منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ( مِعْطَف أسْوَد )
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2021, 01:11 AM   #40
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50977

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


[ فيصل درّاج _ فلسطين ]




المشهد الثقافي الفلسطيني كلمة من زمن مضى، ولم يتبقَّ لها معنى كبير. فالحديث عن مشروع ثقافي فلسطيني يعني أنه ثمة حقل متميّز في إطار منظمة التحرير يُدعى الحقل الثقافي، يُبذل فيه جهد مُعيّن وتُفرض عليه رقابة معيّنة ويُلاحظ كيف يتطوّر ويرتقي وما إلى ذلك، وبتقديري هذا عمليًا غير موجود؛ الموجود هو كلمة "المشهد الثقافي الفلسطيني" وهي غالبًا كلمة تميل إلى الصحافة العامة أكثر منها كمفهوم نظري سياسي.

وبرأيي الشخصي، لم يغب المشهد الثقافي الفلسطيني، لأنه من البداية لم يكن هنالك مشهد فلسطيني، بل كان هنالك مثقفون فلسطينيون ثوريون، وهؤلاء المثقفين كأفراد هم الذين أنتجوا حالة ما يدعى "المشهد الثقافي الفلسطيني"، غسّان مثلًا كان مبدعًا في إطار السياسة والأدب، وشعراء المناطق المحتلة عام 1948 كان لهم مساهمة معيّنة أيضًا، وفي العراق جبرا إبراهيم جبرا يكتب رواية متميّزة، وإميل حبيبي كذلك، فضلًا عن بعض الرسامين المهمين؛ أستطيع القول أن المشهد الثقافي الفلسطيني قد تكوّن بفضل أفراد فلسطينيين مبدعين ومجتهدين، وليس بسبب نشاط سياسي تنظيمي أو شبه تنظيمي.

بدأ ما يدعى بالمشهد الثقافي الفلسطيني كجملة من المشاريع الفردية؛ أي أن مجموعة من الأفراد أنتجت في النهاية مشهدًا ثقافيًا فلسطينيًا مُعيّنًا، وغالبًا هؤلاء المثقفين استشهدوا أو غيّبهم الموت، فقد بدأ المشهد الثقافي الفلسطيني بالانحسار منذ نهاية 1980 إلى اليوم، وأعتقد برحيل محمود درويش وإدوارد سعيد - بشكل أو بآخر-، لم يعد بإمكاننا أن نتحدث عن الدور المُميّز للثقافة الفلسطينية.

في الستينيات، كنّا نتباهى كفلسطينيين بأنّ أعلى نسبة من المتعلمين في العالم العربي هي نسبة فلسطينية، وكان لدينا وقتذاك مجموعة من المبدعين المجتهدين، مثل: غسان ومجلة الهدف، وأنيس صايغ ومركز الأبحاث الفلسطيني، وكما ذكرتُ آنفًا كان جبرا وإميل وغسان في طليعة الرواية العربية، وكان الشعب الفلسطيني في طليعة الشعب العربي، وهؤلاء غالبًا إما رحلوا أو استشهدوا، ولذلك مشى هذا المشهد متدهورًا إلى اليوم وما أن وصلنا لاتفاق أوسلو حتى أصبح الحديث عن المشهد الثقافي الفلسطيني ليس له معنى.

أما عن المُثقف الفلسطيني وأوسلو:
يجدر الذكر أن المثقف الفلسطيني عاش الصدمة أولًا، تلك الصدمة التي دفعته لإنتاج ما أنتج ثقافيًا، فبعد صدمة عام 1948 خرج لدينا غسان كنفاني، وأنيس صايغ وجبرا إبراهيم جبرا، وبعد صدمة تل الزعتر خرج محمود درويش بقصيدته الكبيرة والمعروفة عنه، وخرج إبداع أدبي كبير بعد صدمة المخيّمات، لكن عندما جاء اتفاق أوسلو لم يكن هنالك أي صدمة!

من يُتابع الأدب الفلسطيني بشكلٍ دقيق سوف يُلاحظ أنّ وضع الأدب الفلسطيني لم يحدث عليه أي تغيير بعد مجيء اتفاقات أوسلو، لأنه بدأ في الركود من منتصف الثمانينيات واستمر، وما إن جاء أوسلو حتى تواصل هذا الركود، هذا إذا ما افترضنا أنّ كل واقعة سياسيّة وطنيّة يجب أن يُعبّر عنها أدبيًا بواقعة أدبية. فعلى سبيل المثال، لن نجد أثر الخروج من بيروت إلا في ثلاث روايات "نسوية"؛ وجدنا رواية سحر خليفة "الميراث"، ورواية مايا أبو الحيّات، ثم لاحقًا قرأنا رواية سامية عيسى.

معنى ذلك أنّ الصدمة التي كانت تدفع الفلسطيني إلى المراقبة، والتحليل، والعمل، والتفكيك وما إلى ذلك انتهت، بسبب ذلك لا يوجد لدينا اليوم "صدمة"، لا أعتقد أنّ ما تبقى من المثقفين الفلسطينيين اليوم يشعرون بتلك الصدمة. ربما هناك جيل أصغر، فقد قرأت بعض الدراسات الجيدة لشباب أعمارهم دون الثلاثين، ولكن أسماء قليلة، أما بمعنى الظاهرة، فلا يوجد اليوم ظاهرة يُمكن تُدعى المشهد الثقافي الفلسطيني.



 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس