منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تجربة نقدية لِـ شعر إبراهيم الشتوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2015, 06:30 AM   #1
تلاهيف العمري
( شاعرة )

الصورة الرمزية تلاهيف العمري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

تلاهيف العمري لطيف جداتلاهيف العمري لطيف جداتلاهيف العمري لطيف جداتلاهيف العمري لطيف جدا

Post تجربة نقدية لِـ شعر إبراهيم الشتوي



_ إبراهِيم الشِتوي


شَاعِر يُتِقن الصُعود عَلى أعلى دَرَجات سُلم الإحسِاس دًون أن " يَنشز" المعنى،
وَ بإحتِراف نَرى لَه تِلك " الوَثبات" الثَابِته فِي الأثر وَ المَحمودة بـ " الفِكَرْ" على خِلاف الموسيقي " بِاخ ،
فَقد كَان شَاعِرنا لَا يَتَكلف بـ تِنويع الألحَان لِيثبت " مِقدار المَهارة" وَلكن كَاَن وَ لا زَال
يَستقي الشُعور وَ " الجَمال الدَاخلي "
بِمنهجية الكِباار وَ بِإسراف زَاهِد وَ وَرع حَريص ، فَـ كُل مَا يقَع تَحت تأثيرهِ يُصبح " عَتيقاً " " عشيقاً" له .
وَ لا تَقف عِند ذلك " الحواس" بُل تُرشِدنا فِي إستشعار مَكامن " الإبداع" وَ قَواعِد الإبتكار والإنصهار في " ابياته" .




_ يُذكرني كثيراً بـ آلة " كلافيكورد" عتيقة ذَات أخشَاب وَ أطياب تُضْرِمُ بِنا كُل " تَرنِيمٍ" عَاطِرٍ رقيق !




النص :


بعد الموادع / جمعت الآه.. يا مسافر
__ وعلقت جرحي.. على جدران تلويحك


_ كَيَف لِهذا الشعُور أن يَتجسّد فَي أبيَاتِه ، دِون إخلالٍ وَ إقلال ..
المُوادع " وَ ما اتى بعده " بِداية زَمنيِة تنقلنا إلى " قابس الإضاءة" وَ تِشعل " التوق" لِـ ما بعد " الموادع" !
ماذاا حدث .. أخبرنا
بعد أن إستوقفت النبَضات وَ الأنفَاس ماذا بعد .. ماذا بعد
وَ كانت الصُورة هُنا أشبه بِالخُرافة .. بَعث فِكرة ، وَ نَفخ " معنى"، تجسيداً وَ توليداً لِـ حبيس " إبداعٍ" ، مكنونٍ وَ مَوزون ,
" جَمعت الآه _ يَا مَسافر" .. حِينما تَكون "الآه" حَقيبة وَ مُستحقات شَخصية يَكون " السَفر" [ بَين] !
أو [ فِراق ] .. أو شيٌ ما بين ذلك !
جَمعت الآه .. هّذه الآه لًم تَكن لَها رُبمَا ، فـ المُخاطب آلآن لم يَظهر حَتى " ينتهي مِن لَمّ الآهات "
يِشحذ إبراهيم هُنا هِمة " المَعنى للظهور " بَعد أن أتقن تَشذيب " الصورة" وَ أطفأ خجلها ..
بَعد الجَمع " كان التعليق" للجروح ، متى ماكان الإحساس " غُرفة مُتكاملة الأثاث " لن يُصبح هُناك فَراغ أو ثَغرات في " المعنى" فقط سِيكون هناك " ترتيب " وَ عِتقُ " ريب" وَ إيضاااح !


لم يُجبرهُ نَجاح التجسيد وَ الإبداع فِي تَكلف الإنتقالات الموسيقية بين " تضَمين" وَ " تخمين" وَ إظِهار
بل كإن لإثر " الإنقلاب" التجسيدي للفكرة سَلاسة تُوحيّ بالإندماج كلياً مَع الخيال ،
هَكذا تكون " جدران التلويح" لِأحدهم عِبارة عَن " حيِّز "لتعليق الكثير مِن الجُروح ، جُزافاً بعد أن كانت الآهات فيِ جُعبة الإسترداد !
الجدير بِالذكر هُنا أن الجَمَاد يَتحدث بـ وَصلات حِسية عَميقة فِي السيولةِ والليِن ، فكان التلويح " جماد" يُسقط على " مكنون قسوة"
في " جُدران" وَ ... أيضاً بِالجَمع تَضمين آخر لإشتراك القسوة بإكثر من " رمز" قَد يُفسر بـ " أعذار" أو " أشياء أخرى " تكون أكثر فتكاً عِند قَسوتها وَ صلابتها < لم أتحدث بعد عن سِلاح " الجريمة " !


" تَلويحك " أظهر المُخاطب بِـل وَ سلّط عليه الإضاءة وَسط مَسرح الخَيال ، فـكانت الستائر" حِساً" شديدة القَتامة إلى حين " إنبلاج"
مِن هُنا يبدأ التَحليق وَ التوفيق بين أكثر من عُنصر يِربطهما " الجمال" من كل نواصي الكمال ، مُتفقاً فيها الإبداع وَ مُقبّلاً للتشويق وَ مُقبِلاً نَحو " حُضن الإختلاف" !


فـعندما كَانت "اللحظة" " مَريرة " بـ ثمراتها وَ " بئيسة " بِكل ما بالإحساس مِن " مغنى"
إنشغَل الشَاعرِ المُرهَف " نبَضاً" في أفَعَال حَاضِرة تُخَفف مِن مِقدار " الصَدمة" أو حتى " الألم" فكما هو حال اللحظات الباهته
حين مرورها ، وبقدر ماتحمل من ألم ، و أمل ، نَحاول تمريرها بـ الإنغماس في " الأفعال" والإنشغال " بِإلتبرير !

هزيت جذع الكلام .. افبعدك السافر
__ وفزت.. يمامات ثكلى من تباريحك


جَمَعت" " عَلّقت" " هَزيت" .. وَ تستمر الإنفعالات هًنا فِي " أفق" الإسترسال شِعراً وَ تَأويلاً لِصورة شِعرية سابقة " التألق"
إبتدت الخَطوات تتَلاقى نَحوى مَنظور عَارِم بالخيال وَ صَارِم فَي التَحليل وَ التهليل َتَحت تنوير " المُجسدَات " فَي [ لوحة الألم ] المرسومة بكل شَفقها وَ شغفها فَي كُل المحسوسات الخارجية وَ الملامسات الداخلية للنفس البشرية الفارهة بالإبداع وَ المتنوعةِ بالألوان والأطباع
!
هزيت جِذع الكَلام ... هُنا عَرج بِنا الشاعر لسماء " زرقاء " صَافيِة مِن سُحب " الشُعور" المُتراكمة " غَضباً " فأردف الأمل صُورةً تَنبض بالجمال ، وَ كأن الروح هنا بِقدر قُبح فِعل الجُروح فيها " تتعلق طردياً" بـ تَجميلها وَ تشميلها فَيضاً
مِن الكَرم فِي تناول "الأحداث" !


وَ لإن إبراهيم _ مُحترف _ في تقريب " فِكرة" وَ تَسريب" "مدلول" كَان الشطر الثالث يَحكي وَ يُسفر وَ لكن بِخجل إبداعي
عن ما سبق مِن مُضامين ! ...


الغمُوض فِتنة حِينما يُنسجه وَ يُعيد نَقضه لِنسج جديد .. !


قال : هَزيت جذع الكلام ... في بعدك السافر
_ هَنا يكون السَفر " إختياراً " بالبُعد / وَ ليس معياراً لِثبوت المعنى متى ما تعارض التحليل
مع مدلول آخر ناقضاً لَه ، ولكن عَلى " وَجه التمحيص " تَبقى المَكشوفات في أوج " الإدراك" وَ " التَدَارُك !


هَزيت جِذع الكلام .... فَزّت يمامات ثكلى مِن تباريحك ..


التَجميع " فن" لايُتقنه إلا مُبدع وَ تَجميع المعاني في هكذا قالب فنّي " يُكْسِبها خصائص مُبصرة فَي البحث عن المغزى !
وَ مابين الصورة البيئية اللتي تَعمل مَثابة " المَسرح " وَ مابين " المُمثلين" وَ النص .. تتنقل المشاهد في قُوتّها مِن عاطفة جيّاشة تارةً
الى .. مَكانٍ يِحلم ، وَ يَمامةٍ تألمْ ، وَ غابات مِن الكلامٍ مُتجذرة وَ متأصلة في جوفِ هذا " الشَاعرِ" !


فبعدما أحْضر جَميع العَناصر وَ سلّط الإضاءة وَ أسبل السِتار ، إبتدت الشخصيات هُنا تتجسد في الأشياء مِن حوله
على مَقربة مِن " الليل " وَ النَهار" فَـ الشاعر كـ شخصية مُتَشربة في الأبيات يُسْقِطُ ضياءهُ كَالشمس عَلى الأرض وَ يُكسبِّ النور للقمر وَ هو مَا قَبع تَحت " كَاف الخِطاب" كـ شخصية أخرى يَدور حَولهما " الحديث "!


في المُفردات ... " تباريحك" وَ جذع" وَ يمام " " فزت" " ثكلى
أتقّن الشاعر بـبراعة في حقن " المُفردات" المُختارة بِـ الجَرس الموسيقي المناسب " للمعنى" فلا يذهب لِـ " دو " حينما يكون المعنى " ري" و لا إلى " مي" حينما تكون " الفِكرة " " صول" !






مما أذهلنّي
مِقدرة الشَاعر في " الإستفادة " مِن الطَوابع الديِنية وإقحامها في النَص بِكل " نوافلها" مُكسِبة النص بذلك
سِمة ذات أبعاد " زاخرة" بَـ المعرفة" وَ الثقافة ، وَ متأرجحةً بَذلك الى مستوى لَحني " أسمى" في أذن كُل قارئ !
يقول


في ذمتي / ما توقعت النوى كافر
__ ليني دعيته / وفاء ..وارتد في شيحك




هُناك " مَلكة " للإبداع مَ إن تتوافر فَي " عَقل" إنسَان ، حَتى أحالت الفَنون بِكل انواعها
إلى [ رِحلة إستكشاف وإستشفاف ] .. نابِعة بِالضياء !


_ بالحديث عن ذلك ، وَ بما أن " التفكير الإبداعي" مُمارسة ، هَناك تأثر وَاضح في كماليات المبنى والمعنى
وجماليات المحتوى مِن خلال إتقان الشَاعر إبراهيم لِكل مَلكات التَذوق لدى " الإنسان" المُتلقي ، وَ ايضاً قُدرته في توجيه الإبداع
وَ مَهارة الإبتكار كـ " شاعر" ونبوغة في مِضمار النقَد بِكل الأدوات المتاحَة لدى النُقَّاد !


مِما يُدهشِني كـ مُتذوقة للجمال ، مِقدار الذَكاء في أسلوبه ، فَـ هُو يِمزج الإحسِاس
بـ قاعدة " نفسية " باهضِة التأثير على المُتلقي، فـ قاعدة الضَوء وَ الموسيقى وَ الحِس تجذب جميع الشخصيات
البصرية والسمعية والحِسية بِمقدار يتفاوت مِن تِركيب لآخر ، فـ هنُا بِهذا البيت المُبتكر :


يا سيد الضوء / ..حتى الضوء متنافر
__ تركت بعضك هنا ..واربكته أبريحك


أجاد في جذب الشَخصيات البَصرية بـ نسبة 50% وَ الحسية ايضاً بِنفس النِسبة ، فلو كان مُقدّرلنا توزيع الدرجات على المفردات اللتي تحمل الإيحاءات البصرية لكان الناتج هنا [ الضوء + الرائحة ] = [ 50 + 50 ] % فالمفردة دائماً ما تقود الصورة الشعرية الى [ المَشهد ] ويختلف في ذلك المشهد ما إن كان " سمعي ،بصري،حسي " بإختلاف المفردات المختارة ، .فَـ التوازن هنا حصيلة التمّكن وَلهذهِ الحصيلة خُصوصية تَختلف مِن شِاعر الى آخر .


مِن الجماليات اللتي تأخذ الفِكر في " نُزهة سِحر" هي أن تتفق المفردة بـ المبنى مع أخرى وتختلف بالمعنى
تاركةً وراءها سيلاً جارفاً مِن التحليلات والتعليلات والتخيُلات ...


عِندما قال إبراهيم في البيت الأول :
وعلقت جرحي.. على جدرانتلويحك


وَ أختلفت في الأخير :
__ وعلقت قلبي.. على بيبان تلويحك


تَرك هَذا الفِكر سائِحاً يجوب " الخيال" بِلا دليل ، إلا أن أهدت " التِيه" نَجمة ، كَانت قُد غُرسَت على ناصية " المعنى" !
نَعم ، ربما بمجازفة التحاليل تُقلب المَجاهيل أعلاماً !


في نَظري أن سبب إختلاف .. الجدران الى " بيبان" هي أمنيةً " للعودة " مَكنونة فِي النَفس !
بالأخص حينما كَان المُعلقّ على الباب [ قلب ] وَ ليس [ جَرح ] ، مَا أجمل هذهِ الروح اللتي تُحيل الضيم " املاً" وَ الجَرحَ [ صَفْحَاً ] وَ مغفِرة ! .






بِ قلم : تلاهيف نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تلاهيف العمري غير متصل   رد مع اقتباس