منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - محمد حِلمي الريشه
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-29-2007, 11:13 AM   #8
سلطان ربيع

كاتب

مؤسس

الصورة الرمزية سلطان ربيع

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 25

سلطان ربيع غير متواجد حاليا

افتراضي


الكمائن





الطُّرُقُ المَجرُوحَةُ ، في طَرِيقي ، رَطبَةُ الطَّمْيِ ،
[ بَيضَاءُ مِن لَبَنٍ أَحيَاناً ]
تَتصَاعَدُ مِثلَ سُلَّمٍ جَبَليٍّ ،
بَل هيَ هكذَا ؛ جِبَالٌ أَسِيرَةٌ ،
مَفرُوشَةٌ بِلَحمِ النَّباتَاتِ الغَرِيبَةِ
أَخشَى عَلَيهَا خُطَايَ البَطِيئَةَ أَنْ يَذهَبَ الرَّبِيعُ سَرِيعَ الخُطَى
في الحِصَار !

*

- كَمِ السَّاعَةُ الآنَ أَيُّهَا الظِّلُّ الضَّيِّقُ ؟
- هل خُطوَتي تَصِلُ الأَبَدِيَّةَ ؟ أَم أَنَّهَا جَاذِبِيَّةُ خَشَبٍ
مُغرُوزٍ إلَى رُكبَتَيَّ ؟

*

الكَمائنُ مَزهُوَّةٌ بِالأَمَانِ المُمَعدَنِ
والرِّيَاحُ لَواقِحُ لِلخَلفِ ،
لِوَقْفَةِ الانتِظَارِ المُفَاجِئ بِنِعَالٍ شَائِكَة ..
أُكاشِفُ سَمائي خِلسَةً وَرَغبَةً جَامِحَة :
إِلهي الَّذي لا إِله سِوَاه
حَدَائِقي في بَاطِنِ الإِثمِ كأَنَّهُ مَعِدَةٌ طَاحِنَةٌ
والبُذُورُ التَتَـ
سَا
قَطُ
لَيسَتْ تَجِفُّ مِن عَرَقِ الرُّعَاةِ وبَولِ الجُنُود ..
هَبني قُوَّةَ حَلِيبِ الزَّهرَةِ
وغِنَاءً مُضَاعَفَاً في تُرابِ الحَصَى
وصَدَأً مُبَارَكاً كَي يُبصِرَ الآمِنُونَ كَلامي !

*

عَلَى عَتَبَاتِ التِّلالِ المُتَشَاهِقَةِ كَنسْرٍ مُخَضْرَم
يَنطَرِحُ الخصْبُ بِجَلَبَةٍ ضَعِيفَةٍ ،
وَشَاسِعٌ دَمُنَا مِثلَ أَبارِيقِ
غَيْمٍ
بالسَّوَاد ..
أَيُّهَا القَادِمُونَ داخلَ "حِصَانِ طُروَادةٍ" آخَرَ :
لِي مَا مَلَكَتْ يَمينِي مِنَ الرَّائِحَةِ الخَضرَاءِ لأَعنَاقِ القَصَب
ولِي مَا مَلَكَتْ يَسَارِي مِنْ نَدَى الملحِ
ومَا كانَ لِي مِنَ اندِفَاقِ المَدَى !

*

بِانتِظَاري امرَأَةٌ تُرَبِّي أَزهَارَ الكَستَناءِ بِأَهدَابِهَا
تُخَبِّئُ شَمْعَ اليَاقُوتِ إِلَى حِصَارٍ لا يَندَمِل
وَعَن شُرفَةِ الرُّوحِ المُنحَازَةِ لِلضِّيقِ
تُطفِئُ غُبَارَ الزُّجَاجِ بِدَمعَةِ أَلَمٍ ، وأُخرَى
لأَمَلٍ يَتَعَالَقُ مِثلَ حُنجَرَةٍ لِبلابِيَّةٍ في غِنَاء !

*

[مَاذَا يَفعَلُ الجُندِيُّ مُختَبِئاً خَلفَ يَأْسِه
ومُشتَبِهاً بِظِلِّهِ :
يَنسَلُّ كَالنَّملِ مِن آنِيَةِ الفُجَاءة !]

*

أَمَامَ أَمَامِي مُنـزَلَقٌ لِلشَّرَايِينِ :
حِينَ أَنتَخِبُ اسمِي
وَحِينَ أَتَصَدَّقُ بِزَفيرِ لُهَاثي عَلَى
سَطوَةِ الأَعشَابِ
في صُفرَةِ حُلَّتِهَا
وجَفَافِ ذَهَبِها ؛
يَ تَ قَ صَّ فُ
تَحتَ
تَعَبي !

*

أُحِسُّ بِمَسَافَاتي شَاهِدَةً عَلَى سَاعَاتي المُتَخثِّرَة
أَستَمِعُ لِلعَابِرِ بِقُربي
وهوَ يَجِزُّ خُطواتِهِ بِتَجَمُّدِ إِيقَاعِ مَسلَكِنَا الوَحِيد
يَقُولُ ، وَقَد لا يَعنِيه :
- غَائِبٌ أَنَا رَغمَ غَايَاتي الخَفيفَة
غَائِبٌ أَكبَرُ مِن حِصَّتي في كِتَابِ السَّمَاء ..
وأَنَا ، مُستَمرَّاً بِسَاقَينِ سَهمِيَّتَينِ ،
أَخلعُ عَنهُ صُوفَ صَوتهِ وأُجَاذِبُ حُلُمي ؛
ذلِكَ أَنَّ دَمي لَم يَزَلْ قَابِلاً لِلحَياةِ بَعد !

*

[الجُنُودُ اعتَلَوا سَروَ التَّذَاؤبِ ،
لا لِشَيءٍ
سِوَى قَنَاعَةِ النَّفسِ بِشَجَاعَةِ الأَسلِحَة !]

*

في الرِّحلَةِ الشَّاحِبَة
ذَاتِ الاتِّجَاهِ المُتَشَقِّقِ كَصَفيرٍ مُتَقطِّعٍ
وحَيثُ الغُبَارُ يُقَاسُ بِالجَزَعِ الَّذي يُقَلِّبُ الحَواسَّ كَالطُّهَاة ،
أَدفَعُني بِجَنَاحَي قُبلَةٍ عَابِرَةٍ
لَها نَكهَةُ قَهوَةٍ بَطِيئَةٍ
تَرَكَهَا خَوفُ امرَأَةٍ عَلَى خُبزِ وَجنَتي ،
وَبِتَرتِيلِ بَصمَاتِ الحَيطَةِ والحَذَرِ
دُونَ استِرَاحَةٍ مُمكِنَةٍ
لحُبَيبَاتِ الطَّلعِ فَوقَ هُدبَيَّ الرَّمَادِيَّينِ ،
أَدفَعُني نَحوَ طَيِّ المَسَافَةِ الَّتي تَتَمادَى
في رُعونَةِ أَوصَافِهَا
عَلِّي أَرَى ما يُرِي الرَّائي :
سُكَّرَ يَدَيهِ
يَ نْ ثُ رُ هُ
فَوقَ انتِصَافَاتِ نَهَارَاتِنَا المُطفَأَة !

*

سُعَارٌ رِيَاحِيٌّ إِلى قَواطِع فَرَادِيسي
لَيلَكِيٌّ تَتَضَاعَفُ قِيَامَتهُ في عِنَبِ الأَصَابِع ..
آلآنَ جَبهَتي تَستَجِيبُ لِنَحْتٍ مُرٍّ
مِن حَشوَةِ تَصوِيب ..
آلآنَ أَتَداغَلُ في فَائضٍ مِن رَجفَةٍ عَابِرَةٍ ..
اصخَبِي قَليلاً
أَو اهدَئي تِجَاهَ فَتِيلَةِ نُعَاسِي
أَيَّتُها السَّعيرَةُ المُنحَنِيَةُ بِبُطْء !

*

لِلرُّجُوعِ وَسِيلَةٌ وَاحِدَة :
ظَفرٌ بِالحِذَاءِ
قَبلَ أَن تَأخُذَهُ مِنكَ فَدَاحَةُ الرِّحلَةِ والمَرحَلَة !

*

الذُّهُولُ الَّذي لَمَستُهُ عَلَى كُمَّثرَى الجَسَد
عَامِلُ نِسيَانٍ كَثيفٍ كَفَروَةِ رَأْسِ العُزلَة ،
رغمَ أَنَّ الذِّئابَ الَّتي تَنوَجِدُ في زَوايَا المَمَرَّاتِ المُثخَنَة
لَمْ تَزَلْ صَاخِبَةَ عُوَاءٍ
عَلَى مَارِّينَ وَحِيدِينَ ،
كأَنَّ رُسُومَ الغَابَةِ المُنفَلِتَةِ
[وهيَ حَالَةٌ مُكتَشَفَةٌ قَدِيْمَاً ]
قَد رَتَّبَتْ أَدرَاجَهَا لِلضَّالِعينَ في "عِلمِ القَوافِلِ"
والسَّيرِ فوقَ حَوَافرِ الأَثَرِ دَاخلَ أَكوَاعِ الصَّحَارَى !

*

[الجُنُودُ يَتَشَابَحُونَ في الظُّلُمَات ؛
تِلكَ مُحَاوَلَةٌ لِقَتلِ بَرقِيَّاتِ اللَّيلِ
ونَظرَةِ الشُّهَدَاءِ من عُلُوِّهَا !]

*

- حَوَاجِزٌ / مُستَرخِيَةٌ عَلَى صَدرِ الإِسفلْت / ..
- حَوَاجِزٌ / تَفتَرِشُ حَزنَ السُّفُوح / ..
- حَوَاجِزٌ / مُطَوِّقَةٌ لِلمَلَل / ..
(... المَمَرَّاتُ سُرُوجٌ بِلا صَهِيل ...)
كَيفَ يَمكِنُ الاختِبَاءُ بَينَ " أَورَاقِ العُشْبِ" المَأكُولَةِ
يَا "والت وايتمان"
مِن شَهوَةِ صَيدِ النَّقِيض ؟

*

قُطنُ الضَّبَابِ الَّذي يَسبِقُ شَمسَ المُنحَدَرَات
يُزَغِّبُ وَجهِي كَكَارِثَةٍ بَيضَاء –
كَفَنٍ ، مَثلاً
ذلِكَ أَنَّ الجَمَالَ لَم يَعُدْ مُمكِنَاً
وأَنَا
أَ تَ وَ ا ثَ بُ
حَذِرَاً
مِثلَ أَيْل !

*

أُطَأطِئُ القَدَمَينِ نَحوَ جَمرَةِ الصُّبْح
ثَمَّةَ رَعَوِيٌّ مُجَاوِرٌ بِبَلادَةٍ يَتَنَفَّسُ جَنَّتَه ،
لا يُمكِنُ اصطِفَاؤهُ نَخْلَةَ رُؤى ..
قَدْ أَترُكُ بَقَايَاي احتِمَالاً فَوقَ تَلَّةِ مَعْنَاي ؛
فَلا غُفرَانَ إِلا دُونَ أَعشَابِ التَّواهُمِ
وَعَصْفِ المَدِيحِ المَأْكُول !

*

بِأُسلُوبٍ يَتَخَطَّفُني مِن ذَاكِرَةِ الفَرَاديسِ - عَلَّني أُنسَى
يُعِدُّونَني عَلَى مَرمَى النَّومِ الطَّويلِ مِثلَ هَدَفِ رِمَايَة ..
شِفَاهُهُم مَصقُولَةٌ بِالتَّلاشِي ،
وَعَلَى مِشْبَكِ أَعصَابِهم
يُعَلِّقُ الفَتَى بَتَلات آمَالِهِ بِسَاحَةِ لَعِبٍ
دُونَ أَنْ يَهتَزَّ لَهُ جَفنُ خَوف ..
وَفي مُنتَهى الحَدَقَةِ الحَمرَاءِ ،
حَيثُ :
النَّارُ صِبغَةُ الصَّدرِ
والهَزَائِمُ حَالاتٌ لِمُدَاعَباتِ السَّاسَةِ
لَن يَجِدُوا ، بَعدَ كُلِّ سَكينَةٍ تَتأَلَّمُ بِصَمت ،
بَعدَ مَوتَى البَارِحَة
مَن يُرشِدُهُم إِلَى غُرفَةِ العِنَايَةِ الفَائِقَةِ
أَو / يُنشِدُهُم في طَرِيقِهم لِمَبَاضِعِ الدُّود !

*

[القَوَاطِعُ الَّتي تَجرَحُ الأَرضَ بِحَدِّهَا المَالِح
تَزِيدُ مِن مَرَضِ الأَرضِ ،
لكنَّها لا تَجعَلُني بَعِيداً عَن مَدَى عِلاجِي لَهَا !]

*

مَا لَيسَ لِي
لَمْ يَكُنْ لِي
أَيَّتُهَا الخَسَارَاتُ المُبَرمَجَةُ في ذَاكِرَةِ خُطُوَاتِنَا
عَلَى
التُّرَابِ المُوَارَب !

*

الَّتِي لَمْ تَزَلْ في انتِظَارِي
تُ قَ سِّ مُ
عَجِينَ الوَقْتِ إِلَى خُبْزِ سَاعَات ؛
كُلُّ قُرْصٍ :
حَصْوَةٌ في بِركَةِ شَفَق
كُلُّ يَأْسٍ :
ضَرُورَةٌ ضِدّ جُوعِ النِّسيَان ..
بَعِيدَةٌ ...
مَائِدَتُكِ عَن تَقَوُّسِ فَمِي
قَرِيباً ، لَمْ أَزَلْ ، مِن فَدَاحَةِ النَّدَمِ
أَيَّتُهَا العَتَبَةُ الصَّافِيَةُ في بَاطِنِي المُسَمَّى :
كَيفَ أَستَطِيعُ إِخمَادَ الطُّرُقِ بِثَانِي أُكسِيدِ خُطُواتِي الثَّابِت !

*

اترُكُوا التَّنَفُّسَ المُقَنَّعَ لي ..
لَيسَتِ الأَعذَارُ عَلامَةً مِن إِشرَاطَاتِهَا
أَيَّتُها الضَّآلَةُ
مِن مَهدِهَا
إِلَى لَحدِهَا !

*

أُمْسِكُ طَرَفَ وَصْلٍ يُضَفِّرنُي بِمُذَابِ حَامِضِ الحَرب ..
مُضطَرِمٌ ، أَنَا ، مِثلَ حُلُمٍ مُرتَبِكٍ
عَلَى
وَبَرِ غُصْنٍ يُخَطِّئُ شَجَرَتِه ،
والعَنَادِلُ لَيسَتْ صَافِيَةَ الشَّهِيَّة
وطُعمِي رَقِيقُ الحَوَاشِي
والجَاذِبِيَّةُ لَمْ تُكتَشَفْ ، بَعدُ ، يَا إِقدَامي لَهَا !

*

دُرُوبي عَلَى أُهبَةِ مَدَارَاتِهَا ،
وَصُعُودِي كَثِيرٌ دُونَ رَونَق ..
أَنفُضُ رِئَتَيَّ مِن رِفْقَةِ السِّربِ الرَّمَادِيِّ :
- سَيَكُونُ وَقتٌ في ضَرَاعَةِ الدَّمِ
كَي أُسبِلَ يَاقَةَ اللَّيلِ عَلَى
جَيْبِهِ صَبَاحاً ..
- سَيَكُونُ وَحْشٌ دَاخِلَ مِنفَضَةِ تَعَبي ..
أَيَّتُها العَتمَةُ بِحَرَاشِفِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ
ولُصُوصِ الأَوسِمَة :
- لَيسَ كُلُّكِ ... لِي !

 

التوقيع

[OVERLINE]"عمر الرجل كما يشعر، وعمر المرأة كما تبدو "

مثل فرنسي
[/OVERLINE]

سلطان ربيع غير متصل   رد مع اقتباس