منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2022, 02:34 AM   #50
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

الصورة الرمزية إبراهيم امين مؤمن

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1364

إبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اعرف عمق البحر قبل أن تعبره
تجربة الافتتاح
إنّ الهدف الآن هو فحص تركيبات fcc-2 وقدرتها على أداء عملها على أكمل وجه.
ليناك 64 والكواشف وشبكة الحوسبة وبقيّة أجزاء المصادم.
وهي تجربة فحص، ولذلك سيكون العمل عليه الآن بأقلّ طاقة ممكنة.
العالم كلّه الآن ينتظر أوّل تجربة له لتصلهم عبر شبكة حوسبة ممتدة لمعظم دول العالم، هم بالأساس لا يعتنون بالتجربة الأولى لعدم جدواها في تقديم جديد في الفيزياء، كما لا يعتنون بعمل ارتطامات ذات طاقة أقل من مائة تيرا إلكترون فولت والتي حققها مصادم سيرن fcc-1، ولكنّ أنظارهم تتطلع لإحصاء النتائج عندما يعمل بطاقة أعلى من هذه القيمة.
يتم دفع دفقات البروتونات أولاً من خلال ليناك 64 تستقبلها بعد ذلك مغانط عملاقة ذات حقول مغناطيسية هائلة قدرتها ستون تسلا.
بعد عدة خطوات تدخل الدفقات إلى داخل fcc-2 على هيئة قسمين، واحد في اتجاه عقارب الساعة والآخر عكسها، تتسارعا حتى تصلا إلى سرعة تقارب سرعة الضوء، ثمّ يحدث التصادم عند كواشفه.
تتحطم حزمتا البروتونات إلى جسيمات أصغر أثناء التصادم ويستطيع الكاشف رصد بعضها قبل أن تعاود تجميع نفسها من جديد، ثمّ ترسل البيانات إلى شبكة من الأنظمة الحاسوبيّة.
البروتونات التي لم تتصادم تظلّ سائرة حتى تصل إلى القسم المخصص بإخماد الحزم.
ومن بعد هذه التجربة تبيّن أنّ كل مكوناته تعمل بكفاءة عالية.
اِطمئنّ فهمان والرئيس مهديّ على حالة المصادم وتناقلتْ وكالة الأنباء العالميّة خبره بعد ذلك، وتناول الصحفيون الحديث مع فهمان والأساتذة الذين عاينوا التجربة، ودارتْ عدة حوارات تدور حول المصادم وماذا يمكن أن يقدّم من جديد، وكان من بين الأسئلة التي سُئلت لفهمان: «دكتور فهمان، هل تظنّ أنّ المصادم قد يفكُّ ألغاز نظريّة الأوتار الفائقة الخاصة بالأبعاد الكونيّة؟»
فردّ فهمان: «نظريّة الأوتار الفائقة منذ أن تمّ الكشف عنها والعلماء يحاولون إثباتها ولكنهم يفشلون في كل مرّة، لعلّ سبب فشلهم هو عدم توفر مصادم يعمل بطاقة كبيرة لينتج أصدقاء جددًا من الجسيمات.وكانوا يأملون الكشف عن جسيم الجرافيتون الافتراضيّ المسئول عن نقل الثقالة بيد أنّه كما قلتُ بأن قدرة المصادمات ضعيفة ولم تسعفهم لتحقيق آمالهم.أنا متأكد أنّ عبور الأبعاد التي أخبرتنا بها نظرية الأوتار تكمن في هذا الغرافيتون، وسأكتشفه إن شاء الله، سأكتشفه من أجل أن أحمي هذا العالم من الفناء.»
وانفضّ الاحتفال، الاحتفال بأعظم تكنولوجيا على أرض مصر.


خطوات التجربة الثانية (اكتشاف الغرافيتون)
اجتمعَ جمْعٌ كبير من الأساتذة يتقدمهم فهمان لخوض تجربة التاريخ.
كلٌّ واحد منهم وقف في مكانه المنوط به.
بدءوا بطاقة ارتطام ضعف طاقة FCC-1 الكائن بسرن؛ والخوف يعصر أوصالهم، إذ يرجون أن تنجح التجربة لعبور البوابة إلى تجربة التاريخ. والتجربة نجحت بالفعل.
تنفسوا الصعداء، ولما شرعوا في الإعداد لإجراء تلك التجربة نظر بعضهم إلى بعض تدور أعينهم فيما بينهم، يلوذون بعضهم ببعض للنجاة من الموت، إذ إن التجربة ستجرى بطاقة المصادم القصوى ألا وهي خمسمائة تيرا إلكترون فولت التي قد تتسبب في هلاكهم وهلاك الكون كله إذا ما تضخم الثقب وبات نسخة عن جهنم الآخرة.
وداهمتهم هواجس شتى، من بينها خوفهم من أن يلتهمهم الثقب ويرمي بهم في بوابة بُعدية قد تكون النملة فيها بحجم الفيل.
وبعد أن دكتهم تلك الهواجس أماتت في قلوبهم طموحاتهم وأحلامهم فذهبت مع الريح خاطرة جائزة نوبل في الفيزياء، وكذلك خاطرة صنْع سلاح يكون له كلمة الحسم في الحرب المحتملة بين الكتلتين، حتى خاطرة القنبلة التي أثارها فهمان في رسالة الماجستير بجنيف ذهبتْ أيضا مع الريح، لم يتبقَ لديهم إلّا خاطرة الكينونة، نكون أو لا نكون.
أمّا فهمان فلا يسيطر على نفسه إلّا أن يحيا العالم في سلام وفضيلة، أمّا خاطرة الكينونة فلم تدب أقدامها على مسرح قلبه لأنّه متأكد أنّ الثقوب المتولّدة نتيجة الاصطدام ستتلاشى بمجرد تكوينها.
تمّ دفع البروتونات إلى داخل المصادم وحدث الارتطام بعد مرورها عبر مكونات المصادم.
سجلتْ المجسات البيانات، وحدثتْ بعض الاهتزازات عند منطقة التصادم المقصودة، تلك الاهتزازات أشبه بالاهتزازات الرعديّة العنيفة، ممّا تسبّب في هلع المراقبين فبعضهم فرّ هاربًا، ومنهم الذي انكفأ على بطنه إذ لم تستطع قدماه أن تحملاه، ومنهم من سقط مغشيًا عليه نتيجة الاختناق.
وتمتْ التجربة بنجاح منقطع النظير، فهلّل مَن هلّل وصاح مَن صاح، وهبَّ واقفًا من سقط منذ ثانية، هبّ مهللاً كالطفل.

إحصاء نتائج التجربة:
عند كاشف SciFi مُتعقّب الألياف الضوئيّة تمّ رصْد أعلى بيانات التجربة بعدها سجّل أطلس بيانات أقل.
إنّ الارتطام تمّ عند مِجس أطلس وكاشف SciFi مُتعقّب الألياف الضوئيّة.
والحقيقة أنّ الاهتزازات صاحبها سحب الهواء مما تسبّب في اختناق وغثيان بعض الباحثين.
ولقد فسّر فهمان أنّ التجربة أسفرت عن ثقبٍ أسود تلاشى بسرعة، وأنّ الثقب كان بداخله جسيمات حاملة لقوى الجاذبيّة وهو الجرافيتون، وهو المسئول عن سحب الهواء الذي تسبب في اختناق وغثيان بعض الباحثين.
ترامتْ البيانات إلى كلِّ أنحاء العالم عبر شبكة الحوسبة الفائقة، وخلال أيام وامتدت بعد ذلك إلى شهور تقدّم مجموعةُ من العلماء بأكثر من مائة ألف ورقة بحثيّة تحلل بيانات الكواشف.
وممّن حلل البيانات العالم اليابانيّ الفذّ ميتشو كاجيتا، وقد اكتشف الغرافيتون من خلال تحليله.

رد فعل العالم إزاء اكتشاف الغرافيتون
ميتشو كاجيتا:
في غرفة مغلقة لا تجمع إلّا اثنين من شياطين الأرض وهما ميتشو كاجيتا ورئيس وزراء اليابان.
ثمة عامل مشترك يجمع بين كاجيتا ورئيس وزراء اليابان ألَا وهو التخلص من الولايات المتحدة الأمريكيّة.
فكاجيتا من فرط كُرهه لأمريكا كره الإنسان، وفي المقابل يحبّ وطنه بولعٍ شديد، وسبب كراهيته لأمريكا أنّ نسبه منحدر من عائلة كانت تقطن هيروشيما، ماتت كلّها إثر إلقاء القنبلة الأمريكيّة عليها سنة 1945.
عائلته كانت ذات نسب عريق جدًا تقدّس التقاليد، ومن تقاليدها أنّ الثأر لا يموت ولو مضى عليه عشرات العقود.
وإمعانًا في حبْك التقاليد وإضفاء الشرعيّة عليها اعتنقوا قولا بمثابة عقيدة راسخة وهو: إنّ الأحفاد كما يرثون الأجداد في أموالهم وحضاراتهم يرثون كذلك إجرامهم.
أمّا رئيس وزراء اليابان فقد كان يكره أمريكا أيضًا والسبب أن عراقة حضارتها وكبريائها صرعت كبرياءه المتوغل في روحه. فهو الآخر ينحدر من أصل كبار الأباطرة اليابانيين الذين زالت إمبراطوريتهم وذابت على أعتاب الولايات المتحدة الأمريكية في ماضيها وحاضرها.
قال كاجيتا له: «إنّ الغرافيتون قد يستطيع اختراع قنبلة جديدة أشبه بالثقب الأسود.»
صُعق الرئيس من هول الكلمة ونظر في وجهه مذهولا ولم ينبس بكلمة.
تابع كلامه: «إن ما منعني من اختراع هذه القنبلة إلّا عدم تمكّني من رصد الغرافيتون، أمّا الآن وبفضل مصادم الوادي الجديد فيمكن رصده والإمساك به وصنْع قنابل الثقب السوداء.»
وأكّد له كاجيتا أنّ مصادم الوادي الجديد أنتج ثقوباً سوداء أطلقت فوتونات ضوئيّة وجرافيتونات الجاذبيّة وقد أدّوا عملهما وهو حالة الاختناق وسحب الهواء.
قال الرئيس: «علام تنتظر؟ يجب أن تكون هناك في غضون أيام.»
سكت هنيهة وعيناه تنظران في زاوية أحد الجدران العلوية ثم قال: «أيّ قنابل ملعونة هذه يا ملعون اليابان.»
أجابه: «القنبلة الذريّة تعتمد على الانشطار، والهيدروجينيّة تعتمد على الاندماج، لكن قنابل الثقوب السوداء لها شأن آخر؛ فهي تجذب ماحولها من مادة آخذة إيّاها إلى المجهول. نضعها أمام جيوش أمريكا لعام 1945 التي دمّرت اليابان "يقصد الجيوش الحالية " فتجذبهم وتنهيهم.» مسح كاجيتا يده اليسرى باليمنى إشارة إلى تنظيف يده من قاذرواتها وهو يستطرد: «وأنّه حان الآن تنظيفها بعد إلقاء أمريكا في المجاري.»
ثمّ نظرَ إلى خريطة العالم وأشار إلى موقع الولايات المتحدة الأمريكيّة فيها وردّد قائلا: «وتُطهّر الخرائط الجغرافيّة من الخطيئة بمسح هذه المنطقة المتّسخة منذ اكتشافها.»
ردّ الرئيس: «هذا ما أروم إليه، لكن علينا بتوخي الحذر والعمل في السرِّ حتى نتيقن من نجاح هذه القنابل الملعونة، عندها نقيم سُرادقات العزاء الذي تأخّر قرونًا، ونستعيد إمبراطوريتنا من جديد.»
ثمّ قال بحزم بعد أن زفر زفرة طويلة: «كاجيتا الخزانة كلّها تحت أمرك، اخترْ من خبراء اليابان ما يصلح معك لتلك المهمة، واعملْ على إحضارها هنا، وحاذرْ حاذرْ أن يعلم أحدٌ بهذا الشأن غيرنا،أنتَ وأنا، أنا وأنت.»
ردّ كاجيتا: «هذا ما انتويتُ فعله بالضبط، سأعكف في معملي أدرس خطوات صنعها وإيجاد معادلتها، وهذا الأمر قد يستغرق وقتًا.
وسأعقد مؤتمرا صحفيا في الحال لأقول فيه أنّي سأنزل بالوادي الجديد خلال بضعة أشهر، وسأقول إنّي نزلت من أجل اكتمال النموذج القياسيّ للجسيمات حتى لا يشكُّ أحد فينا.»
وتمّ عقد المؤتمر وقد قال ذلك بالفعل .

فهمان:
وشأن فهمان متباين عن شأن كاجيتا؛ فخطة كاجيتا هو صنْع القنبلة للتدمير والفناء، أمّا فهمان فكلّ خطته من صنْعها هو البناء والبقاء.
خطة كاجيتا إزالة الناس من على خريطة العالم بالحرب، أمّا خطة فهمان فهو بقاء العالم كلّه على خريطتهم بنشر السلام.

جاك:
وفور أن عرف جاك بأمر اكتشاف الجرافيتونات إلّا وتبلّورت لديه فكرة القنبلة التي ذكرها فهمان في رسالة الماجستير بجنيف والتي كادتْ تودي بحياته بعد هجوم وحدة الكيدون عليه.
كلّ خطوات عمل القنبلة تبلّورت في ذهنه وهو صامت، ثمّ همس لنفسه: قنابل الثقوب السوداء تطرق أبواب الكون.
فانقبض قلبه على الفور.
حاول أن يروّح عن نفسه بعد معرفته بأمر الجرافيتون الذي أجرى الخوف في أوصاله، كما لم يرحمه ذاك الخوف وفتك به أيضًا بسبب خشيته من تحوّل النجم إلى ثقب أسود قبل أن يبتعد عن المجموعة الشمسية.
وفي قصره الكائن في واشنطن توسّط حديقته الغنّاء لينعم بالطبيعة الساحرة محاولة منه للترويح عن نفسه كما قلتُ، فيسمع تغاريد العنادل العذبة، ويشم روائح الياسمين والأزاهير.
لكنّ نفسه المفعمة بالهموم والخوف على العالم لم تفارقه أبدًا، فألقتْ بظلالها فيما حوله، فما وجد في صوت العنادل إلّا أصواتًا تنتحب وتقطر ثغورها دمًا، بينما الأزاهيرُ ما عاد ينبثق الأريج من براعمها.
فتقزّز وشعر بأنّ أنفه امتلأ بالإشعاع النوويّ، وأنّ دويّ القنابل اخترقتْ أذنيه.
أمسك بصحيفة اليوم التي على الطاولة بجانب كرسيّه وفي الصفحة الأولى شاهد صورًا وقرأ مقالات عن مؤتمر لكاجيتا والذي قام بتغطيته عشرات الصحفيين.
كلها تتكلم عن رغبته في اكتمال النموذج القياسي للجسيمات من خلال التجارب التي سيقوم بها بوساطة FCC-2.
شعر جاك أن كاجيتا مخادع وأنّه ما أراد من مصادم الوادي الجديد إلّا ابتكار قنابل الثقوب السوداء، فأراد أن يستوثق من خداع هذا المكير عن طريق مشاهدة ملامح وجهه والتفرس فيها.
بيدين مرتعشتين فتح اللاب توب فشاهد على اليوتيوب المؤتمر الصحفيّ الذي عقده كاجيتا، يسأله فيه خبراء الفيزياء عن سبب نزوله أرض الوادي الجديد فأجابهم بأنّه يأمل بعد اكتشاف الجرافيتون بالطاقة الجديدة أن يكتمل النموذج القياسيّ للجسيمات، وأن ..إلخ.
ظلّ يتكلم عن معضلات وألغاز لم يهتدِ إليها العالم على مرّ تاريخهم ، حتى قال: «واعتقد أنّه حان الوقت لحلّ الكثير من الألغاز الكونيّة التي لم يتوصّل إليها أحدٌ بفضل مصادم فهمان فطين المصريّ.»
وبعد أن تفحص جاك ملامح وجهه وهو يتكلّم تبيّن أنّه يخادع ويراوغ، وأنّه يضمر شرًا مستطيرًا، وجاك يعلم بالضبط ماذا يريد كاجيتا من FCC-2.
ظلّ يغمغم مرتعشًا: كذّاب، كذّاب..... كذاب.
وصرختْ كلُّ جوارحه، وعاش لحظات بين الوعي واللاوعي فرأى الأزاهير تنحني وتتساقط واحدة تلو الأخرى أمام عينيه وكأنّها تعلن عن موتها، والبلابل تخرّ ساقطة بعد أن هوت أزاهيرها.
أفاق وانتبه من الحالة الوسطية التي اعترته، بعدها أمسك باللاب توب ورماه في السماء قائلاً: إذن نهاية العالم على أيدي مصادم FCC-2، بل على يديك يا فهمان.
وما أن انتهى من قوله أمسك بالهاتف واتصل بفهمان.
قال له جاك: «العالم على حافية الهاوية بسبب مصادمك، قلْ لرئيسك يغلق المصادم.»
سأله دهشا: «لِمَ ؟»
أجابه: «أغلقْه، ميتشو كاجيتا وفريقه في الطريق إليك من أجل الجرافيتون.»
- «تقصد أنّه أتى وفريقه لصنْع قنابل الثقوب السوداء؟»
- «طبعًا، وإن نجح سيركعُ العالم كلّه لليابان، وخاصة أنّي أعلم عن رئيس وزرائهم أنّه مجنون بداء العظمة، لكنّه يداري ويضمر حتى لا تلجمه أمريكا وتقتل ما بداخله من عفن.»
- «أنتَ تعلم أنّ صنْعها صعب، ومع ذلك سأسعى جاهدا للحيلولة دون ذلك.»
- «وهل لديك بروتوكولا من بروتوكلات المصادم لتمنعه عن ممارسة التجارب؟»
-«لا.»
- «إذن أغلق المصادم بحجة ترميمه أو اجعلْ رئيسك يطرده هو ووفده.»
- «لن أغلقه قبل الوصول إلى إبليس لقتله فتحيا البشريّة بلا حروب.»
- «لن تعبر، العالم سينتهي قبل أن تعبر، العالم الذي تُضحّي من أجله سيضيع بسبب مصادمك يا فهمان.»
- «صديقي، ليس لدي صلاحية لإغلاقه، وليس من صلاحياتي طرده كذلك، لكن سأشرح الأمر للرئيس مهدي.»
- «فهمان، صديقي، لو قامتْ الحربُ بين آسيا وأوروبا بقيادة أمريكية فكلٌّ منهما لن يستخدم النووي إلّا بحذر شديد لأنهما خاسران في حالة تبادل الضرب به، لكن عندما تمتلك دولة قنابل الثقوب السوداء وهو سلاح أشبه ببوق إسرافيل فلن تصدّه قنابل نوويّة ولا قنابل هيدروجينيّة، فهمان لو حصل عليها أحدهما سيعمل على الخلاص من الآخر بها.»
- «صديقي، لن أسعى لإغلاقه قبل العبور، فأنت تعلم ما أريد، وأكرّر لك، أريد طرق بوابة إبليس، أريد قتْل إبليس، أريد الهداية للناس.»
- «وأنا أكرر لك لا جدوى من الوصول إليه، فكلّ الطرق المؤدية إليه محفوفة بالمخاطر.»
ثم قال مستدركا: «صديقي إن نجحتَ في العبور فسيقبضون عليك ويقتلونك.»
سكت هنيهة، وزفر زفرة طويلة ثمّ قال راجيًا: «دعك من هذا الوتر المهتز الذي سيبلغك بُعد الشياطين، دعك منه، لو أدرك كاجيتا قنابل الثقوب السوداء فلن يرحم منا أحدا ولو رضعائنا.»
- «لن أدعه ولو كانت نفسي فداء لذلك، وسأقف حجرة عثرة حتى لا يحقق مخططه الشيطاني.»
- «إذن فأنا أحملك ما سيحدث للعالم من جراء حمقك.»
وأغلق الهاتف ثم رماه فارتطم بالحائط وهو يزفر غيظا وغضبا.

العالم:
أمّا شأن الدول إزاء اكتشاف الجرافيتونات فهو أمر مؤسف أيضًا.
تهيّأت قوى التحالف لإرسال المزيد من خبرائها وعلمائها فضلاً عن الموجودين أساسًا من قبل إلى FCC-2 بعد ان تأكدوا من وجود الجرافيتون.
ولقد حثّ الرئيس الأمريكيّ الأمم المتحدة بكافة أقسامها بجعْل مصادم الوادي الجديد تحت مراقبة لجنة متخصصة من أفضل العلماء الأمريكيين متذرعا بأنه قد يهلك الكون، ولقد سعى إلى ذلك سعيًا حثيثًا، وغرضه الحقيقي هو إطلاق حريّة الحركة للخبراء الأمريكيين دون غيرهم من الروس وحلفائها بعمل ما يحلو لهم على المصادم.
اكتشاف الجرافيتون فتح آفاقًا جديدة للدول المتوقع خوضها الحرب النوويّة، تلك الآفاق المتمثلة في عمل بحوث حول إمكانيّة تطويعه لصنع سلاح أفتك من الأسلحة النوويّة.
ولقد منّوهم خبراؤهم بأنّ المصادم FCC-2 قد يكون الوسيلة لصنع سلاح دفاعيّ ضد الرءوس النوويّة وبالتالي يعصف بأخطار القنابل الذريّة من قبل المهاجم.
وبدأتْ الدول ترسل دعمها بمليارات الدولارات مما كان له أثر بالغ في تحسين الاقتصاد المصري شيئا فشيئا.


غزو مشروع
تجارب مصادم FCC-2 تتم على أكمل وجه، وما زال الخبراء والباحثون يتوافدون عليه من كلِّ أنحاء العالم، والكثرة الكاثرة منهم من الدول المحتمل خوضها للحرب المحتملة وهي أمريكا وحلفاؤها ضد الروس وحلفائها.
ولم يغفلْ مهديّ لِما تُدبّره الكتلتان العظميان للمنطقة العربيّة، فالمخطط الصهيو أمريكيّ يريد ضرْب دول آسيا في مقتل بدب أحذيتها الغليظة على أعناق أهل أرض العروبة، كما لم يغفل أيضا أن دول آسيا لن تسكت وستسارع هي الأخرى للزحف نحو المنطقة لتدافع عن نفسها.
ولقد تأكد لمهدي بأنهم سيبدءون زحفهم بإرسال خبرائهم للعمل على المصادم، ولقد استغل مهدي تلك الفرصة وفتح المصادم للجميع من أجل أن يأخذ ما بجيوبهم من مال ليخرج بشعبه من المجاعة التي ضربتهم بسبب ضياع نهر النيل وتسليم مقدرات اقتصاد مصر لدولة إسرائيل من قِبل الرئيس المخلوع.
***
مضى عامان على الاتّفاق الصهيو أمريكي، خلالهما كانت الحروب الأهلية في المنطقة العربية على أشدها، والانقسامات داخل جيوشها تسببت في استنزاف قواهم الجسديّة والماديّة.
تلك النكسات أيقظت بقوة الخلافات القديمة الخاصة بحصص المياه بين تلك الدول العربية من خلال المصبات والمنابع فضلا عن الحدود الجغرافية المتنازع عليها من قبل أيضا، تلك اليقظة بمنزلة دق طبول الحرب فيما بينها.
ولم تنج الدول العربية من داء التطرف المذهبيّ والعقائدي أيضًا، ولقد ظهرتْ ملامح هذا الداء العُضال من خلال مجموعة من الحروب بين السنة والشيعة داخل الدولة نفسها ثمّ بين الدول وبعضها؛ فتقاتلوا وأنهكوا بعضهم بعضا.
ونتيجة لكلّ ما سبق، ترامتْ الجثث في كلِّ مكانٍ على أرض العروبة، وانهدمتْ المنازل فوق رؤوس أصحابها.
وغدت الحياة مستحيلة على أرض العروبة حتى كثُر فيها العواء والزئير والفحيح، وتحوّلتْ الأرض كلّها إلى مجموعة من الغابات يعيش عليها أعتى أنواع الحيوانات شراسة وتوحشًا وافتراسًا.

***

وبالرغم أنّ المخطط سالف الذكر هو السبب في ذلك، إلا أن القادة الأمريكيين أذناب نظام رامسفيلد والصهاينة خرجوا في بجاحة لا نظير لها عبر وسائل الإعلام وأدانوا العرب جميعًا، وفيما قالوا: إنهم قوم إرهابيون، وما كان يجب من البداية أن نتركهم لأنفسهم يدمّرون بعضهم بعضًا ثم يصدرون لنا معتقداتهم الإرهابية بزحف المنتصرين منهم نحونا.
ومن أجل تجنب زحفهم إلينا يجب أن نبادرهم ونذهب إليهم لنحميهم من أنفسهم أولاً، ثمّ نحمي أنفسنا منهم.
ويجب إعداد جيوشنا كاملة العدة والعتاد، حتى إذا حصلنا على شرعية الدخول إلى المنطقة من الأمم المتحدة استطعنا الانتشار جيدا في المناطق الإستراتيجية فيها.
***
ولم تمضِ سوى أيّام على خروج الساسة المتبجحين حتى عقد الكونجرس الأمريكيّ جلسة تناقشوا فيها حول زحْف القوات الأمريكيّة وحلفائها إلى أرض العروبة، وقد كان عدد الأصوات الرافضة للزحف تعادل الأصوات الموافقة له.
صبيحة اليوم التالي من عقد الكونجرس خرج الشعب الأمريكيّ كلّه تقريبًا في مظاهرات عارمة رافضًا التدخل الأمريكيّ في المنطقة العربيّة معللاًَ أنهم ليسوا في حاجة لإرسال أولادهم إلى هناك ليخوضوا حربًا ضد الروس يحترقون فيها.
ولقد قالوا أيضًا لا يجب على دولتنا وأحلافها أن يحاربوا آسيا من أجل فشلنا في منافستهم اقتصاديًا.
اعتصموا أيضا في الشوارع وأقاموا الخيام وافترشوا الأرصفة وندّدوا بجورج رامسفيلد ويعقوب إسحاق ودعوا الأمم المتحدة ألّا تُعطيهم شرعية الزحف إلى هناك.
ولقد ترك جاك رصد نجم أورط ووقف مع الثورة تضامنا لهم، ونتيجة ذلك أن خرج الشعب الأمريكيّ عن بكرة أبيهم فحدثتْ ثورة لم تشهد أمريكا لها مثيلاً على مدار تاريخها كله.
وكان جورج رامسيفلد يتابع مشاهد الثورة بأسىً بالغ، فلمّا شاهد جاك يحرّك الثوّار ويشدّ من أزرهم تأكد له حينئذ أنّ الثورة ستنجح ويفشل مخططه الذي من أجله اعتلى عرش الرئاسة الأمريكية، لذلك تراءى له أن يخطط لإفشال الثورة الأمريكية.
وعلى صعيد آخر خرج جمْعٌ ليس بالقليل من حاخامات اليهود تبعهم عدد غفير من الشعب اليهوديّ متّجهين إلى المؤسسات الإسرائيليّة رافعين شعارات تدين سياسة يعقوب إسحاق تجاه العرب.
وقد قال حاخام المعبد الأكبر بأنّه ولده"يقصد يعقوب" وقد ربّاه، فلمّا علم باجتماع الكابينت الشيطانيّ عارضه فلم يمتثل، فطرده من المعبد وقال له إنّ اليهود شعب الله المختار بطاعة الله وليس بالعمل على تأجيج الحروب والصراعات بين الدول.
وقال حاخامٌ آخر إنّ الحاخام الذي اجتمع معهم في الكابينت وأعطاهم شرعيّة إثارة الفوضى في العالم من أجل تمكن دولة إسرائيل من رقاب كل العالم لم يكن حُجّة على التوراة، وقد ردّ عليه كثير من الحاخامات في طريقة تأويله للنصوص التوراتيّة، وقالوا له مرارًا وتكرارًا إنّ عليهم نشْر نصوص التوراة بالحقّ والعدل وليس بالدم والقتل، وإنهم مُفضّلون على العالمين بالتقوى، بيد أنه رفض ذلك كله وأصر على إثارة كافة الدول على بعضهم البعض.
وهم أحبار اليهود يقولون للعالم وللتاريخ أنّهم لا يدعون إلى مذلّة الشعوب أو قتلهم أو إثارة الفتن بينهم، ويقولون أيضا أنّهم أسياد بالتقوى، ودولة إسرائيل الكبرى ما هي إلّا حضارة لابدّ أن تحكم العالم بالحقّ والسلام.
ولقد أخبرتْ أجهزةُ المخابرات الإسرائيليّة يعقوب إسحاق حركة الشارع اليهوديّ أولاً بأوّل وكان يعلق حينها بنعتهم بالجهل، أمّا بالنسبة للحاخامات فقد علق بأن ما يقولونه مجرد محض هراء.
أمّا مؤيد فكان يتابع ثورات الشعب الإسرائيليّ وأقوال الحاخامات فلم يعبأ بها لأنّهم مجتمعون على رأي واحد هو أنّ فلسطين مغتصبة، ومغتصبوها هم الفلسطينيّون.

***


ضربات إرهابيّة في أمريكا وأوروبا
وإنهاك الدول العربيّة بعضها بعضًا كان يُبثُ ليلاً ونهارًا على شاشات التلفاز والقنوات الإخباريّة العالميّة، وكانتْ تشاهد بشغف وترقب كل هذا الشعوبُ الأجنبيّة وخاصة جيوشها المحتمل زحفها إلى أرض العروبة.
ولم تغفل هذه الشعوب أنّ أمريكا وأوروبا يمثّلون حِلْفًا لخوْض حروب باردة منذ زمن ضد آسيا بسبب ازدهار الأخيرة عن الأولى اقتصاديًا، بينما أوروبا تعاني حالة من الكساد والركود الاقتصاديّ.
ولذلك خرجتْ الثورات تندّد بسياسة حكامها في أمريكا بالخصوص، تلتها فرنسا ثمّ بلجيكا، بينما كانت حدّة المظاهرات خفيفة على أرض إنجلترا.
وهذه المظاهرات تقف حجر عثرة تجاه زحف القوات الأوروبيّة، وإن زحفتْ فسوف تضطرب بسبب الرفض الشعبيّ مما يتسبّب في هزيمتها من أول جولة حرب ضد آسيا.
وزادتْ حالات الاعتصام والمظاهرات والمسيرات اعتراضًا على سياسة أمريكا ودول أوروبا في أسلوب معالجتها للخروج من الأزمة الاقتصاديّة التي تعتقد أنظمتها أن دول آسيا هي السبب فيها، وبدأتْ هذه الشعوب تنادي بإسقاطها، حتى إنّ من يتابع الشعارات الثوريّة هناك كان يقول إنّ الشعوب الأوروبيّة والأمريكيّة متضامنة مع الشعوب العربيّة.
وظلّ الحال مستمر حتى وقعت الكارثة، أحداث إرهابيّة في أمريكا ومعظم أنحاء أوروبا.
فقد تمّ اختطاف بعض الطائرات التي تقوم برحلات داخليّة وتوجيهها لضرْب بنايات كمباني المخابرات ووزارات الدفاع ومراكز التجارة والمصارف في هذه الدول السابق ذكرها.
وكثُرت فيها حالات الدهس بالسيارات والطعن بالسكين، وقيام بعض الإرهابيين بارتداء أحزمة ناسفة والهجوم على بعض المنتجعات والقرى السياحيّة، لكنّ أكثرها كانت في الفنادق والملاهي الليليّة.
وما زالتْ هذه العمليّات تُعلن على شاشات التلفاز ليل نهار، وتزداد الأحداث دموية يومًا بعد يوم.
ولقد كانت الضربة على مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكيّة خاصة بمنزلة فكّ شفرة هذه المعضلة وترياق الأسقام لأنفسهم المريضة، فعلموا وتعافوا وسارعتْ أقدامهم للدخول إلى المنطقة.
ولم يعرف أحدٌ على وجه الحقيقة مَن قام بهذه العمليّات ضد الولايات المتحدة الأمريكيّة وحلفائها، ولكنّ الغالبية من تحليل الساسة العدول يؤكّدون أنّها ضربة ثأريّة من بعض الجماعات الإسلاميّة المتطرفة ردًا على مساندتها لإسرائيل في مخططها الذي أضاع المنطقة العربية بأثرها.
وبالفعل بعد الضربة ببضع ساعات خرج متحدث رسمي باسم هذه الجماعات ليُعلن أنّ على أمريكا الابتعاد عن الأراضي الإسلاميّة وعليها أن تكفَّ عن دعمها للمخطط الصهيونيّ الشيطانيّ الدمويّ.
وهناك كثير من المحللين شككوا في البيان، وطمست الحقيقة حتى الآن ولم يعرف أحد على وجه اليقين من وراء هذه التفجيرات.
وبمجرد حدوث الضربات انسحبَت جماعة من المعتصمين لا تلوي على شيء ومضت إلى منازلها، بينما كان جاك يحاول تثبيتهم حيث هم.
ولكن بعد إعلان الجماعة تركوا جميعهم الميادين بعد أن أدانوا الضربة بصراخ وبكاء على أهليهم وذويهم الذين فقدوهم إثر هذه الهجمات الشيطانيّة على حد قولهم.
ولم يجد جاك مفرًا من الإذعان للأمر الواقع، ليس لديه ما يقوله فانفضوا جميعًا من حوله، ووجد نفسه وحيدًا فريدًا فرحلي استسلام ويأس إلى مراصد ناسا.
وبعد الإعلان ثمّ انسحاب المعتصمين تعبّدَ الطريق للمخطط ليتّجه بجيوشه نحو الشرق.
وبذلك خسرَ العربُ والعالم الإسلاميّ الرفض الشعبيّ الأمريكيّ والأوروبيّ.
زحفتْ أمريكا وحلفاؤها نحو المنطقة سريعًا ردًا منها على الضربة الإسلاميّة في عملية لحفْظ السلام وتربية النفوس، وهذه هي الأسباب المعلنة وهي هي نفس الأسباب التي استندَ إليها جورج رامسفيلد في الحصول على شرعيّة دخوله إلى المنطقة العربيّة.
وتوالى إرسال قوّاتها وقوّات حلفائها للسيطرة على المنطقة برمتها.

***
انسلب فهمان من حرسه وخرج هائمًا على وجهه يمرّ على الأكواخ والجحور ويخاطب الناس كالمجنون بقوله: لا تخافوا، سأقتله، سأقتل إبليس، لن تقوم الحرب لو قُتل إبليس.
وظلّ يردّد كلماته كالمجنون، ولأنه شخصية هامة تبعه أحد الصحفيين وصوّره، وهبط الظلام وهو ما زال يهيم في الحارات والأزقة والجحور. جاء خبره إلى مهديّ فكلّف حرسه الشخصي بإحضاره.
ذهب الحرس إليه بينما هو يشاهده عبر القناة وهو يصرخ ويبكي ويتوّعد إبليس فبكى لبكائه.

 

إبراهيم امين مؤمن غير متصل   رد مع اقتباس