منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قطرات اليراع
الموضوع: قطرات اليراع
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2019, 06:09 AM   #206
سامي الشريم
( كاتب )

الصورة الرمزية سامي الشريم

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 47

سامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعةسامي الشريم لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي من ذكريات الصبا ..



أمشي مشية المُثقل بالحنين، أجرّ خطاي إلى زمنِ البراءة المُزدان بالبياض، سائرًا إلى حارتي القديمة، حيث لا تني تهب منها ريح الطفولة الليّنة، ولا تزال تفوح من جنبات أزقتها رائحة الصبا، وعبق الماضي الجميل.
هأنذا أقف إزاء بيتنا العتيق، أتأمّل في نوافذه الواسعة التي أقرب ما تكون إلى العيون العظيمة المترعة بالحُزن والانكسار. أتفرّس في جدرانه الخارجية التي أشبه بوجهِ شيخ عجوز، يبدو على وجنتيه الخراب. لم يمتقع لون المنزل مُذ أن هجرناه، ما زال كما عهدته، متوشحًا رداء التراب، وكأنّه لا يريد أن يتخلّى عن أصالته، وأن لا ينسى العشرة التي كانت بيننا.

وفي ظلّ هذه الدقائق القليلة التي كنتُ فيها واقفًا أمام منزلنا المطفأ كالسراج الكبير، رجعتُ إلى ذكريات الصبا، إلى حياة كانت غير مُثقلة بالأعباء والأحزان. تذكرتُ جارنا الأعمى، أبو عماد، الّذي كنتُ دائمًا أسارع في الإمساك بيده عند خروجه من بيته قبيل أذان العصر، وأسير معه إلى المسجد القريب، لنكون أنا وهو في أوّل الصفوف، وبعد أن نفرغ من أداء الصلاة، أخذ بيده الخشنة كلحاء الشجر، ثمّ أجيء به إلى باب منزله، ولا أنصرف عنه إلا بعدما أطمئن أنّه فتح الباب وولج بسلام.
وأتذكّر أيضًا، سحنة ذلك الشاب المجنون الّذي كان يركض وراءنا في شوارع هذه الحارة الضيقة إن نادى اسمه أحد أترابي بصوتٍ صاخب، ووصفه بالأبله أو الأحمق. كنتُ أتأذى من ملاحقته لنا، فلم أكن أجِد في ذلك أدنى لذّة أو متعة، كنتُ أفعل كما يفعلون، أهرب فحسب، وأختبئ في أيّ مكان، خوفًا من أن يصيبني منه مكروه. أذكر مرّة أنّي تعثرتُ في الطريق، فأتى إليّ غاضبًا، والشرر يتطاير من عينيه الواسعتين، فضربني ضربًا مبرحًا حتّى سال الدم من فمي. لقد أخذ حقّه من جريرتنا، وهذا ما يسعدني الآن. للأسف أنّ ذلك الشاب المختل عقليًا لم يعش طويلاً، لم يمضِ عليه سنوات قليلة حتّى مات. سمعتُ من أحدهم أنّه رآه وهو يسقط على رأسه في قلب حفرة ضخمة كانت بجوار منزله.

 

التوقيع



لا تسلني كيف غدوا غير مرئيين في حياتي، ولكنني أستطيع أن أحكي لك البداية لقد كانوا مثل الشموس الساطعات.

http://ask.fm/Sami_Alshurem

سامي الشريم غير متصل   رد مع اقتباس