منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - نَافِذه !
الموضوع: نَافِذه !
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2022, 01:05 AM   #182
سعيد الموسى
مشرف أبعاد الشعر الشعبي

الصورة الرمزية سعيد الموسى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 155884

سعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعةسعيد الموسى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي



تعتبر اللغة إحدى أهم الصفات الإنسانية تميزاً، فهي مكون رئيسي في حياة الناس، تتيح لهم التواصل بصورة طبيعية، وتسمح لهم بالتعبير عن آرائهم وأحاسيسهم محققين ذواتهم في المجتمع، ومن هذه الفرادة والخصوصية تتخذ علوم اللغة أهميتها وضرورتها في حياتنا. ولا يعني علم اللغة بالمفهوم الحديث درس الصرف والنحو والبيان، فهذا الدرس هو الجزء الميكانيكي منه، وإنما يعني دراسة اللغة ومميزاتها كأحد العلوم لفهم الكون والحياة متخذة بذلك أبعاداً بيولوجية وفلسفية واجتماعية.
هناك أسباب عديدة كانت اللغة من أجلها وستظل ذات أهمية خاصة لدراسة الطبيعة البشرية، ومن تلك الأسباب أن اللغة واحدة من الخصائص المقصورة على النوع الإنساني في مكونتها الأساسية وهي جزء من إعدادنا الإحيائي المشترك، يضاف إلى ذلك أن اللغة تدخل بطريقة جوهرية في الفكر والفعل والعلاقات الاجتماعية.
اعتمدت الدراسات القديمة التي بحثت في تشكل اللغة وتكونها، على مجموعة من الظواهر الخارجية، كما هو الحال في نظرية «الباو واو»: ومفادها أن أصل اللغة هو محاكاة أصوات طبيعية، وقد أدى إلى وضع هذه النظرية ورود كلمات عديدة، في كل لغة، لفظها يدل على معناها مثل الرنين والزقزقة والقهقهة والحفيف والخرير والخشخشة والطقطقة، وعلى سبيل المثال نجد لفظة «مو» مشتركة في اللغة المصرية القديمة والصينية وهي تعني الهرة، وتوافق التسمية في اللغتين عائد إلى الصوت الذي تحدثه الهرة.
وهناك نظرية «الأصوات التعجبية العاطفية»: ومفادها أن الكلمات الأولى التي نطق بها الإنسان كانت أصواتاً تعجبية عاطفية صادرة عن دهشة أو فرح أو وجع أو حزن أو استغراب أو تقزز أو تأفف، ومثال هذا لفظة تأفف العربية فعندما نتأفف نقول (أف أو أوف).
أما نظرية «اللغة والعرق والعقلية» فقد شغلت بال علماء اللغة في القرن التاسع عشر، إذ حاولوا تحت تأثير علم الانثروبولوجيا والاثنولوجيا، أن يجدوا علاقة بين اللغة وعقلية الشعب الذي يتكلم هذه اللغة، وحاولوا أن يجدوا في اللغة، ولا سيما في تركيبها، أي في صرفها ونحوها، انعكاساً للميزات العرقية والأخلاق والمثل والنظرة إلى الحياة عند الشعب الذي يتكلم هذه اللغة.
إلا أن النظريات السابقة وما شابهها لم تفسر إلا جزءاً يسيراً من أسباب تشكل اللغة، حيث تعجز نظرية «الباو واو» مثلاً عن تفسير وجود آلاف الكلمات التي لا نرى آية علاقة بين معناها وصوتها، فما العلاقة بين لفظ كرسي ومعناها؟ وما العلاقة بين لفظ كتاب ومعناه؟ كذلك هو الحال نظرية «الأصوات التعجبية العاطفية»، فما علاقة لفظ الحب والبغض والولاء بالأصوات التعجبية العاطفية.
ظهر بعد ذلك ما عرف بالمنهج السلوكي الذي اعتبر أن اللغة أكثر من مجموعة أصوات، وأكثر من أن تكون أداة للفكر أو تعبيراً عن عاطفة، اللغة جزء من كياننا البسيكولوجي، وهي عملية فيزيائية اجتماعية بسيكولوجية على غاية من التعقيد.
يعتقد أصحاب المذهب السلوكي بأن اكتساب اللغة يتحقق عن طريق البيئة الاجتماعية، وأن عقل الطفل صفحة بيضاء نقية تستقبل ما يرد عليها من الصيغ والعبارات، وأن اللغة هي المخزن الذي يلجأ إليه الطفل عند الضرورة لكي يختار العبارات والكلمات.
وإذا ما تم ربط الثورة اللسانية في النصف الأول من القرن العشرين ب «دي سوسير» و«شارلز بيرس» و«رولان بارت»، فإنها ارتبطت في النصف الثاني من القرن نفسه بنعوم تشومسكي، حيث حظيت نظريته «التوليدية التحويلية» في اللسانيات العامة والمعرفة الآنية بمكانة ورتبة مهمة أهلتها لتحتل الصدارة في الدرس اللغوي، نظراً لما قدمته من نتائج تنظيرية وتطبيقية حول طبيعة اللغة الإنسانية، كما لا تقتصر فاعليتها على الدرس اللساني وحسب، بل هي نظرية تفيد منها العديد من المجالات الإنسانية كالفلسفة، وعلم النفس، والمنطق.
وتكمن ثورية «التوليدية التحويلية» في أن تشومسكي قوّض الدعائم التي قام عليها علم اللغة الحديث وأقام بناء آخر يختلف في أصوله لاختلاف نظرته إلى طبيعة اللغة. فنجده يقدم تصورات معرفية جديدة تمتاز بنقدها للمنهج السلوكي الذي تأسس على الافتراض الخارجي والسطحي للغة، كما نجد تشومسكي يدأب على التعمق في المقتضيات النفسية للمتكلم المبدع، كما أن استلهامه للعقل يعد إطارا مرجعيا حدد بموجبه وجهة نظره في مسألة اكتساب اللغة، التي لا تتأتى إلا وفق مبدأين اثنين هما الكفاءة اللغوية والأداء.
ومما سجله تشومسكي من نقد بناء على البنيوية ، اكتفاؤها بالجوانب السطحية للغة، حيث يقول: «يبدو أن نقطة الضعف الأساسية في مقاربة البنيويين والسلوكيين هي انعدام التفسيرات العميقة والاعتقاد بأن الذهن ينبغي أن يكون أبسط في بناه من كل عضو فيزيائي معروف وأن أولى التقديرات تسمح بتفسير بعض الظواهر التي لا يمكن أن تلاحظ». إن البنيوية من منظور تشومسكي اكتفت بوصف التراكيب اللغوية وتحليلها بطريقة شكلية متجاهلة بذلك الدور الذي يلعبه المعنى على مستوى اللغات، ولم تبذل أي جهد لتحديد القواعد التي يلجأ إليها المتكلم عند تكوين جمل غير محدودة، ومن ثم فإنها لم تعط أو تعر أي اهتمام للكفاءة اللغوية، يضاف إلى ذلك أن البنيوية لم تلق النجاح اللازم لاهتمامها بالبنية السطحية فقط، ولم تتمكن بذلك من وضع قوانين شاملة وتعميمات عميقة، وعلى العكس من ذلك فإن القواعد التوليدية التحويلية لم تتوقف عند وصف اللغة بل تعدته إلى تحليلها وتفسيرها، واستنباط القواعد العامة التي تحكمها. يؤكد تشومسكي أن الدماغ البشري مبرمج بيولوجياً لتعلم اللغة ولذلك فإن القدرة العقلية لتعلم اللغة تعد فطرية وليست سلوكية، ومن أهم الخصائص التي تميز اللغة البشرية عن لغات الحيوانات أن المتكلمين يستطيعون أن ينطقوا بتركيبات لم يسبق لهم أن سمعوها من قبل. وتحظى هذه الخاصية باهتمام النحاة التحويليين، بل إنها أهم أسس نظريتهم على الإطلاق، وهي السمة الوحيدة التي يمكن استنتاجها من تعريف تشومسكي للغة، حيث يرى أن اللغة هي مجموعة من الجمل غير محدودة العدد، وكل جملة منها محدودة الطول مصوغة من مجموعة من العناصر المحدودة. وهكذا فإن اهتمام التوليديين والتحويليين، يتمحور حول كيف يؤلف متكلمو اللغة السليقيون، ويفهمون عددا غير متناه من الجمل الممكنة المختلفة اعتمادا على عدد محدود من القواعد والأسس النحوية.
إن مفهوم الكفاءة اللغوية عند تشومسكي هو إحدى أهم أدوات نقد الاتجاه السلوكي، فإذا كان المتعلم يكتسب اللغة بواسطة سلسلة من الاستجابات للمنبهات، فإنه لن يمتلك سوى عدد محدود من الصياغات، و لن يكون بمقدوره تكرار سوى الصياغات التي سبق له سماعها وتعلمها، في حين أننا نلاحظ على العكس من ذلك، أن كل متكلم قادر على الإنتاج في لغته، صياغات لم يسبق له سماعها. وهكذا نقول عنه إن لديه كفاية، أي لديه معرفة إجرائية (عملية) بالبنى اللغوية. إن هذه الكفاية هي التي تمكن المستمع من القدرة على القول بشكل فوري، ما إذا كانت هذه الجملة التي يسمعها لأول مرة صحيحة لغوياً أم لا، حتى وإن لم يكن بمقدوره ذكر السبب.

____

غيث خوري

 

التوقيع


____

إما نجي : فوق الغمام
والا - بلاش من الكلام !
-
snap:alskab1

سعيد الموسى غير متصل   رد مع اقتباس