منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قردة وخنازير (رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-2019, 06:29 PM   #6
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(5)

كان (س ـ600 ) منهمكاً في شحن بطارياته التسع باستمتاع حينما تحطم زجاج نافذة مكتبه، وعبرها إيهاب فوق صهوة الجواد المجنح..
ـ إيهاب هل جننت؟
هبط إيهاب من فوق صهوة الجواد، وربت على منخره ثم التفت في برود إلى قائده قائلاً :
ـ لقد أنهيت مهمتي.. وحصلت على ذلك الجواد الأسطوري كمكافأة.
قال (س ـ 600) :
ـ يمكنك أن تحتفظ به للتنزه فيما بعد..
أطلق إيهاب صفيراً مميزاً ففرد الجواد جناحيه وانطلق مغادراً حجرة القيادة من حيث أتى..
ـ هل هناك مهام أخرى؟
ـ هل أوحشتك الإقامة في وحدتك بالشريحة جـ ..
أجاب كاذباً :
ـ جداً.. من الجنون أن يسعى المرء للحياة بعيداً عن تكنولوجيا عصره..
ـ رائع .. لقد صرت فيلسوفاً كذلك.. لكنك لن تعود لوحدتك بهذه السرعة.. مازال لديك مهام أخرى في النطاق النظيف..
ابتهج إيهاب وتجدد الأمل في أن يلقى هالة هذه المرة.. قال له الروبوت القائد بأن مهمته هذه المرة ستكون في القطاع الديني! ..
قال مستغرباً :
ـ هل لدى مواطني الشريحة ب دين؟
ـ إنها أديان يا عزيزي.. كل منهم يمارس دينه كما يحلوا له.. ومهمتك أنت ستكون في كاتدرائية كاثوليكية.. هناك تنظيم سري للمتمردين يجتمع هناك للكيد للنخبة.. عليك أن تصل إليهم وتدمرهم.. لا تنس أن القطاع الديني بالنطاق النظيف أكثر تشدداً من غيره بخصوص التقنيات الحديثة.. خصوصاً الكاثوليك إنهم يعتبرون التكنولوجيا الحديثة ضرب من السحر الأسود ..
وسكت هنيهه قبل أن يردف :
ـ وطبعاً أنت تعرف ما الذي قد يفعلونه بك لو اكتشفوا أمرك..
***
وقف إيهاب يتأمل الصرح الكاثوليكي ذو الطراز القوطي، والذي كان ينقصه لسان من البرق يضرب بين أبراجه ليكتمل فيلم الرعب..
كان يرتدي ثياب تشبه ثياب الرهبان ففهم أنه سيدخل الكاتدرائية بصفة دينية..
" اتبع الرهبان "
لم تكد العبارة تتلاشى حت لمح طابور من الرهبان، يتحرك بالفعل
باتجاه بوابة الكاتدرائية.. انضم إليهم وسار في ركابهم حتى نجح في عبور البوابة..
داخل الكاتدرائية تخلف عن الطابور وتوارى بين الأعمدة.. الآن هو بحاجة لإرشاد أخر..
" فتش عن القبو "
مرة أخرى يتذكر إيهاب حبيبته هالة.. إنه لم يجدها في قطاع الأساطير فهل يجدها هنا في قلب القرون الوسطى..
من يدري ربما وجدها قد صارت راهبة.. هذا أفضل بكل تأكيد من جواري ألف ليلة المائعين..
هبط درجات السلم المؤدية لقبو الكاتدرائية ولم يكد ينتهي عند الباب الخشبي العتيق حتى بدأ يسمع الأصوات الغريبة..
***
وضع أذنه على الباب ليسمع أوضح..
شعر برجفة في أوصاله لا يدري سببها.. هل بسبب تلك الأصوات الرتيبة أم اللغة الغريبة التي يتكلمون بها أم..
وارب الباب قليلاً حتى يبصر ما بالداخل..
هناك مشاعل بالداخل تضفي على المكان جو مثير وخانق.. ماذا يفعلون بالداخل؟
إنهم حتى لم يحكموا غلق الأبواب.. الرجفة تزداد كلما اقترب من المجتمعون بالداخل.. لا تبدو هذه تراتيل صلاة.. هؤلاء المدثرون بالعباءات السوداء والمتحلقين حول ذلك الصنم الغريب ليسوا كاثوليك أصلاً..
وقف إيهاب يراقب المنظر من خلف أحد الأعمدة.. هؤلاء جماعة تمارس طقوس وثنية ما.. نظر بتركيز للصنم وبدأ يحاول التذكر..
كاثوليك ليسوا كذلك.. صنم له رأس جدي.. تراتيل غامضة.. الآن فهم إيهاب من يكونون.. ترى هل يعيد المتمردين إحياء ذلك التنظيم القديم أم.. أم أنهم امتداد له..
إنهم يمارسون هنا نفس الطقوس بحذافيرها.. يسبحون في النهار باسم الصليب وفي الليل يقلبونه ويبصقون عليه ويتقربون إلى رأس صنم يدعى بافوميت..
ما سر تلك الرائحة القذرة التي هلت فجأة؟..
هنا شعر بالملس البارد على صفحة عنقه وسمع من يهمس كأنه لا يريد أن يشوش على المجتمعين:
ـ تحرك معي ولا تصدر أي صوت..
كالعادة يأتي هذا الكشف المهم في اللحظة السوداء التي ينكشف فيها أمره..
قال بصوت مبحوح وهو يندفع تحت حد السيف :
ـ أنا راهب مثلكم..
ـ لقد اكتشفت بنفسك أننا لسنا رهبان ..
ـ دعوني أعتذر.. فقد دفعني الفضول لا أكثر..
ـ وماذا فعل الفضول بالهر..
هنا وجد نفسه وسط حلقة الرهبان المزيفين وفوقه رأس التيس مباشرة والمشاعل تلقى عليها ظلال مريعة.. بسبب هذا المشهد لن يفكر في أكل رأس التيس حتى يموت..
قاموا بتفتيشه واستخراج كل ما معه من أسلحة أمام عينيه..
الآن صاروا متعادلين.. هم ليسوا كاثوليك وهو ليس راهباً كما يدعي..
وتقلصت أحشاء إيهاب وهو يتخيل مصيره.. الكاثوليك كانوا سيحرقونه لو اكتشفوا حقيقته.. ماذا إذن سيفعل به هؤلاء المارقين من الكاثوليكية؟.. بل من النظام العالمي كله؟..
ـ ما هو اسمك الحقيقي يا فتى؟
ـ إيهاب.. الضابط إيهاب لا تنسى هذا جيداً..
ـ إيهاب اسم عربي .. ربما مسلم كذلك..
قال إيهاب بتلقائية حمقاء :
ـ وموحد بالله ..
قال الصوت الذي يصعب تحديد مصدره وسط تلك الحلقة المحدقة به كالسوار بالمعصم..
ـ عربي مسلم بيننا يا رفاق .. إنه يوم تاريخي ..
تعالت الصيحات المنذرة من حوله ففطن إلى مدى حماقته لكن بعد فوات الأوان طبعاً .. عربي مسلم بين جماعة من المتمردين يحيون طقوس فرسان الهيكل القدامى.. لو كان محظوظاً فلسوف يأكلونه حياً كالضباع ..
ـ سيحدد الرأس المقدس مصيرك..
وتعالت الضحكات.. هؤلاء ليسوا مخابيل.. طريقتهم ولهجتهم توحي بالثقة وكذلك توحي بشيء ما شيطاني ..
لماذا يدورون من حوله؟.. سيصيبونه بالدوار حتماً.. لماذا عادو لتلك التراتيل الغريبة والمخيفة؟..
ـ لا.. توقفوا..
هكذا صرخ إيهاب فتوقف الجمع فعلاً لكن ليس من أجله..
صاح أحدهم :
ـ انصتوا للرأس المقدس!.. من الفم للأذن.
وأمام عيني إيهاب الذاهلة بدأ رأس التيس يهتز.. الفم المدبب يتحرك.. وهناك صوت قادم من حفرة من حفر جهنم يتردد بلغة شيطانية ما.. أكيد هي اللاتينية.
هلل الجمع في حبور فيبدو أن ما قاله الرأس أعجبهم.. يبدو أنه أمرهم بذبحه وأكله..
ـ ستنال تحية البركة..
ـ تا.. تحية ماذا؟
مال عليه أحدهم وهمس في أذنه بنبرة ساخرة:
ـ إننا نمارس هنا كل طقوس الفرسان الأوائل، والتي اعترف بها بعضهم فعلاً.. نبصق على الصليب ونحتقر المسيح ونعبد رأس بافوميت.. ونمارس الشذوذ.. وهو ما نطلق عليه مجازاً تحية البركة..
وتعالت الضحكات الشيطانية المجلجلة من حول إيهاب، الذي صرخ بكل ما يعتمل في نفسه من رعب وغيظ وتقزز :
ـ اللعنة عليك يا (س-600) ..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس