منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - العالقون 🌼🌼
الموضوع: العالقون 🌼🌼
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-21-2021, 08:39 PM   #18
شهرزاد
( أديبة )

الصورة الرمزية شهرزاد

 






 

 مواضيع العضو
 
0 العالقون 🌼🌼

معدل تقييم المستوى: 0

شهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعةشهرزاد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


،
شهر الحزن

،
مَرّ سِبْتَمْبِر شَهْر رحيلك كما يَمُرُّ كل عامٍ بالكثير من الحنينِ ،
لم يتوَّقف أمامي كي يعتذر لي عن ذلك الحُزْنِ العظيم الذي دفعني لاكْتشافه ذات طفولة ،
فالشُهور لاتعْتذر لنا عن تلك الأحْزان التي تلْتصق بنا فيها ،
لكنها تتحوَّل مع الوقتِ إلى ذِكْرى حزينة ، ذِكْرى كلما مرَّت بنا ، آلمتنا وأعادتنا إلى زمن ومكان الحُزْن القَديم ..


ففي سِبْتَمْبِر عشتُ رُعْب طِفْلة قطع أحدهم حَبْل الأمان في قلبها ،
وأفْلت يدها في ازْدِحامِ الطريق ، فرفعت يدها مُحدقة في وجوه الغُرَباءِ بينما بدأ صوتها يَغيبُ في داخلها ويخْتَفي ..

في سِبْتَمْبِر رأيتُ بُكاء أمي وأبي للمَرّةِ الأولى ، وكنت أظن قبل ذلك اليوم أن الأُمَّهات والآباء لايبْكون !
لا أعرف كيف التعبير عن بشاعةِ ذلك المَنْظر، وعن وَجَع ذلك الإحساس ..
لكنه كان يشْبه الحَريق كثيراً ..

في سِبْتَمْبِر خَذلت جدّي عصاته فما عاد يَقْوى السيْر على ثلاثة ،
وخَرَّ على الأرضِ كجبلٍ شامخ تعرَّض لهَزّة أرْضيّة قويّة ، وكنتُ أظن قبل ذلك اليوم أن الأجداد لايصابون بالهَشاشةِ مهما كبروا ،
ولاينْسكبون كالماءِ أبداً ..

في سِبْتَمْبِر أسْند عمي رأسه على جِدار المنزل وبكى كطفل يكْتشف البُكاء للمرّةِ الأولى ،
كان ذلك الصوت لايشْبه صوت البُكاء كثيراً ،كان أقوى منه بمراحِل ،
كان كصَفير الرياح الذي تسلَّل إلى أُذني منذ سنواتٍ طويلة ولم يُغادر ،
و بَقِيَ الأقْوى بين كل الأصواتِ التي ملأت أُذني ، ولم يسْقط رغم اني هززت رأسي مّرات عَديدة !

في سِبْتَمْبِر كنت ممتلئة بالصَدْمةِ وبالدموعِ ، فأمسكتُ رأسي بقوّة ٍ،
كأنني أحاول اسْتِعادة وَعْيي، والعودة من حلم مُزْعِج ،
وكلما فتحت عيني وادْركت اني ليست بنائمة كرّرت المحاولة المؤلمة ورفضت اسْتيعاب واقع لايحتويك ..

في سِبْتَمْبِر تعود كل الأوجاع المدْفونة إلى الحياة وإلى الذاكرة ،
وكأن أحدهم قد عبث بتراب قبرها.. فلازلت أتذكر كل التفاصيل المؤلمة بِوُضوحٍ ،
وتحْتفظ ذاكرتي بكامل أجزاء الحُزْن وملامحه، متجاهلة كل السنوات المُرْعبة التي مرَّت بعد تلك الليلة وغيَّرت بي ماغيَّرت ،
وأخَذت مني معها ما أخَذت ..

ولازالت كل الأجْزاءِ في ذاكرتي مُرتَّبة ، وكل القطع مُتكامِلة ، باسْتِثْناءِ قِطْعة واحدة لازالت مَفْقودة ..
القِطْعة التي تحتوي إجابات الأسئلة الصعْبة ، القِطْعة التي تمثل كلمات السِر لكل الأبْواب المغْلقة ،
القِطْعة التي أخذتها معك ،وتعمدت أن تَبْقى الحكاية خلفك مَبْتورة وكأنها أُحْجيّة بِلا حَل..
فنحن حين نتعرَّض لحالةِ فِراق مُفاجئ يُخيَّلُ إلينا أن الحِكاية لم تنته
وأن هناك جُزْء آخر ستكمله الأيّام يوما ً..

،
،
لأشهر أحزاننا هيْبة عظيمة ، فهي لاتمرُّ بنا مُرور الكِرام أبداً.

.

 

شهرزاد غير متصل   رد مع اقتباس