منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - .. ذاكرة الأيام ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2011, 12:19 AM   #1
شيخه الجابري
( شاعره وإعلامية إمارتية )

الصورة الرمزية شيخه الجابري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1465

شيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعةشيخه الجابري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي .. ذاكرة الأيام ..


.

.


عندما كنّا صغاراً " كانت السماء تغيم فيهطل المطر"، وكانت "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيبَ الأعراق"، وكان " البحار" عند محمد الفايز يعود بالهولو واللولو والمحار، وكانت عيون الصغار ترقب الطابور بفرح، وكان " الشعب إذا أراد الحياة يستجيب القدر"، وكان الصعود إلى الجبال يتطلب اجتياز الجسور والسدود والسيل والليل ونبل المطر . حينما كنا صغاراً كانت الألوان قليلة لكن الرسومات مبهجة، وكانت الأغاني كثيرة لكنها مؤثرة وفارقة، وكان الأصحاب مزعجون لكننا نحبهم، ذاك كان حينما كنّا صغاراً .

كبُرَ الصغار وتلونت الدنيا، وتغيرت الأغصان وشكل النور والأشجار والأشعار، تبدّلت الأشياء الصغيرة فغدت كبيرة، وتحولت القضايا فأصبحت لا شيء، كل الذي حفظناه في الصغر غيّبته ظروف الكِبر، والتحولات في كل شيء، إلى أن جاءت اللحظة التي صاح فيها الشعب التونسي الشقيق “إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر” لتعود الحياة في عروق الكثيرين، وتنتفض الذاكرة، وتتحفز كل الأشياء الجميلة، وتظهر فجأة أبلة كفاية، وأبلة ماجدة، وأبلة مريم، هكذا في لحظة تاريخية حاسمة كانت كل الأشياء ترسم خطاً جديداً في سماء الكبار الذين كانوا يوماً ما صغاراً يعبث بهم الفرح، وفيهم يبعث شيئاً من ربيع واخضرار .

الصغار قرأوا الحدث بعيون لم ترَ في تلك السنين الخوالي إلاّ قضية واحدة تستحق الموت من أجلها وهي قضية فلسطين، وكان النشيد الشابي محرضاً رئيساً على تفكيك خلايا الأدمغة الصغيرة، وكانوا كلما شاهدوا مجزرة أو دماراً في فلسطين صاحوا بالنشيد ولو من بعيد .

اليوم تختلف الرؤية، وتتسع حدقة العبارة، والحدث، ويغدو التونسي الشاعر الذي فارق الحياة مبكراً مرضاً وقهراً، نجماً من جديد، يلوّح بالحكاية وبالنشيد، ويُشعل الطرق شباباً وأحلاماً وطموحات جدّدت في كل الشوارع العربية حكاية الشعب الثائر، والشاعر المحلّق، والأمنية غير المستحيلة ولو طالت الأيام، وانكسرت الأعمار .

في تونس اليوم تحوّل حقيقي نحو “الديمقراطية” بعد عهود من القهر والمعاناة، وفي الوطن الشقيق كذلك شعب ثائر ليس على المحتل والاستعمار تلك الحكاية التي قرأناها ونحن صغار في دواوين الشعراء، ولكنها ثورة على الأوضاع المقلوبة التي من أجلها اشتعل جسد الشاب النحيل البوعزيزي، ومعه اشتعلت كل الشوارع العربية، وبدأ الشباب العربي في أمكنة كثيرة يقتل نفسه، وسط علامات استفهام كبيرة، لتظهر قضية مثيرة وجديدة في حاجة إلى وقفة صارمة من علماء الدين، ورجال الشريعة، وأنظمة الحكم في بعض الأوطان العربية التي تعاني شعوبها قتلاً يومياً “فقراً، وجهلاً، وعللاً، وظلماً شديداً” .

لكن الثورات تحتاج إلى كياسة وعقول وفكر نيّر، تحتاج إلى استراتيجيات لا تحرق الأوطان ولا تدمر الإنسان، تحتاج إلى اختيارات لكل شيء، كي لا تتكرر المشاهد في بقاع عربية أخرى من دون وعي، فتقدم نفسها لقمة سائغة للضياع، والتشرد، والفرقة والتشرذم . الذي يريد الأوطان لا يقتلها، وإنما يسعى لبنائها بخطىً وثّابة، ويخاف عليها، ويحميها، هذا كل الذي نتمناه لتونس، ومن الأشقاء التونسيين .

.

 

التوقيع

.
.
اللهم احفظ وطني
دولة الإمارات العربية المتحدة

شيخه الجابري غير متصل   رد مع اقتباس