منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - على اطلال البساتين بكت الورود
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2019, 08:19 PM   #1
عامر بن محمد
( شاعر وكاتب )

افتراضي على اطلال البساتين بكت الورود


سلب العمران الحديث نعمة الاشجار والازهار وكأنه وحش يتلذذ في فناءها
كانت مدينتنا عامرة بالبساتين ساحرة بما حوته جدرانها الطينية، بانواع من الورود والثمار ، كيف لا وهي مدينة الورد منذ عصر الجاهليه
وهي تختال على كل القرى والمدن بجمالها ... نشأتُ فيها وخبرتُ تلك الايام الجميلة يوم كنا نتسابق بين الاشجار دون ان نؤذيها او نعبث بثمارها
كنا نشعر انها جزء من حياتنا ... حتي الطيور التي في اوكارها مطمئنة فليس ثمة صياد يعتدي عليها .. كانت تغني وكأن تلك الاشجار تكتب لها الالحان
فتشدو بها في تناغم جميل بين الطبيعة والأنسان ... كانت البساتين في كل مكان وفي كل بستان بركة ماء تؤجر احياناً للسباحة ..
وياحسرتاه عندما دب في ارواح الناس حب التطاول في العمران ، فيه قضو على تلك الجنان , عندما انظر الى مدينة الورد وقد تحولت الى اسمنت وازفلت


اضحت الخرسانة والحديد هي معالم الطبيعة العمرانية !!

اشعر بالحزن على اتلاف كل تلك الروائع التى كنا نحبها ...ومازلنا نحن الي عهدها ، هكذا جبلت النفس البشرية على حب الطبيعة الخضراء
اذكر اول يوم ارى فيه الصحراء الشاسعة المقفرة ، ساورني شعور غريب حينها ترجمته بالبكاء ، وما علم من حولي اني طفل لم يرى في حياته الصحراء بل رتع في المزارع بين الاشجار وعصافيرها
وانه يحن شوق اليها ..


على اطلال البساتين تبكي الورود على ما اصابها

قالت ورده ان الانسان كائن مدمر بطبعه ، اذا اراد السكن هدم وقلع الشجر واذا اراد ان يهدي حبيبته هديه قتل ورده وقدمها لها ... ان الانسان يامعشر الورود يتلذذ في قتلنا وتعذيبنا
لم يتركوا فله ولا ريحانه الا قطفوها ثم بالاقدام داسوها ... ان هذا الانسان يدمر الارض وطبعيتها بحجة العمران والتقدم ... لقد رضى ان يكون رهين محبسه بين حيطان بيته بعد ان كان حر
في الارض السماء سقفه وهي فرشه .. ويحك ايها الانسان ما اظلمك .

فردت عليها زهرة تكاد ان تذبل هماً وحزنا ... صدقتي ايتها الورده ان التوحش غريزة يتمتع بها الانسان ولكنه لايشعر ان مايفعله بنا توحش بل انه لا يفكر بنا اصلاً كمخلوقات لها حق في الوجود
انه لايران الا زينة له او عطر يشمه غابت عنه معاني الانسانية في الرحمة ... تركوا الزراعة واهملونا وهم انما يهملونا انفسهم التى تحتاج الى الراحة التي يكتسبها تحت ظل شجرة او حين يغرس
نبته ويرعاها فتكون له لا عليه تعطيه ولا تأخذ؟

قالت ريحانه قد صدقتي يازهره وكذا انت ياورده .. ان اجدادي كانوا من اهل قرية في الجنوب ، ولقد سمعت من جدتي أن قريتهم والقرى من حولها كانت اخصب من مدينتا واوفر منها ماء وكل من فيها يمتهن الزراعه ، يأكلون من زرعهم انواع كثيرة من القمح حتى غزاهم وحش العمران فتركوا الزراعة واقبلو على نهج في حياتهم لم يألفه من كان قبلهم فهزلت أجسامهم وكثرت امراضهم وتغيرت اخلاقهم , وهجر شبابهم القرى رغبة في حياة المدن زهدو في ارضهم التي احياها اسلافهم ..فضاعو وضيعونا .

ان العمران ليس جريمه في ذاته ولكن تدمير البيئة الزراعية في سبيل التمدد هو الجريمة التى نشتكي منها معاشر النباتات ولعل الانسان يعي خطر هذه الجريمه في حقنا وتأتي اجيال تعتني ببني جنسنا وتنقذهم من خطر الانقراض .

 

عامر بن محمد غير متصل   رد مع اقتباس