منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - !! .. حكايات أبطالها نساء ][ مجموعة قصصية ][ .. !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2008, 04:39 PM   #13
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي




[ 3 ] مخطوبة


بعد شهرين من الان سأحتفل مع خطيبي محمد بحفل زفافنا بعد خطوبة دامت لعامين لظروفي المدرسية ,, لم يتبقَ لي غير شهر وأتخرج من الثانوية ..

أحاول قدر المستطاع عمل اللازم لتكون هذه الحفلة تاريخية لكلينا , اشتريت فستانا راقياً , فيما محمد اختار " كوشة " رائعة جدا ابهرتني , القاعة التي اخترناها من افخم القاعات هنا , كل شيء يبدو ممتازاً .. .


سأفعل كل مالدي لاجل هذه الليلة , ولتسجلها الذاكرة بأبهى صورة ..

إنما أكثر ما كان يحزنني مرض محمد المتكرر في الاونة الاخيرة , لا اعرف لماذا تتكرر نوبات مرضه هكذا دون جهد قد يبذله , هو مصاب بـ " فقر الدم المنجلي " واصبح يقضي اوقات كثيرة في المشفى لتلقي العلاج ..


سمعته ذات مرة يبكي خلسة , وتفطر قلبي لاجل ذلك , شعرت بأن لاجاذبية في الارض لتوقفني عليها ! اقتربت منه قائلة :

" أتبكي ؟ أتبكي وأنا معك أيها الحبيب ؟


ليجيبني بما زلزلني أيما زلزال :
" تعبت يا مريم ولا طاقة لي بالمزيد !


لم أشعر بانهيار مثلما شعرت به عن هذه اللحظة , ضممته مخاطبة إياه :
" لا تبك فأنا معك , قريبا ًسنتزوج عزيزي وسأهتم بك اكثر .


أجابني بأسى :

" سعيد انا باقتراب الزواج , الا اني اخشى ارهاقك ..


لأول مرة أرى في عيني الحبيب انكساراً , مرض كثيرا طيلة العامين المنصرمين , و تعب كثيراً الا أن الابتسامة عشيقة شفتيه حد الجنون , كنت أبكيه كلما تألم , وكان يبتسم مصبراً قلبي ..

إن لحظات ضعفه لهي أضعف لحظاتي , لا اقوى على رؤية دموعه , او سماع آهاته , فكل قوتي تنهار لذلك ..



واقترب موعد الزفاف , كنت اطيل النظر للمحبس الموضوع في اصبعي واخاطبه :

" قريباً ستودع يدي اليمنى أيها العزيز ..


وما إن أنهيت حديثي وإذا بصراخات مدوية وصراخ آهات تبكي لها المسامع ..

جريت بجنون ناحية الغرفة , كان محمد يضرب رجليه بالارض ضرباً مبرحاً عنيفاً , تناول الزهرية الموضوعة قرب السرير ليكسرها لا شعورياً على رجليه لتبحر رجليه في بحر من الدماء ! !

صرخت , بل كدت أموت لذلك ..


اقتربت في فزع ما مثله فزع صارخة مستنجدة خائفة : حبيبي مابك ؟

ليجيبني " سأموت والله .. لا احتمل لا احتمل ..


وهل لقلبي أنا أن يحتمل وجعك ؟ وهل لعيني أن تحتمل رؤيتك ؟ وهل لاذني ان تحتمل سماع آهاتك ؟

ناديت والدته في فزع قاتل لم يكن بالمنزل سوانا , هاتفت المشفى طالبة الاسعاف ..

لا اعرف كم من الدقائق بقيت اصارع الخوف المتمرد على قلبي وانا بقرب حبيب الفؤاد أبعد يديه عن رأسه واوقف رجليه عن ضربها , ضعفه لم يملكني اي قوة لعمل اسعافات اولية , انما بقيت جاثية على الارض , حتى لساني لم يكن قادراً على نطق اي شيء .. غير اني رفعت يدي للسماء وصرخت بكل مالدي من قوة :
" يارب .. يـــــــاربــ !


والدته تبكي بجنون , وكل دقيقة تمر تقترب من النافذة تستفقد سيارة الاسعاف كانت هي المرة الاولى التي يضعف فيها محمد حد هذا الانهيار ..

في سيارة الاسعاف كان يصرخ كثيراً ,, ويتألم كثيراً , وفجأة صمت كل شيء , ضغط على يدي بقوة , حتى كاد يخترقها , اشار لي ان اقترب اكثر واكثر منه , ابتسم .. وحين قربت اذني ناحية شفاهه قال بصوت مخنوق :
" مريم احبك ورب السماء !

وسكنت آخر آخر انفاسه , وارتحلت روحه للعالم الآخر .. ناظرته , حدقت به , تقاطرت سيول ادمعي على خديه ,, الا أن لا صوت له لينطق , ولا روح له ليوقف البركان المتفجر .

من أعماقي صرخت : لا .. محمد ارجوك لا ..

إلا أن ساكنا لم يتحرك له , فبأي الكلمات اصف ألما حوى قلبي عن تلك اللحظة ؟ وأي حديث قد يوصل للعالم حزني ؟

بين هذه الاحضان قد مات , ليرحل ويترك لي نظرته الاخيرة ,, ابتسامته القاتلة , وكلمة احبك .. وذكريات موجعة ..

ليس محمد وحده من مات , بل مات كل شيء معه , يومي وغدي , ضحكي , فرحي , ابتسامي , ويخيل لي أن حتى عقلي قد مات !
إلا أن الوجع هو من وُلد ..


ومر يوليو كئيباً , موجعاً , وفي اليوم المحدد للزفاف .. ليست فستاني مخاطبة صورته المعلقة على جدار غرفتي :
" محمد انا انتظرك .. اليوم زفافنا ..

وقادني جنوني للمضي الى القاعة , بكيت حين دخول العروسين , وبكيت اكثر حين علمت ان اسم العريس " محمد " .. حسبت بأن لا روح لي ستبقى بجسدي بعدها ..

لا زلت ارتدي المحبس في يدي , والذي تمنيته ان يلامس الاخرى , وحين يسألني أحدهم اخبرهم أني لا ازال " مخطوبة لرجل " !
فيبكيني من له علم بأمري !


تقدم لي أحد المغرمين فرفضته , فكيف لحضن مات به حبيب الفؤاد ان يقبل برجل آخر ؟ وكيف لحضن عانق آخر انفاس حبيب الفؤاد أن يقبل بأنفاس رجل آخر ؟

إني وإن خٌلدت في هذه الدنيا لن انسى النظرة الاخيرة التي رقمني بها قبيل رحيله ! ولن انسى زفراته التي صاحبت كلمة " احبك " ! .. سيبقى مشهد الرحيل في ذاكرتي وشماً , وفي عيني طيفاً يتراءى لي في كل لحظة ..

محمد , سأرفض الرجال من بعدك , و سأكتفي بالتضرع الى الله ان يجمعنا معاً في جنة الخلد , وقتها فقط لا شيء يفرقنا !


.0

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس