منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الشيء الذي ترك لسانه عندي وذهب...
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2014, 04:28 AM   #1
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... أغنية
0 *Symbology*
0 حَكايا
0 ... وجه

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي الشيء الذي ترك لسانه عندي وذهب...



مرحباً


أنا فقـد
فقـد فقط، هكذا مع مدّ بين القاف والدال
فَقْـ دْ... بدون تنوين، لأن اسمي مثل كل الأسماء ممنوع من الصرف
وبدون قلقة، وبفتح الفاء لأني مثل كل الأسماء، لا يمكن أن أكون فعلاً مبنياً للمجهول، أو حتى للمعلوم
ولا يمكن أن أضاف لأل التعريف
ولست نكرة، ولا معرفة
ولست فقّود، أو فقّودة، أو حتى دودة
أنا... فقـد، فقـد فقط

ستكتشفون لاحقاً بأن فقـد ليس اسمي الحقيقي
وستكتشفون أنه بلا معنى، وربما لا يشبهني كثيراً. ولو تساءلتم عن السبب الذي دفعني لكي أسمي نفسي اسماً درامياً كفقـد
ستخيب آمالكم، لأن الإجابة على سؤالكم هذا بالذات، غبية وسطحية وبلا قيمة
تشبه الجواب الأبله الذي كتبه أخي في امتحان الجغرافيا عندما سألوه: عرف المياه الإقليمية، فكتب بكل جرأة: هي البطاطا المقلية!
وصدقوني، لا أعرف مالذي دفعه لأن يكتب جواباً فارغاً وغبياً كتلك الإجابة التي يعرف حتماً أنها خاطئة
لكنه فخور جداً بالجانب الفكاهي من إجابته، والذي دفعنا جميعاً، حتى أبي الذي لا يمزح في موضوع الدراسة، للضحك
وصارت إجابته تلك مثال نحكيه للتدليل على الغباء.

قالت أمي مرة بأنهم كانوا سيسموني "سَحَرْ"
نعم سحر، ولسبب سخيف أيضاً، فقد كانت أمي تتابع مسلسلاً أو فيلماً أو شيئاً ما تمثل فيه "سحر رامي"
وقررت أمي وقتها أن المخلوقة المجعدة مختلطة الملامح والتي اندفعت تواً من رحمها، تشبه "سحر رامي"
تقول بأن السبب الأكبر هو شعري الداكن، وعيوني البنية، وبشرتي الحنطية...
شخصياً لا أعرف "سحر رامي" كثيراً لكني أؤكد لكم بأنها لا تشبهني، ولا يمكن أن تشبهني عند ولادتي لأني كنت أشبه الفأرة!
وقتها وقف عمي، أحد أعمامي الكثيرين، وقف في وجه أمي ورفض التسمية تماماً...
أبي كان منشغلاً عن كل شيء باللعب بالمخلوقة الصغيرة التي سقطت بين أحضانه فجأة،
كان يبلغ من العمر 24 عاماً، وأعتقد بأنه تخيل شكل حياتي كلها في اللحظة التي ألقى فيها الأذان على أذني
تخيل كمية الأوامر التي سيلقيها عليّ، المدرسة التي سأدرس فيها، الملابس التي سأرتديها،
الألعاب التي سيشتريها لي، وتخيل شكله وهو أب للمرة الأولى
عندما اشترى لي أبي دراجتي الأولي، كنت في الثالثة من عمري،
وكانت دراجتي زرقاء فيها شرائط زرقاء وسلة صغيرة في الأمام وعجلتين صغيرتين في الخلف للاتزان
وقتها قالت أمي بأن أبي يعلمني على أشياء الفتيان. قال أبي بأنه يريدني حرة ومتمردة
أنا متأكدة من أنه نادم جداً على ذلك الآن!


عندما كبرت قليلاً، أقل بكثير من الآن...
أردت أن أغير اسمي إلى "سارا" اسم خفيف ولطيف وسهل في الكتابة
لكن لم يتقبل أحد الفكرة، ولا حتى صديقي الوحيد "عبدالله" والذي كان يعيش في المنزل المقابل لبيتنا
طلب مني أن أكف عن إخبار الآخرين بأن اسمي "سارا"، لأنه لا يشبهني.
كان "عبدالله" يعشق كابتن ماجد في تلك الفترة، لذلك قال بأن الاسم الوحيد الذي قد يليق بي هو "لانا"
"لانا" أيضاً سمراء وذات شعر داكن وقصير مثلي، وكانت شرسة وقوية، لذلك وافقت "عبدالله" وقررت أن أسمي نفسي "لانا"
أخبرت آمي في اجتماعنا الأسري، نعم صرنا أسرة فقد أنجبت أمي أختي نورة وأخي أحمد بعدي بأربع سنوات فقط،
أخبرتها بأن تناديني "لانا" لأنه اسمي الجديد
لكن أمي رفضت رفضاً قاطعاً،
وقالت بأن الاسم الوحيد الذي قد تناديني به غير اسمي هو: أورسولا، الساحرة الشريرة في فيلم حورية البحر الصغيرة
يومها غضبت من أمي كثيراً، وقاطعتها فترة طويلة تجاوزت الساعتين. ربما كانت أطول فترة قاطعت فيها أمي بذلك الوقت.

ثم تنقلت بين مجموعة كبيرة من الأسماء
سميت نفسي أسماء كثيرة، أكثر من أسماء الكرة الأرضية
وعندما كنت في مرحلة المراهقة صرت أحب الكذب على الصبيان، وكنت أختار اسماً جديداً كلما تعرفت على واحد منهم
وكنت أهتم بأن يكون الاسم قصيراً وجذاباً ومغرياً.
كنت أستمتع كثيراً بالكذب، وطرح القصص الخيالية، ولم أعتقد أن واحداً منهم سيكون صادقاً معي،
صادقاً للدرجة التي كسرت فيها قلبه كثيراً... ولم أهتم!
ويبدو أن لعنته لاحقتني بعدها، حيث أنني وقعت في الحب بشكل غير جدي،
كنت في وضع سيء واكتشفني رجل يجيد اللعب بالنساء، ويجيد اكتشاف النساء العابثات
فتعابثنا معاً، وكذب كلانا على الآخر. ثم تناقصت كمية الكذب،
وتضاءلت للدرجة التي صار فيها يناديني باسمي الحقيقي هكذا أمام الملأ، وأصبح عريّنا واضحاً للآخرين
حتى وصلنا إلى تلك النقطة التي يصل إليها المتعابثين بالعادة،
النقطة التي نتراجع فيها إلى الخلف، ونسقط وسط أنفسنا، ونكتشف أننا فقدنا قدرتنا على الركض
وعندما سقطت كل القيود، قررت أن أكفّ عن ابتكار الأسماء التي لا تشبهني، وأن أتعرف على نفسي الحقيقية. عليّ أنا.

وفي وسط المعمعة، هكذا وبدون سابق إنذار، شعرت بالجوع، جوع شديد، واشتهيت البيتزا
أخبرت شخصاً ما، الشخص الذي سأقع في حبه وسأتزوجه لاحقاً ولسبب سخيف جداً، أخبرته بأني آشتهي البيتزا.
ذهب هذا الشخص وأحضر لي قرص بيتزا لذيذ جداً، لكنه نسي أن يخبرهم بأني لا أحب البصل!
لذلك قام هذا الشخص بإزالة كل حبات البصل بيديه، قطعة قطعة، قبل أن يعطيها لي. ولهذا السبب وقعت في حبه.

استمر هذا الشخص في إزالة كل الأشياء التي لا أحبها من حياتي
قطعة قطعة، هكذا بيديه وعينيه وفمه، وصار بالنسبة لي بطلي الخارق، صار جزءاً لا يتجزأ من جسدي، من روحي
لوحده اكتشف اسمي الحقيقي، لوحده اكتشف الجرح العميق في ظهري والذي لم أكن أعرف بأنه مازال واضحاً للآخرين،
ولوحده اخترع لي أسماء كثيرة، أسماء مشتقة من اسمي، أسماء تخصه لوحده وتعنيه لوحده... ولا يفهمها الآخرين
وعندما كنا أمام البحر ذاك اليوم قبل سبع سنوات، ناداني باسمي الجديد، الاسم الذي مازلت أحمله لليوم،
وختم كل شيء بقبلة عميقة على شفتي السفلى

الآن أنا زوجته منذ أربع سنوات، وأحمل ابننا الأول بين أحشائي
الطفل الذي مازلنا لا نعرف اسمه مع إننا قررنا أننا سنسميه سيف، مثل اسم أبي الغاضب مني لأني تمردت عليه كثيراً
لكني أحياناً أتراجع وأفكر بأسماء أخرى مثل: تيْـم... لأني كنت أحب "تيْماء" من مسلسل "العبابيد"،
لذلك كنت أفكر بإنجاب ولد أسميه "تيـم" وفتاة أسميها "تيـماء"
ويقول زوجي بأنه لا يهتم باسم الطفل، ويهتم بأشياء أخرى
أنا متأكدة من أنه الآن يتخيل شكل حياة طفله، يتخيل كمية الأوامر التي سيلقيها عليه،
المدرسة التي سيدرس فيها، الملابس التي سيرتديها، الألعاب التي سيشتريها له،
ويتخيل شكله وهو أب للمرة الأولى،
تماماً كما تخيل نفسه وهو زوج في تلك المرة التي ضحك فيها الشيطان علينا،
وفلت من بين أيدينا دون أن نحسب له حساباً يذكر.....

 

التوقيع

لماذا أكتبُ كلَّ جملةٍ في سطر؟
لا أدري،
ربَّما لأنَّه التَّوزيع البصري للكلمات بهذا الشَّكل
يُريحني،
ويُبهجني،
وربَّما لأنَّها البعثرة تُعجبني أكثر.

محمد البلوي/ تحت الأزرق بقليل

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس