( أمير التواضع ) ...
فقدت الكويت بانتقال اميرها جابر الى جوار ربه رجل دولة من الطراز الاول لعب دورا مميزا إبان فترة حكمه التي امتدت اكثر من ربع قرن.
اننا لم نفقد جابر كحاكم فقط, بل فقدنا انسانا تميز عن غيره من الحكام العرب بتواضعه ودماثة خلقه وبساطة حياته وعدم حبه للبهرجة الاعلامية... تميز عهده بالانجازات الكبيرة داخليا وخارجيا الا انه كان يفضل العمل بهدوء وعدم ابراز الانجازات, كلنا يذكر كيف انه كانسان مؤمن يرفض ابراز المساعدات الكويتية للاشقاء العرب والدول الاسلامية ودول العالم الثالث بشكل عام.
كان المغفور له انسانا حساسا وخجولا لاقصى درجة فقد عرف عنه تقديم المساعدات الانسانية للاسر والعائلات المحتاجة من المواطنين والمقيمين لكنه يرفض الاعلان او الافصاح عنها وكان لا يرد اي محتاج مهما كان طلبه, كان رحمة الله عليه مرهف الاحساس لدرجة انه فضل العزلة وعدم الخروج امام شعبه إبان فترة الغزو الغاشم خصوصا في الايام الاولى لانه كان متأثرا ومتألما لما حصل لشعبه وديرته ولا يريد ان يظهر امام شعبه المخلص والمحب له وهو انسان محبط ومقهور بسبب سياسة الغدر والخديعة التي اتبعها صدام عندما غزا بلده, كلنا نتذكر كيف وقف الامير الراحل في الامم المتحدة يدافع عن حق بلده في البقاء والاستمرار حيث بكى وابكى معه كل محبي الكويت والسلام في العالم ولشدة حساسية المرحوم ومسالمته رفض توقيع عقوبات الاعدام ضد المجرمين الا ما ندر.
بوفاة فقيد الكويت ستدخل الكويت مرحلة جديدة بتولي الامير الجديد مقاليد الحكم ليستمر على النهج الذي خطه الامير الراحل, ومن سبقه من حكام الكويت... الحاكم الجديد سيلتزم بالسياسات السابقة التي سار عليها حكام الكويت وهي سياسة العدل والمساواة والاعتدال والوسطية في تسيير الامور. لا يتسع المجال هنا لنذكر مناقب الامير الراحل في كل المجالات الاقتصادية او النهج الديمقراطي او السياسة الخارجية لكنني اتذكر جيدا اهتمامه الشخصي وحرصه على وحدة دول الخليج العربية.. فهو من بادر بالتفكير بانشاء مجلس التعاون الخليجي وكان يأمل ان تتحقق الوحدة الخليجية من خلال اعمال المجلس, فقد تم استدعائي لوزارة الخارجية القديمة وكان وكيل الوزارة في وقتها الاخ راشد الراشد وكان معنا مجموعة من الاكاديميين اتذكر منهم الاخ الدكتور حسن الابراهيم والدكتور محمد الرميحي ود.فهد الراشد وعيسى ماجد الشاهين حيث طلب منا وضع برنامج لكيفية تنفيذ فكرة سمو الامير الراحل بانشاء مجلس التعاون الخليجي وبقينا اكثر من عام نضع التصورات المختلفة وكان سموه يتابع ويناقش جميع ما نطرح من افكار مما يدل على حرصه على وحدة الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي.
تعازينا القلبية لاسرة آل الصباح الكرام ونخص بالذكره اخوة وابناء الفقيد كما نعزي الشعب الكويتي والامة العربية بفقدان قائد عربي كبير وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بقلم. د. شملان يوسف العيسى
/