منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ماذا قدّم لنا اليوم الوطني ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2009, 07:09 AM   #1
م.ماجد محمد
( ذُوق بنكهَة خاصَة )

الصورة الرمزية م.ماجد محمد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

م.ماجد محمد غير متواجد حاليا

Post ماذا قدّم لنا اليوم الوطني ؟


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قبل ساعتين بالتمام من بداية كتابتي لهذا المقال ، دخل يوم الأربعاء و في جعبته الكثير من الأحداث المهمة على مستوى المملكة العربية السعودية ، إذ يُصادف هذا اليوم توحيد المملكة على يد مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود ، و يُصادف أيضاً افتتاح جامعة الملك عبدالله و التي ستمّثل نقلة نوعية على مستوى الأبحاث بالدولة ، و يُصادف أيضاً إجازة نهاية الأسبوع و التي يتنفس بها بعض موظفو القطاعات الخاصة ليحتفلوا بنهاية دواماتهم أولاً ثم بالأحداث المرافقة في نهاية أسبوعهم .

إن ألقينا نظرة خاطفة حول ردّة فعل المواطن السعودي تجاه يوم وطنه ، سنجد أنها تفتقر إلى الثقافة الوطنية المطلوبة في مثل هذه المناسبات ، فالخروج على الأرصفة و الرقص على أنغام الأغاني الوطنية و خروج الفتيات المتلثمات مع سائقيهم للاحتفال وسط الشوارع العامة لا تضيف بالحقيقة أي رصيد جديد في سجل الوطن ، بل و تُعتبر نكسة كبيرة باسمه و باسم مواطنيه ، كيف يُمكن لفرحة تأسيس الوطن أن تُصادر حرية الآخرين في الوصول إلى شارع غير مزدحم بالمحتفلين على سبيل المثال ؟ ماذا قدّم المواطن من هذا الفعل للوطن ؟ و هل ما يفعلونه يُعتبر بمثابة فرحة حقيقية لهذا اليوم أم أنها حجّة للبحث عن عمل فوضوي و " فلّه " كما يصفها الكثير من المحتفلين لإضاعة الوقت ؟

الوطن ليس بحاجة إلى هزّ الأوساط أو التلويح بالأشمغة على صوت محمد عبده أو رابح صقر ، الوطن بحاجة إلى تكاتف المواطنين مع بعضهم البعض ، يحتاج إلى تعاون الشيعي مع السني في دفع ثقافة هذه البلاد للعلالي ، بحاجة إلى تفاهم المتشددين مع الليبراليين لصُنع ثقافة يرضى بها الطرفين تحت شعار الحريّة الشخصية ، و بحاجة أيضاً إلى تفتيت جبال العنصرية ما بين الحضر و البدو و الاجتماع على أننا لبنة مهمّة في تكوين هذا المجتمع ، لماذا يلتفت الأغلب إلى سفاسف الأمور و يترك القضيّة الوطنية معّلقة على حبال الأقدار والمشيئة ؟ ألا يُدرك الأغلب أن قوّة أي دولة تعتمد على قوة الترابط بين المواطنين أولاً و من ثمّ ترابط هؤلاء مع حكومتهم ؟

كيف لنا أن ننعم بهذه الفرحة و نحن نرى أبناء الوطن و هم يتوّعدوا حكومتنا بالتهديد و القتل و المحاولة لهز عروشها رغم كرمها الشديد معهم ؟ كيف لنا أن نشعر باللذّة و نحن نرى تسّلط المسلمون مع بعضهم البعض و كأن ما بينهم عداوة و ليس الوطن ؟ كيف لنا أن ننعم بالسعادة بيوم وطننا و نحن نرى عنصرية المناطق البربرية بين المواطنين ؟ كُره أهل نجد للحجاز و العكس ، كُره الجنوب للشمال و العكس و كأنهم ليسوا جميعاً أبناء هذا الوطن !
نحن بحاجة إلى صُنع ممر ثقافي جديد برأس المواطن تجاه يوم وطنه ، نحتاج إلى رسائل عميقة تهدف إلى ربط الشعب ببعضه البعض ليكّونوا قوّة فكرية و حضارية يهابها و يحترمها الجميع ، هذا الوطن والذي يعيش في كنفه زهاء 27 مليون نسمة بأمّس الحاجة إلى زرع ثقافة تقّبل النقد و الحوار الذي منحته الدولة لجميع مواطنيها ، نحتاج إلى لغة الأخلاق في حوارنا مع الصغير قبل الكبير ، و لم يكن مخطئاً ذلك الشوقي حين قال : و إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما و عويلا ، و كان الإمام الشافعي مُحقاً حين ردّد : قد مات قوم و ما ماتت مكارمهم و عاش قوم وهم في الناس أموات .


اليوم الوطني أكبر من كونه أغنيات للرقص فقط ، إنه رسالة عميقة تصل إلى كلّ الشعوب ليروا كيف يحتفل هذا الشعب بيوم توحيد وطنه ، الأغاني الوطنية ليست مطلباً ضرورياً لهذه المناسبة بقدر ما يهمنا تشريف و ترسيخ صُورة المواطن السعودي بأجمل حلّة ، ولا أظن أن صُور السيارات و هي مصبوغة بالأخضر إشارة إلى حب صاحبها للوطن بالضرورة ، مع ملاحظة أن حوادث الزحام تزداد بكثرة في هذا اليوم من كل عام - بجوار فوز المنتخب الوطني - لتُصبح أفراح بعض القوم أتراحاً لدى غيرهم .

كلّ عام و الوطن أجمل ، و كل عام و الشعب لبعضه أقرب ، و كل عام و نحن بخير باسم الوطن ..

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة م.ماجد محمد ; 09-23-2009 الساعة 07:11 AM.

م.ماجد محمد غير متصل   رد مع اقتباس