الشتاء
جاء الشتاءُ متشحا ببرده القارس
و قلبي خلف قضبان ضلوعي
يشكو هم الفراق و يَسرده ..
لم يسمع منه الشتاءُ لشكواه
لم يلين لما عاناه
و ظل يبث برده في جسدي و يُجمِّده ..
لكن جرح القلب الغائر
يحرقني كلهيب ثائر
كل سقيع الكون لا يُبرِّده ..
كان الشتاء في وجودك رحيما
و كان مطره كالبسلم
يشفي الجرح و يضمِّده ..
اليوم لم يعد الشتاء كما كنت أعهده
و أصبح مطره كسياطٍ
تعذب قلبي و تجلده ..
جاء الشتاء مستلا سيفه الجليدي اللامع
يشق سواد الليل كبرقٍ ساطع
يصوب النصل نحوي و في صدري يغمده ..
فلا الجليد أثلج صدري
ولا النصل أهدى القلب
موتا كان ينشُده ..
الربيع
جاء الربيع بوروده المعهودة
و عهوده المنقوضة
جاء بعطرٍ يخدر أعصابي
لكن حسي لا يُبلِّده ..
فألم الفراق الهائل
ينمو كوحشٍ قاتل
لاشيء في الكون – سوا وجودك – يُروضه ..
جاء الربيع ليغمر الدنيا
بألوانه الخلابة
و يغمرني من دونها أسوَدُه ..
جاء ليفتح أبواب المحبة في وجوه العاشقين
و باب الأمل في رجوعكِ يوصده ..
جاء كطبيبٍ يشفي جراح البائسين
و بؤس قلبي جرحا يُجدده ..
جاء ليُهدي الزهور لكل المحبين
و يترك لقلبي شوكَها يتوسده ..
فأين وردتي الحمراء التي إشتقتها ؟؟
أين عصفور الربيع
و ما كان يُغرِّده ؟..
الصيف
لهيب هذا الصيف كان مختلف
بلا نسمات .. بلا قُبلات
و بلا أحضان تُخمده ..
بلا عشاق تتبادل الكلام
فعاشقٌ يُعطي الغرام
أما الاخَر يَجحده ..
عاشقٌ يصون هواه
يحفظ الحب و لا ينساه
و الاخَر لا يُقَلِّده ..
عاشقٌ وهبَ روحه و قلبه
لهواه لكن حبه
بالرحمة لم يتغمَّده ..
و كما أحَبَ قيسٌ بجنونِ
ظلت ليلاهُ في العيونِ
تُذيب الجفنَ تُسَهِده ..
يدور طيفها في رأسِه
و لا ينساها بخمرِ كأسِه
و أسمها ظلَّ يُرَدده ..
الخريف
حلَّ الخريفُ و تسلل ورقُ الشجر الي شرفتي يتجسس
جاء يشكو حاله و هو يتيَبَّس
قال ان الشجر قرر أن يُجدده ..
تركه وحده ليذوي و يموت
فبحث الورق في كل البيوت
عن عاشق مثلي ليُشهِده ..
فوجدني أعاني بنفس الشكوى
جاء ليبحث عندي عن السلوى
و ما كنت لأعطيه شيئا أفقده ..
فأنا مثل الورق في إصفراري
و جفاف عروقي لم يكن إختياري
و الهجر شيْ لم أتعوَده ..
تعودت أن أحيا في ظل الحبيب
و اختار لي القدر النحيب
و رماني الحزن في سرمده ..
فريد