منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قردة وخنازير (رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-25-2019, 10:16 PM   #18
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


)6)

الأخبار اجتاحت تارتاروس كلها..
)حادث اختناق جماعي في حانة النجوم الساهرة ).. والحادث تم بفعل فاعل.. وبما أن الحانة كانت مكتظة برجال الشرطة فالعمل لن يخرج عن كونه عمل إرهابي يحمل بصمة المتمردين.. وهكذا صار كل شرطي في المقاطعة مكلف بشكل رسمي وشخصي بالبحث عن الفاعل الأثيم..
الفاعل الذي كان يجوب الشوارع كالشبح لا يدري متى توقفه طلقة رصاص حاسمة..
إنه سعيد وينتظر الموت في أي لحظة.. إنه مسلح بمسدس أخذه من مهاب وهو يحتضر.. كان بإمكانه أن يطلق عليه رصاصة الرحمة، لكنه ظل واقفاً يرقبه وهو يتعذب.. أمل.. أرجو أن تهدأ روحك هناك..
زحام.. غبار.. تلوث.. عوادم سيارات تعمل بمياه الصرف.. رجال شرطة في الأزياء الرسمية وغير الرسمية يفتشون تحت كل حجر..
لكنه سعيد لأنه لأول مرة يشعر بالحرية الحقيقية..
هو غير خاضع للإدارة الطاغية.. ولا لمتمردي اليوم طغاة الغد.. لذا لم ينس أن يقف قليلاً على رأس عارف وهو يرتجف ارتجافة الموت.. أراد أن يريه نفسه قبل أن يموت.. أنا هو صانع هذا الجحيم.. أتمنى من كل قلبي أن يكون مصيرك عند خالقك أشد وأبكى..
مؤكد أن الأخبار وصلت للأسرة كذلك.. ولابد أنهم اكتشفوا حقيقة ما حدث.. لقد فقدوا عارف واختفى العضو الجديد.. يمكن بقليل من التحليل والخيال رسم الصورة كاملة والوصول إلى الجاني ربما قبل الشرطة.. لدينا هنا عنصر متمرد على الأسرة..
لابد أن هناك اجتماع طارئ عقد للأسرة في مكان جديد لا يعرفه العنصر المتمرد.. لابد أن رب الأسرة تكلم كثيراً عن الخطر الذي يحدق بهم..
ـ هناك شخص يعرف عنا الكثير يجوب الأن شوارع تارتاروس.. إنه مبتدئ لذا لن يمكث طويلاً قبل أن يسقط في قبضة الشرطة.. سيقومون بعصره قبل أن يرسلوه إلى هيدز..
ونظر في عيونهم على ضوء الكشاف الساقط من أعلى.. دائماً هناك واحداً في كل مقرات الأسرة السرية.. وأكمل :
ـ لابد أن نعثر عليه قبلهم..
ـ حياً؟..
تساءلت عفاف وهي تقرض أظافرها بعصبية.. طرق رب الأسرة على المائدة بأنامله كأنه مستغرق في التفكير.. بعد قليل صمت حسم أمره..
ـ حسب تقاليد الرفاق ينبغي أن نقبض عليه حياً ونحاكمه.. ونقدم تقرير للقيادة العليا .. لكن تعرفون أن هذا سيظل وصمة عار في جبين أسرتنا.. أسرة تارتاروس تمرد أحد أفرادها.. هل تتخيلون معي الفضيحة؟
هزوا رؤوسهم متفهمين..
حوالي عشرون صياداً سينتشرون في أرجاء تارتاروس بحثاً عن طريدة واحدة.. قالت عفاف وهي ترتجف بنشوة :
ـ أنا أولى به منكم.. فأنا وهو بلديات..
قال رب الأسرة :
ـ عفاف مهمتك هذه المرة ستكون إنقاذ شرف أسرتنا..

***

الشرطي شهاب كان صديقاً مقرباً من الشرطي مهاب وشلته الذين راحوا ضحية حادث حانة النجوم الساهرة.. لقد كان محظوظاً لأنه لم يكن معهم في ذلك اليوم، فهو لا يكاد يفارق شلة الحانة إلا نادراً..
مهاب وسمير وراشد.. شلة الدراسة والعمل.. والنزوات كذلك..
حينما علم الخبر حشى مسدسه بالطلقات ولم ينتظر التعليمات التي عممت على سائر أفراد الشرطة.. سيبحث عن الفاعل بمفرده، وسيمثل به..
هناك متمرد قام بتجاوز الحد المسموح به ههنا.. معلوم أن تارتاروس تعج بهم، لكن زمن التسامح قد ولى..
شارك في عدة مداهمات فاشلة وعاد بعد أيام إلى بيته وأسرته منهكاً..
قالت له زوجته أن فلاتر التنقية لا تعمل بصورة جيدة.. نظر لوجوه أطفاله الثلاثة فرأى بوادر الاحتقان الذي يميز زيادة نسبة تلوث الهواء داخل البيت.. لا يوجد سلالي هنا، إنه لا يقوى على الحياة في تلك الأجواء المسممة.
ـ تعرفين أن إصلاح الفلاتر يحتاج لمبلغ وقدره..
قالت له وهي تسعل :
ـ أفعل شيئاً من أجل أولادك.. إنهم أولى من شلة الأنس التي تسعى للانتقام لها..
قال وهو يمسك رأسه كي لا ينفجر :
ـ يمكنك أن تأخذي الأولاد وتذهبي إلى والدتك..
ـ الأقنعة الواقية للأطفال بحاجة لإصلاح أيضـ..
هنا تركها وقام إلى فراشه متثاقلاً.. ربما سمعها تشتم وربما لا.. لم يعد يهتم كثيراً بما تقول.. الحمقاء لا تدري أن هناك مكافأة مجزية في الطريق لو نجحوا في القبض على الفاعل..
لم يكد يأوي لفراشه حتى جائه اتصال من الوحدة.. هناك مشتبه به في شارع... لم نشأ أن نستمتع من دونك.. سأكون هناك قبلكم أيها الأوغاد..
نهض من الفراش وطمأن زوجته.. لن يغيب كثيراً.. الحقيقة أنها تعرف أنه قد لا يعود لكنها تعودت على تلك العبارات.. هكذا احتضنت الأطفال وجلست بجوار المذياع، تنتظر الأخبار وتسعل..
الشارع المعني تم إخلائه تقريباً من السكان، حتى لا يحدث هرج ومرج يستغله المشتبه به..
سيارات الشرطة تفرض حصاراً على مدخل ومخرج الشارع.. بعد قليل سيتم القبض على الرجل الذي هز تارتاروس كلها..
رجال الشرطة يغادرون العربات بأقنعتهم المميزة لإطباق الحصار على العقار الذي تم تحديد الهدف فيه.. ثم اقتحامه..
شهاب يقبض على سلاحه وصور رفاقه لا تفارق ذهنه.. صدر الأمر بالهجوم فدخلوا العقار وبدأوا ينتشرون باحترافية..
بعد ثلاث أو أربع ثوان دوت سلسلة من الانفجارات المتتابعة أطاحت بالجميع..
هناك من زرع عبوات ناسفة في مناطق متفرقة من العقار ليتحول في لحظة بعينها إلى جحيم ..
للأسف لن يعرفوا حقيقة ما حدث وقد تحولوا إلى أشلاء.. وشهاب لن يعود لإصلاح فلاتر بيته كذلك..
ستقيم زوجته عند أمها لأجل غير مسمى..

***

بالأمس مكث باسم في إعداد كل شيء بنفسه..
إنه وقت استرجاع الدروس التي تلقاها على يد عارف.. صناعة قنابل شديدة الانفجار من أبسط الأشياء المنزلية.. هناك دوائر كهربية كذلك..
كلمات الرفيق عارف مازالت تدوي في أذنيه وهو يعلمه.. ويده تنفذ ما تسمع بالحرف..
المبنى الذي اختاره مهجور منذ فترة.. والفلاتر هنا عششت فيها العناكب.. ربما مات سكانه ولم يدر بهم أحد.. هناك بقايا هياكل عظمية وجدها في بعض الغرف.. مكان لا يطيق أحد البقاء فيه لذا كان هو أفضل مكان للاختباء.. استطاع إصلاح بعض الفلاتر كي يتمكن من خلع قناعه الذي أهدته إليه تلك الفتاة الغامضة.. وجلس ليتنفس في عمق ويفكر في كل ما مر به.. هل كانت حياته في إلوسيوم سيئة لهذا الحد؟..
هل كان زواجه فاشلاً فعلاً؟.. أم أن أعصابه التي ألهبتها الشرائح الذكية وألعاب الفيديو ثلاثية الأبعاد كانت هي السبب؟..
ثم توصل إلى أن حياته كانت تتجه دائماً من السيء للأسوأ.. ربما كان الآن في الذروة.. وربما كان يتجه إلى مزيد من السوء.. على الأقل عليه أن يحاول وقف مؤشر التدهور..
تمرد على النخبة.. ثم صار متمرداً على المتمردين على النخبة.. هل هذا هو الطريق الصحيح؟
مازال يتمنى لو غادر هذا العالم كله.. بكل ما فيه من طغاة وثوار وملوثات سمعية وبصرية.. مازال يبحث عن الشعور بالأمان..
شعر بتأثر شديد وحاجة ماسة إلى البكاء.. إنه بالرغم من كل ما صنع وصنع به ما يزال يحمل في داخله قلب طفل مذعور..
حتى وهو يضغط على زر المفجر فيتحول مدخل العقار إلى جحيم..
هو مجرد طفل.. طفل في لعبة فيديو أخرى..
طار أفراد الشرطة المقتحمين وارتج المبنى وبدا وكأنه على وشك الانهيار..
وكان هذا هو الوقت الذي قرر فيه باسم التحرك..
حمل قناعه وغادر مكمنه .. سيصعد إلى سطح العقار ومنه سيقفز إلى مبنى ملاصق لظهر العقار.. بعدها سيكون في الشارع يستوقف أحدى سيارات الصرف الصحي.. يقصد الأجرة..
لكنه لم يكد يرقى بضع درجات حتى سمع صوت خطوات قادمة من أعلى..
هناك شخص قادم إليه خصيصاً من السطح حيث يتوقع فراره ..
امتشق مسدسه وصوبه إلى أعلى وقلبه يدق .. هنا رآها تهبط بخطوات واثقة .. رتيبة .. جنائزية ..
لقد أرسلت الأسرة عفاف شخصياً من أجلك..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس