[سالم حيد الجبري]

أعرفُ إنَّ ثمّة مجنون قد أخترعَ أفروديت،
وآخر أخترعَ عشتروت،
وأعرفُ أيضاً إنَّ أحدهم قد نحت فينوس
أعرفُ أنَّ كلَّ أولئك،
وغيرهم لم يفعلوا ذلك
إلّا ليعبرَ كلّ واحدٍ منهم عن حُبّهِ،
وشغفه بامرأةٍ ما
حتّى لو كانت تلك المرأة خيالاً من وحي خيالاتهم،
أو حجراً ( نحتاً ) من صنع أياديهم !!
هكذا هي غريزة الانسان المبرّرة بالعاطفة،
والحبّ، والمشاعر منذ زمن سحيق،
وهكذا جاء من بعدهم عُشاق العرب
بعواطفهم المادية الملموسة
المتمثلة في ليلى،
وبُثينة، وعبلة، وغير ذلك،
وهمُ الَّذين صاروا يكتبون الشّعر
يقولون فيهن مالا يفعلون،
ويهيمون بهن في كلِّ واد
أما أولئك الَّذين لم تسعفهم خيالاتهم
كمن سبق من صنع الآلهات،
ولم يظفروا كمن لحق بمسميات مادية
مثل ليلى، وبثينة،
فقد أخذهم الشّعر إلى التّسكع
عند ضفاف الشُّطآن
ليوحي لهم شيطان الشّعر
بأنَّ هنالك حورية الماء
الّتي ستظهر لهم في أفق البحر
تحت مُسمى عروس البحر،
وهي تلك الّتي سيحبونها،
وستكون بالنّسبة لهم المُلهمة
الَّتي ستجود عليهم بقريحة الشّعر،
وهكذا........ !!
حتّى وصل آخرهم إلى أن يقترن بالسّهر، والسُّهاد،
وهو ذلك الَّذي رفع رأسه نحو السّماء
ليبحث عن حبيبته في وجه المساء،
وعندما رأى القمر
قال بأن حبيبته هي القمر!!..
هي القمر هي الخدود
هي القمر هي البعيد
هي القمر هي النّديم
هي القمر هي المساء،
والسَّهر،
والمناجاة !!

غير أنَّك عندما تحبُّ تلك الحسناء
الَّتي تجيد كلَّ مدائن الجمال /
تتقن الرِّيشة،
والوتر الرَّخيم
وتُحسنُ - هي - سكب العِطرَ مطراً
من سماوات اليراع
ستأتي فينوس من عمق الماضي
لتعيد لهوميروس ناظريه
ستأتي من سومرٍ،
وبابل
ثلّة من الشَّاعرات،
والفنانات،
والملهمات
ليخبرنا عن حدائقِ وردٍ معلقة
فوق صباحات الخدود !!
عن أنجم الأفلاك،
والأهلّة المتدلِّية من ثُقبِ الرَّوْم !!
عن كيفية إختراع النَّاي من شفاهِ امرأة،
وعندئذٍ ......
حتماً سيكون التَّاريخ امرأة !!