منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أوراقــ..، تـخـ..ـتــنِـقْ .!
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2008, 05:23 AM   #4
محمد يسلم
( شاعر )

افتراضي



.
.

(2)


الأرصفةُ الباهتةُ في حياتي أكثرُ من قططِ المدينةِ، هذا ما كنتُ عليهِ ليلةَ البارحة وأنا ألوذُ بـ الفرارِ من قرارةِ لحظاتي البائسةِ، بعدَ أن إحتضَرَت أمام عينيَّ جميعُ مراحلي العُمريةُ بمشاهدِها الخافتَةِ عبرَ تفاوتٍ مُضنٍ يُرهق التركيزَ ويُلغي مسافةَ الرؤيةِ الإدراكيّة، ً أوقفتُ الزمنَ على مشهدِ "الـ عشرينَ من أغسطسٍ " حينَ وُلدَ أولُ سؤالٍ يخرجُ من فمِ "فاطمةَ" وكان لي بـ مثابةِ نُوارةِ ربيعٍ قمريٍّ يترنمُ على حيائه قائلةً: "وأيِّ مدىً من أنواعِ الألمِ بإستطاعتكَ الإحاطةُ بهِ، وايُّ شقاءٍ خُلقتَ لـ تصبرَ وتصطبرَ محتملاً إياهَُ ولمَ أنا؟. "


لم تكُن على علمٍ أنَّ تغييرَ القدرِ قد يُصنَعُ في لحظةِ ضعفٍ ولم تكُن تُدركُ أن الزمنَ وإن تأخرَ بعثهُ قد يُنجبُ رجالاً ذوي هاماتٍ متقدمةٍ مُتشبِّعينَ بـ أنَقِ التضحيةِ ومتشبثينَ بـ عُنقِ العطاءِ دون تفكيرٍ بـ تعليقهِ دَيناً أو جَميلاً ينتظرُ الردَّ، في تلكَ اللحظةِ أدركتُ أن محاولةَ الإجابةِ وإن بدتْ على شفتيَّ ترتجِف هي محاولةٌ لـ قتلِ نفسي وكـ أني إن نطقتُُ لن أتفوَّهَ إلا بـ "ما قد قيلَ" وهذا لا يليقُ بـ "أنثىً حالمةٍ" جمعني بها طُموحي، بل إنَّهُ قد يُودي بي لأن أخذُلَ صورتها التي رُسمَت في أعماقِ "مستحيلاتي التخيُّليةِ" منذُ حديثنا الأوَّلِ على أنها إحدى ملائكةِ الله المُنزلةِ، لذا أجبتُ بـ ما "لم يُقَل" وإن كنتُ إلتمَستُ فهمها لما أرمي إليهِ وسخريتَها من الداخلِ وكأنَّ لسانَ حالِها يرتعِدُ خشيةَ المحاولةِ والخطإِ مرةً أخرى.



كانَ حديثُنا تلكَ الليلة منوعاً بـ فنون الثقافةِ، والطفولةِ أحياناً، والعبثِ، وكانَ مُحتشماً أكثرَ من اللازمِ وإن بدا مَيلُ كلٍّ مِنا إلى إستراقِ التطلُّعِ لـ الإحاطةِ بحياةِ الآخرِ عبرَ حديثِه، سألَتني آنَ ذاكَ عن شيءٍ تمكنَ من إيقافِ تفكيري حولَ نفسي، وأستحضرْتُ لـ أجلهِ كُلَّ أرواحِ العبقريَّةِ المتجليَّةِ في داخلي سائلاً القوَّةَ السماويَّةَ بكل صدقٍ أن لا تخذُلَني هذه المرّة، قالت: هل أحببتَ وهل عشقتَ وهل عشتَ قصةَ حبٍّ وما رأيك في العشاقِ و و و و .. الخ ؟!


قبلَ إجابتي على أسئلَتها المُتتاليةِ والمربِكةِ التي شَحنت بواطنَ تفكيري، كُنت قد عرَجَتْ بيَ ذاكرتي على إناثٍ كُنَّ يرمينَ بـ جلابيبهنَّ على قارعةِ حروفي مانحاتٍ ليَ ما شئتُ جسداً وجنساً إن أردتُ ( معجباتٍ أو عاشقاتٍ) لا تفكيرَ لـ مسمَّياتهنَّ يشغلُ بالهنَّ، شرطَ ذكرِهنَّ في نَصِّ قصيدةٍ أو نثرٍ يجيءُ مبتوراً، ورغمَ ذلكَ لم أُعر اهتماماً أبعدَ منَ الإلمامِ عبرهُنَّ بـ وجودِ نوعٍ جديدٍ من النساءِ لم أتعرف إليه قارئاً أو مُجرباً.

إعتَركتْ كثيراً مع نفسي وأنا أجيبُ على أسئلتها، قائلاً: أنَّ الحبَّ وجهٌ آخرُ لـ الغيابِ وإن أحببنا يجبُ أن لا نهتمَّ كثيراً بـ العيشِ فيهِ قَدْر اهتمامنا بـ الإخلاصِ لهْ في خضمِّ خِذلان الظروفِ لنا، حتى أنَّ قصص الحبِّ لا تعدو كونَها تدويناتٍ لـ خجلِ اللحظةِ المحيطةِ بالعاشقينْ وإن اختلفتِ الصياغةُ، لذا أرى أن العشاقَ هُمُ الأكثرُ إبداعاً في فنِّ إختلاقِ الأعذارِ ومجابهةِ الصُدَفِ وتقلباتِ القلوبِ.

في الحقيقةِ لا أريدُ منها أن تستوعبَ ما قلتُ كلياً في إجابتي عليها، في الوقتِ نفسهِ لا أفضّلُ بقاءَ شيءٍ من الفضولِ يلوحُ في أُفُقِها، لأن ذلك سـ يُحرضني على لعنِ نفسي ألفَ مرةٍ جرّاءَ إشعالي بعضاً من حيرةٍ داخلَها.


.
.


م/ي

 

التوقيع

.
أجملُ الأجملِ / أن لا تفقهَ شيئاً !
.
.

محمد يسلم غير متصل   رد مع اقتباس