الحساسية، ولكن دون أن يثير حفيظة اي من الناس، فلغويا يجوز للشاعر ليّ القوافي وكذلك مخالفة قواعدها أو واللجوء الى الضعيف والواهي والغريب منها.. دون ان يضطر مثلا الى القيام بأي من الآمور دون تعمد فيخلط زيت الشعر بماء التسرع ليقنعنا انه كان على علم بطعم العجينة «الهجينة»!
ولعل البعض منا يعلم ان الناقد العربي الكبير الشهير عبدالقاهر الجرجاني له كتابا بعنوان «الوساطة بين المتنبي وخصومه « الذي اورد فيه اخطاء ً لغويةً لاتعبر العقل لكبرها قد وقع فيها المتنبي الشاعر العظيم، غير انه كذلك – واعني الجرجاني - يتحيز للمتنبي ويلتمس له العذر اعتمادا على القاعدة اياها!
اما بالنسبة لاختلاف المفاهيم، فهي لم تختلف في هذه المقولة فحسب بل في كل شيء، بكل ماتعنية الكلمة، غير اني ارى الضابط لها هو ضمير الشاعر وصدقه سواء كان جاهليا او معاصرا!
ولكن هذا لايعني وقوع الشاعر في اخطاء كبرى بحجة الجواز له كما هي قصة الشاعر المتلمس «جرير بن عبد المسيح الضبعي» حين كان ينشد الشعر عند احد الملوك فقال:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره
بناج ٍ عليه الصيعرية مُـكدَم
و«بناج» يعني فحلا، و«الصيعرية» سمة في عنق الناقة لا للفحول
فقال فقال طرفة بن العبد: «استنوق الجمل»! أي جعله كالناقة في دلِّها فضحك الناس!
وياما ضحكنا!!

 

التوقيع

وشلون لا نمتي على صدر مغليك
وخاف ايتنفس يوقظك من منامك

ما بذَّر انفاسه لجل ما يصحيك
وشلون خفتي لا يبذِّر غرامك !

أكرم التلاوي غير متصل   رد مع اقتباس