منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تخليد اللحظة - (ملاحظات حول الصورة من على جبل الرحمة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2012, 08:15 PM   #1
محمود حبوش
( صحفي )

الصورة الرمزية محمود حبوش

 







 

 مواضيع العضو
 
0 جرذان
0 لحظة
0 تفاؤل شعب
0 قصة بلا عنوان

معدل تقييم المستوى: 12

محمود حبوش غير متواجد حاليا

افتراضي تخليد اللحظة - (ملاحظات حول الصورة من على جبل الرحمة)


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تخليد اللحظة

(ملاحظات من على سفح جبل الرحمة)

نعمد إلى التصوير لتخليد لحظات من حياتنا، فتصبح الصورة، وهي تجسيد للذكرى، في بعض الأحيان بديلاً عن الواقع.

سواء الواقع الذي نعيشه لحظة التقاط الصورة وذلك عبر تجاهلنا له بمجرد أن حاولنا تخليده من خلال تجميد لحظة، بل أقل، منه في صورة رقمية أو على الورق.

والصورة ذاتها أيضاً تقدم نفسها كبديل للواقع في لحظات عندما نمر بأوقات صعبة في حياتنا فنلجأ لتأمل صور التقطت في أوقات كانت أكثر رخاء،
بنفس الطريقة التي يقبل فيها بعض المصابون بالاكتئات أو الإحباط على تناول الطعام بشراهة أو النوم الزائد عن الحاجة.

وفي زمننا هذه، حيث فقدت الصورة الكثير من رمزيتها وتأثيرها على النفوس وذلك لسهولة التصوير ورخصه من جهة وانتشاره الواسع من جهة أخرى.
وأدى كل ذلك إلى إحداث تخدير في مستقبلاتنا الحسية للصورة.

لكن ذلك لم يحدث بعد للكثير مِمّن لم يتعرضوا للتصوير من قبل.
أو لمن لم يروا الكثير من الصور في حياتهم مثل سكان بعض المناطق التي لم تجتحها موجة العولمة ولم تصلها شظايا انفجار المعلومات.

ومن المواقف الجميلة التي عكست هذه الحالة عن جدارة ما رأيته قبل يومين على جبل عرفات عندما كان ستة أو سبعة من الحجاج الإيرانيين يتناوبون
على أخذ صورة جماعية لهم عبر هاتف نقال ذو تصميم قديم نسبياً على جبل الرحمة في الساعات الأولى من الصباح.

كانت تعبيراتهم أشبه بتلك التي نجدها في اللوحات والصور القديمة من بورتريهات فردية أو جماعية حيث يقوم
المُصوَرون بإيمات ذات معنى مقصود أو غير مقصود، ويبقون عليها لبعض الوقت لحين انتهاء المصور أو الفنان من عمله.
فواحد منهم، مثلاً، كان يضع كفه على خده فيما أمال برأسه قليلاً، وكلهم دخلوا في لحظة صمت لعدة ثوان وكأنهم بحالهم ذاك صورة أو تمثال من لحم ودم.

ومن أشكال تخليد اللحظة بطريقة عابرة للزمان والمكان ما لحظته في جبل عرفات أيضاً من ترك بعض الأناس، لاسيما الأسيويين منهم، صوراً شخصية لهم على جبل الرحمة.
بعض الصور كانت بسيطة من تلك التي تؤخذ لجوازات السفر والبطاقات الشخصية وبعض منها كانت بورتريهات شخصية أو عائلية.

وكأن أولئك، بدافع أو بآخر، أرادوا أن تشهد لهم تلك الصور بأنهم كانوا هناك كما يفعل من ينقش اسمه على الصخر في بعض الأمكنة السياحية أو قمم الجبال والكهوف.
أو أنهم أرادوا أن يتركوا جزءاً ليس مجازي فقط بل لربما جسدي من نوع آخر لذاتهم في تلك البقعة المقدسة، وبالتالي يستمر تَحَصُّلَهم للبركة من ذلك المكان على الدوام.



الأحد 27 أكتوبر 2012

 

التوقيع



الرجاء عدم إعادة استخدام الصور دون إذن من المؤلف.

محمود حبوش غير متصل   رد مع اقتباس