منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - عشرة أعوام ..
الموضوع: عشرة أعوام ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2018, 04:57 PM   #1
ضوء خافت
( كاتبة )

الصورة الرمزية ضوء خافت

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 420168

ضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعةضوء خافت لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي عشرة أعوام ..


دائما تتفاخر أمام أبناءها و بحضوره أنها تصغره بعشرة أعوام !! و أن أحداً في عيادة السكّر نظر إليها بإعجاب ... و آخر مدّ لها عكازه لتتكئ عليه و هي تنتظر صرف الدواء ..
رغم أن السبعين لم ترأف بخدها الممتلئ و لم تحنو على كفها المخضب بالحناء .. فرسم العمر هو الآخر خطوطاً سريالية على أنحاء جسمها المترهل ...
لوحات لا يفسرها إلا هي .. و من ناصفها رغيف الأيام التي لم تعِدها بالكثير و سلبتها الأكثر ..
قالت لأول فرحتها : ( محمد ) بسألك ، ليش كل الرجاجيل عيونهم زايغة ! حتى و هم على الكرسي المتحرك !!
ابتسم محمد و هو يسترق النظر إلى وجه أبيه الممتقع الغاضب المتوقّع انفجاره و انطلاق شظاياه بين لحظة و أخرى ..
أردفت السبعينية : شفيك ساكت ! ، و حيرَت الجميع هل كانت تخاطب الغاضب أم المبتسم !
انهالت تعليقات الأبناء و من يتعلق بهم ما بين الهزل و المزاح في محاولة لم تفلح لطرد شبح الاحتدام بين القوتين العظميين ...
و دوّى انفجار تناثرت أول شظاياه لتصيب ( محمد ) : سكِّت أمك لا أعلمها شغلها !
بعد ساعة .... كانت تخبره سراً يعلمه الجميع : مرت أخوك الثالثة حامل !!
و يأخذ الحديث منحى جميل : آنا الوحيد اللي ما جاب لك شريكة !
ابتسمت بشحّ : إيييه ما قصرت ..
وتيرة الحياة تسير وفق سياسة و أسس مختلفة متشابهة بخطوطها العريضة ... أن آخر العمر هو الحصاد الحقيقي .. لكل ما مضى و هو اختزال لمسيرة مضت كومضة ...
دائما يردد : إذا خلاك البين ما خلاك الكبر ...
فتُعقّب : لا تشركني معاك نسيت ؟ ... آنا أصغر منك بعشر سنين !!
و لا يفتأ يستذكر جمالها الذي لا زال له أطلال على وجهها و قلبها و روحها المتعبة القلقة ...
حتى تعود لها بعض حمرة الصبا على استحياء ... لتتورد وجنتيها : استح يا بو محمد العيال يمنا !
تعثّرت ..
انكسر حوضها ..
و ظهر من العلل ما خفي ... أمكم تعاني من سرطان القولون ...
و رحلت أم محمد ... تاركة له عشر سنوات ... كانت تعيّره بها على سبيل الدلال ....
سأله جاره : شلونك عقب أم محمد ؟
و كأنه اكتشف مؤخراً أنه عاشق المستحيل ... المتأخر عن بداية قصة حبه خمسين عاماً مضت !
لم يعقب بجواب ... لملم أحجار صمته و ما كاد يتناثر من عاطفته المتطرفة ..
ألقى السلام باقتضاب و مضى خلف باب منزله الفارغ منها ... الكبر يمنعه من خطة الهروب السريع اتقاء لهطول مطر الحنين ... على الفناء و الممر .. على السجاد و الأثاث الذي لم يبدِ إعجابه به قط .. لأنه اختيارها ..
اختار أن يفقد ذاكرته كلها و يردد بلا كلل أو ملل : متى تردّ أمكم من الطبيب ؟
( يبدو أنه أكثر مِن ( أَحبَّها ) )

 

ضوء خافت غير متصل   رد مع اقتباس