أتعرفُ يا خالد كيفَ تتقمّصُ الرّيحُ أصواتّنا , ثمَّ تهربُ بعيداً , هناكَ حيثُ لا كهفَ تأوي إليهِ و لا جداراً من صممٍ تصطدمُ بهِ قترتدُّ حسيرةً , كليلةَ الصّدى ,
تهتزُّ لأصغرِ الأشياءِ أجنحةً و تذوي !
هي تهربُ بعيداً حيثُ تستطيع قولَ كلِّ ما نريدُ عشقَهُ و اعتناقَ حزنه , بعيداً عن أسرِ انتقاءِ المناسبِ من الكلماتِ , و اللّائقِ برغبةِ الآخرينَ و المسموحِ بهِ شوقاً ...
هناكَ قفصٌ شديدُ القضبانِ يقبعُ بينَ أيدينا و هاتفٌ يهتفُ فقط بالأجنحة المتكسّرةِ النّافذةِ مثلَ أشعّةِ الغروبِ إليه ..
هناكَ حارسٌ يراقبُ الحروفَ و يختطفُ الجميلاتِ منهنَ اللّواتي لم يخبِّئنَ غوايةَ حروفهنَّ ترفاً بالحريّةِ ...
هناكَ أثيرٌ يجيدُ نقلَ البردِ و الخوفِ و الحزن , و يفشلُ في الحبِّ و الأمنيات , لتبقى هائمةً على وجهتها حتّى صدفةٍ أخرى ..
هاتفٌ محمولٌ يحملُ صاحبَهُ إلّا أنّهُ ينقلُ بعضَهُ و يتجوّلُ ببعض و يحلمُ كماهُ بشعاعٍ من الكلماتِ يتسرّبُ إلى الآخر , دون وسائط !
قادرٌ أنتَ على صوغِ الكلماتِ شِعراً , على ابتكارِ لحنٍ من نوتاتِ الحروف ,
كلماتُكَ تخرجُ من أصابعكَ بيضاءَ من غير سوء , و تتفرّقَ ألواناً على العابرين , كلّاً بحسبِ حزنه ..
سلمتَ و طبت .