منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حكاياتٌ يقصها لكم جدّي (جونو)
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2007, 10:28 PM   #5
أصيله المعمري

شاعرة و كاتبة

مؤسس

افتراضي


قصة عائشة
الحياة التي ماتت قبل أن تبدأ




*
*
*

هناك بعد أن غلف أرواحهم الذعر والخوف والترقب والحزن
بعد أن كانوا منكسرين خاشعين
حيلتهم دعاء يرسلونه للسماء
والقلق يذبح على ما سلف من حب وما سيأتي من عمر
انتهى جونو ورحل
بدأ الهدوء يراودهم
والدنيا صامتة تحصي عدد المغادرين للموت
بدأ الناس يرون أنفسهم والكل يتأمل الآخر
كأنهم مبعوثون لـ يوم الحشر العظيم
والتفاصيل تختلف عما رسموا في مخيلتهم منذ الصغر
يخرجون من بيوت قد استحملتهم وما في أرواحهم من شعور كاد أن يقتل الكون وقتها في أكثر من خمس ساعات
هناك تكسرت أشياء
وهناك تكسر ماضي
وهناك ماتت أرواح
وهنا فُقد أحدهم
إلا من أتى الله بـ منزلٍ قوي حديث لا يقدر عليه أحد من خلقه
الحالمة مسقط اليوم في عز سكونها بعد أن عصف الاعصار بها
مسقط تبدو على غير العادة هادئة وهادئة كثيراً
وهي ترى ما حل بها وهي تحمل امتيازات العاصمة !!
ولكنها باتت الرحيل/الدمار/الفقد/الموت/العمار/الدموع/القسوة/الأحلام/الماضي/الحب


خرجت سمية من البيت وزوجها سلطان لـ يتفقدوا تفاصيل كادت أن تموت
وأبنائهم الأطفال نيام ... ما شهدوا الموت قط... ولا أحسوا بشيء
كانت سمية تفكر وتقول من اتجاه واحد : أفضل أنهم كانوا نيام حتى لا يعرفوا شيء ولا يحسوا بالخوف...ولكن من الاتجاه الآخر تقول : لكن لو شهدوا الحدث،، لـ ظل في مخيلتهم ... يبروز ثقافتهم مدى العمر


ولكنهم على كل حال نيام غصباً عن كل الاتجاهات يا سمية

سمية وسلطان يشتمون رائحة غريبة وكريهة جداً فور خروجهم من المدخل الرئيسي للبيت ...توجهوا لحديقة المنزل باحثين عن مصدر هذه الرائحه...وهم يمرون على أشجارٍ وزهور وذكريات تكسرت وقد سقيت في زمنٍ بـ ماء حبهم...
لا يهم
الآن ما مصدر هذه الرائحة
طفلة رمى بها الاعصار ربما من نفس القرية أو من القرية المجاورة أو حتى من المدينة المجاورة لـ بيتهم
طفلة ملطخة بالطين مارس الموت عليها حلم فـ ابتسمت
الطفلة البرئية
الطفلة الجميلة
ما رحمها الهواء ولا الطين ولا الريح ولا السماء
ولا قدرِ قتل طفولتها
اختارت روحها هذا البيت بسكينة
قطعها الموت كثيراً
تقرب سلطان منها والدمع يلوث ملامحه من هول مشهد سيقتله حتى وإن سلِم من الموت الذي رحل وما قدرَ عليه
سمية سمعت صرخة أحد ابنائها وذهبت تركض وقلبها الأم
سلطان ما زال لا يقدر على أن يلمس (طفلة الطين) وهي تبتسم ميتة
سلطان يتقدم يديه ويرجع والعذر لـ يمسح دمعه
أخيراً تجرأ ومسكها
جسد متكسر منهك ....طفلة فعل الاعصار بها ما فعل
ربما جرفها الوادي
ربما قذفتها الريح
ربما وربما
ولكنها ماتت
واختارت بيت سلطان قبراً لها

سلم سلطان جثة الطفلة لـ رجال الشرطة حتى يتعرفون على هويتها وأهلها
ومن ثم تُدفن وهي ما فعلت شيء....
الطفلة عائشة
عائشة نعم
وتراود ذاكرة سلطان كل ليلة
هناك في عيون أطفاله
حيث حديقة منزله
والمكان الذي أختارته قبراً لها

في الذاكرة
في الذاكرة حُفرت ابنة الجنة (عائشة)

 

التوقيع

لا يوجد شيء لـ عرضه

أصيله المعمري غير متصل   رد مع اقتباس