منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تبـــاريــح :
الموضوع: تبـــاريــح :
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2023, 06:08 PM   #40
عبدالعزيز التويجري
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية عبدالعزيز التويجري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15617

عبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعةعبدالعزيز التويجري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي الحديث الشجي !


أتى إليَّ مربدَّ الوجه ، يزفر من غيظه ، وسلَّمَ وجلسَ بجانبي ، تركته بضع دقائقٍ ، ثم سألته ، ما الذي ألمَّ بكَ ، وأتى بكَ إلي على هذه الحال ؟!
فقال لي دون أن ينظر إلي : أنشدُكَ الله يا أبا بسامٍ أن تجيبَ طلبي هذا !
أجبته : سأبذلُ قصارى جهدي في تحقيقه بإذن الله !
فقال : سأفضي إليكَ بحديثٍ ، وأنشدكَ الله أن تعيد صياغته ، وتنشره كما أفضيتُ لكَ به !
قلتُ له : لكَ ذلكَ بإذن الله !
بدأ حديثه قائلًا : مات أبي ! وإني والذي لا إله إلا هو ، لا أترحَّمُ عليه ، ولا أدعو له ، وأمرُّ على المقبرة فلا أُسلِّمُ عليهم ، ولا أدعو لهم ، لأنه بينهم !
عجبتُ أشدَّ العجب من بداية حديثه ، ولم أستطعْ أن أنبسَ ببنتِ شفَةٍ !
أكمل حديثه قائلًا : لم أبكِ حين وفاته ! كنتُ أقهقهُ والسرورُ يكادُ ينبجسُ من قلبي ، والأنسُ فاض حتى لو كنتُ في وادٍ موحشٍ لما أبهتُ لما أنا فيه من الأنس الذي ملأ روحي !
قلتُ له : أو ولدٌ صالحٌ يدعو له .
فأجابني : أكتفي بأن أكون ولدًا صالحًا لأمي ! أما الذي نُسبَ اسمي إلى اسمه ، فلا أحفلُ !
ثم التفتَ إلي ، وقال : ما حالُكَ أنتَ بعد أبيكَ ؟!
فقلتُ له : قد مضى أبي –رحمه الله- إلى جوار به ، وانقطعَ عمله إلا مما خلَّفَهُ وراءه ، وحريٌّ بنا ألا ننسى والدينا وأحبابنا مما حُثثنا عليه وأُمرْنا به !
نشر الصمتُ علينا رداءه ، فلم ننبسْ ببنتِ شفة ، وفجأةً التفت إلي وقد اغرورقتْ عيناه بالدموع ، وقال لي : والواحد الأحد أني أحبُّ أبي لولا خطأ حياته الذي اقترفه بزواجه من تلك العائلة ، وسيدلكَ فهمكَ على سبب حنقي عليه لمعرفتكَ بما يحدثُ بين أبناء الأب !
قلتُ له : أتقصدُ أنَّ تلك المرأة من تلك العائلة ، تُحرِّضُ أباكَ وتحثُّه على التقصير معكم ؟
قال : نعم ، هذا ما رميتُ إليه وعنيته !
أجبته : أبناء الأب ، أو القذفات التي قُذفتْ على فتراتٍ متفاوتةٍ ، في أزمنةٍ مختلفةٍ ، لا يُقرُّون إلا بما اندلقَ من قِنِّيْنَةِ أبيهم في خابية أمهم ، وما سوى ذلك فعدوٌ خاتلٌ ، وإن برَّ ، ورأفَ ، وعطفَ ! فلا تغتر ببشاتهم ، ومبالغتهم في المودة فسرعان ما تتبدد سحب سمائهم ، وتظهر شمسهم الحارقة فكن على حذر منهم ولا تنخدع ببسمة وكلمة فالعبرة في المواقف وديمومة الإخاء ، لا بالكلمات والتشدق !
تبسَّمَ ، وقال : ما أَذْلَقَ لسانكَ !
فابتسمتُ بدوري ، وقلتُ له : أبناء يعقوب عليه السلام ، لم تصفُ قلوبهم ، وهم أبناء نبيٍّ ، فكيف بنا نحنُ أبناء العامة ؟!
أكمل حديثه قائلًا : حريٌّ ببعض أولئكَ –يقصد إخوة زوجة أبيه- أن يحلقوا لحاهم وشواربهم ، ويرتدوا العباءة –ربما لتحريضهم أبناء أختهم على إخوتهم من الأب- ، لأنهم أقرب ما يكونون إلى الإناث ، وأبعد ما يكونون عن الرجال !
وفجأة قهقه ، وقال : وأحد أبناء أولئك يحلق لحيته !
قهقهتُ بشدةٍ لدعابته التي تخلَّلَتِ الحديث الشجي ، فتساءل عن السبب ، فقلتُ له : تقصدُ أنه جمع الحشفَ إلى سوء الكيلة -حلق اللحية ، وعدم رأب الصدع بين الإخوة- وخليقٌ به أكثر من غيره أن يرتدي العباءة !
قهقه ، ثم قال : أنشدكَ اللهَ ! أن تنْشرَ الحديثَ كما أفضيتُ لكَ به !
فوعدته بذلك ، ومضى مصحوبًا بحفظ الله ورعايته !
وأنا أستعيدُ الموقف دارتْ بخلدي هذه الكلمات : أيها الآباء : إن اضطررتم للزواج من أخرى ، فاختاروا لنطفكم ، فإن العرق دساسٌ !
أيها الآباء : جبلتم على حبِّ الأبناء ، ولم يُجْبَلِ الأَبْنَاءُ على حُبِّكُم والحدب عليكم ، فإن لطفتم بهم ، وعاملتموهم بالرفق واللين ، والنصح والإرشاد من غير توبيخ وسخرية ، وتقتيرٍ عليهم مع القدرة ، أحبوكم ، وبروكم في كبركم ، ولم ينسوكم من الدعاء والصدقة والأعمال الصالحة بعد رحيلكم ، وإلا فأنتم من أَوْكَى ونَفَخَ !
وأنتِ يا زوجة الأب : قبل خلق السموات والأرض ، قسِّمتِ الأرزاق ، وقدِّرتِ الأقدار والآجال ، وإنَّ أحدًا لن يأخذ من رزق أحدٍ لقمة ، ولا من عمره ثانية ، ولا من سعادته لحظة ! فكوني عونًا لا فرعونًا ، وارأبي الصدع ، ولا تُوغري الصدور ! وحثِّي زوجكِ على العدل والمساواة ، وأبناءكِ على التوقير والمحبة ، ولا تكوني رسول شيطانٍ يزيد أوار النار ، وإيقاد جمر الحقد والبغضاء ، فما خُلِّدَ أحدٌ (كلُّ من عليها فانٍ) ، وما الدنيا إلى الآخرة إلا متاع الغرور ، وهشيمٌ تذروه الرياح !

 

التوقيع



twitter : @arabods

عبدالعزيز التويجري غير متصل   رد مع اقتباس