منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2022, 02:11 AM   #51
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

الصورة الرمزية إبراهيم امين مؤمن

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1364

إبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعةإبراهيم امين مؤمن لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


تركّزتْ القوّات الأجنبيّة في المناطق الحيويّة من معابر ومسطحات مائيّة ومضايق وكذلك مناطق الحدود بين الدول العربيّة المتنازع عليها، ومن مناطق منابع الماء إلى روافدها تركّزتْ أوروبا هناك بحجة القضاء على حرب عربيّة شاملة بين المنطقة بعضها من بعض، لكن الغرض الأساسيّ هو ضرْب الاقتصاد الأسيويّ والتحكم في سير التجارة العالميّة.
وعلى الصعيد الآخر لم تسكت آسيا ولم تعبأ بقرارات الأمم المتحدة، فزحفتْ هي الأخرى نحو المنطقة وتمركزتْ أيضًاً في بعض الممرّات والمعابر والمضايق الحيوية.
ولم يكن تمركزها هذا وليد اليوم، فهي معدة مسبقًا خطة دفاع إستراتيجي في حال زحْف القوات الأمريكيّة وحلفائها إلى المنطقة العربيّة.
ومنذ بدْء دخول القوات الأجنبيّة تزايد عدد الوافدين إلى مصر من رجال الأعمال العرب ونظرائهم من الغرب.
وفدوا من أجل الحفاظ على دمائهم وأموالهم، تلك الأموال المعرّضة للنهب والسلب على إثر الفوضى العارمة التي سرطنت أنحاء المنطقة العربيّة وبعض الدول الأجنبيّة.
ففي بعض الأراضي الأجنبيّة التي تعرضت للضربات الأخيرة قامت شعوبها بالثورات، فخشي رجال الأعمال الكبار على مصانعهم وأموالهم فوفدوا إلى مصر التي أصبحت دار أمن، يقيمون مصانعهم ويضعون عملاتهم الأجنبيّة في مصارفها.
وشرعوا في بناء المصانع واستصلاح الأراضي وبناء ناطحات السحاب.
ولكي يحققوا ذلك اضطروا لبيع عملاتهم الأجنبيّة ليشتروا العملة المحليّة فضلا عن أنّ مهديّ منع تداول الدولار بين أيدي رجال الأعمال والمستثمرين.
وبدأ الجنيه المصريّ يتعافى شيئًا فشيئًا، وبمرور الوقت بدأ يرتفع، وعلى لسان أحد خبراء الاقتصاد قال: يبدو أنّ الجنيه المصريّ في الفترة القادمة سيصبح بنصف دولار.
ولقد تحوّل ظنّ مهديّ إلى يقين، وشعبه في طريقه للرخاء بعد الأحداث التالية.
في الحقيقة أنّ الصراع بدأ أول ما بدأ هناك، هناك في تايون منذ نحو سبع سنوات تقريبًا عندما دخلت القوات الأمريكيّة ردًا على الرفض المتكرر من الصين بعدم تعويم اليوان، وكان صراعًا يأخذ محمل الهزل، أمَا وقد تمرّكزتْ الكتلتين في المنطقة العربيّة بات الصراع فيها يأخذ محمل الجد.
وعلى أثره وجّهتْ الصينُ أسلحتها النوويّة إلى مناطق تمركز القوات الأمريكيّة هناك.
والآن بدأ الصراع الغربيّ الأسيويّ في المناطق الإستراتيجيّة في سوريا واليمن وغيرها من المناطق الهامة كالمعابر والمضايق والقنوات فضلاً عن هذا الصراع القديم في تايوان.
وبالنسبة لقناة السويس فخرجتْ من حسابات الكتلتين وذلك بسبب تماسك البني الداخليّة لها تماسكًا متينًا بفضل القائد مهديّ والقوات المسلحة التي ظهرتْ معادنها الثمينة حين تمّ تجميد مرتباتهم لمدة ثلاثة أعوام. وللأسف لم يمنع مهديّ أيّ سفن حربيّة عبر قناة السويس كي لا ينقض الاتفاقات الدوليّة من جهة ومن جهة أخرى لا يجعل دولته عرْضة للهجوم بسبب عدم توفير الدعم اللوجستي لسفنهم الحربيّة.
وانقسمَ العالم آنذاك إلى كتلتين، أمريكا وحلفائها من الغرب ومن جهة أخرى روسيا والصين وحلفائهما.
وتحوّلتْ الجيوش العربيّة من حرّيتها إلى تبعيتها للاستعمار الجديد، وذاقتْ الشعوب مرارة ظلميْن، ظلم الحكام العرب العملاء آنذاك وظلم رقّ الاستعمار.
وطفح على الأراضي العربيّة كثير من المنظمات الإرهابيّة والعصابات، وعاد عصر الفتوات حتى أنّهم باتوا يرتدون اللاسات والجلابيب ويحملون النبابيت.
ودُقّتْ طبول الحرب، ولم تكن بدايتها على أرض العروبة، بل بدأتْ في تايوان كما ذكرت سالفًا، تبادل إطلاق النيران بين الصين وأمريكا من أجل استعادة تايوان.
تبادل الاثنان الأسلحة الكيماويّة والجرثوميّة وأكثر المتضرّرين من هذه الهجمات مدنيي تايوان والصين.
ولأنّ العالم مقبلٌ على حرْبٍ نوويّة في منطقة الشرق الأوسط، ولأنّ وجود أمريكا في تايوان احتلال صارخ، لم تكتفِ الصين باستخدام الأسلحة الكيماويّة والجرثوميّة بل هددت بالنوويّ مباشرة حيث قالتْ على وسائل إعلامها أنّه لا مفرّ من استخدام الرؤوس النوويّة لتحرير تايوان، ثمّ تابعتْ كلامها: أمّا الحرب الدائرة الآن في منطقة الشرق الأوسط فلن تكون الصين البادئة في استخدام الصواريخ النوويّة العابرة للقارات، وإذا استخدمتها أمريكا فلا بديل لنا إلّا ضرْب المنطقة كلّها بترسانة الأسلحة النوويّة التي تمتلكها الصين وحلفاؤها.
وهذا موقف طبعيّ من الصين، ففي المطامع يغلب على القوى الطامعة في التورتة طبْع الانتقادات واستخدام الأسلحة التقليدية والتلويح من بعيد بإطلاق الرؤوس النوويّة، لكن عندما يتعلق الأمر بأخذ قطعة من أرضين أحدهما فليس لدى المحتل إلّا التهديد المباشر باستخدام النوويّ.
وعلى أرض سوريا تبادل إطلاق النيران بين القوات الغربيّة الأمريكيّة المتمركزة في أحد جهاتها وهي منطقة الشمال وبين الروس والمتمركزة في الجنوب هي وحلفائها.
كذلك بدأ الصراع الحربيّ وسقوط آلاف القتلى والجرحى حول المعابر والمضايق التي تؤمّن الدعم اللوجستيّ للنفط والغاز والسفن الحربيّة المحملة.
وقد بدا واضحًَا من خلال المعارك أنّ كفّة الأمريكان وحلفائها أرجح قليلاً.
ونتيجة ذلك، تزايد عدد الوافدين أكثر وأكثر من كلّ أرض إلى مصر هروبًا من الحرب وتداعياتها مما كان له عظيم الأثر في زيادة الاحتياط الأجنبيّ من العملة الأجنبيّة الدولاريّة وغيرها إثر قدومهم بأموالهم وإنفاقها، ونتيجة لذلك لم يتوانَ البنك المركزيّ المصريّ في طبع النقود المحليّة ليل نهار التي تستقرّ في جيوب الأجانب بعد تخلصهم من العملة الأجنبيّة التي لديهم.
والغلاء ارتفع عالميًا بطريقة لم تحدث منذ الحرب العالميّة الثانية 1945، ولقد حققتْ سياسة الرئيس مهديّ ارتفاع الناتج المحليّ بقيمة لم يشهدها الاقتصاد المصريّ من قبل.
كما أنّه جنّب مصر بذكائه وقوّته الخوض أو المشاركة في الحرب العالميّة الثالثة.
وأنشأ حضارة وجد فيها المواطن المصريّ العزة والكرامة والعدل، حضارة من أنفاق الثري إلى قمم الشموس.
وبدأتْ أنفاق المواطنين المصريّين تُردم شيئًا فشيئًا، والخيام الورقيّة والصوفيّة تتحوّل إلى أطلال رغم أنّ القليل من الشعب بكى على هذه الأطلال الورقيّة والصوفيّة، لأنّهم أصلاء وهؤلاء هم أنفس معادن الناس.
وبدأتْ المنازل تُشيّد، وتمّ استيراد الكثير من الملابس الحريريّة والقطنيّة الفاخرة من الخارج التي أقبل عليها المصريون يرتدونها داعيين لفهمان ومهديّ بطول البقاء.

***

ذهب رجل المائة ألف جنيهًا صاحب الكلية التي زعم أنّها تالفة إلى الطبيب وردّ له المبلغ بعد تمنع جامح من الطبيب.
استقل سيارته المتواضعة وظلّ يجوب شوارع مصر مستعبرا متأوها وهو يحدث نفسه قائلا: أخشى أن تتصارعوا يا بني وطني على القبور قبل القصور، وقماش الخيام قبل أبراج السحاب، وكسْرة الخبز قبل الكباب، ومعطف الورق قبل معطف الحرير، كم أخشى يا أغنياء بلدي أن يسيل لعابكم وتشرئب أعناقكم وتدور أعينكم على ما ليس لكم فيكون رنين الفخار لدىَ فقراء مصر أطرب على مسامعكم من رنين الذهب الذي لديكم.
كم أخشاكم يا أهل بلدي أن تأتون يوماً لمهديّ تطلبون منه مائدة من السماء بعد أن ملأ جيوبكم بالدولارات.
وقف بسيارته فجأة وسرعان ما قال: المعدة الجائعة تشبع، لكن إذا شبعت تقنع صاحبها آنذاك بأنّها جائعة على الدوام، صدق المثل القائل: "ما يملأ عين ابن آدم إلّا التراب".
سار بسيارته قليلا وقال حينها بتوجع: يا ترى يا مهديّ أغنيتَ شعبك على حساب مَن! أخشى أن يسبح قومُك ...
وقبل أن يكمل فرمل سيارته فتوقف فجأة حتى كاد يُقذف في زجاج السيارة الأمامي ثم ما لبث أن أكمل: .. بأطواق النجاة على بحور دماء العالم يا مهديّ.
أوجعته الكلمة التي تساءل بها فشهق على أثرها شهقة أزهقت روحه فيه رغبة وطواعية منه حتى لا يرى دماء الغرب تسيل بسهام مهدي الذي أطلقه من مختبر فهمان فطين المصري ffc-2.
***
مرّ عامٌ على تبادل إطلاق النيران بين الكتلتين المتحاربتين، وفي هذه الأثناء حقّقتْ الولايات المتحدة الأمريكيّة نصرًا مؤزّرًا على الروس وحلفائها، وتقدّمتْ قواتها إلى معظم المناطق الإستراتيجيّة؛ بينما تراجع الروس وآثروا القهقرى ليعلنوا بعدها مباشرة الرغبة في الجلوس على طاولة المفاوضات.
ومنذ هذه اللحظة وهي لحظة إعلان الرغبة في إجراء المفاوضات مع الأمريكان توقع أكثر الساسة انتهاء الحرب، بينما قلة منهم توقعوا تطور الحرب من تقليدية إلى نووية إذ لن يتعامل الأمريكان مع الروس إلا من قبيل المنتصر والمهزوم وعلى ذلك يرى الأمريكان أنه يتوجب عليهم إملاء شروطهم على الطرف الروسي بينما يرى الروس أنهم ليسوا في موقف ضعف على أساس أنهم قادرون على تحويل الكرة الأرضية إلى قطعة من جحيم جهنم.
واجتمعوا، وبعد مداولات عديدة استمرت عدة ساعات قدم الروس فيها عدة تنازلات منها إبرام عدة صفقات تجارية بين آسيا كطرف أول وأمريكا كطرف ثانٍ تصب كلّها في مصلحة الطرف الثاني بالطبع، هذا فضلا عن تعويض الأمريكان بمبلغ ضخم بسبب ما تكبدته من خسائر في هذه الحرب.
ولم يشترط الروس علي الأمريكان إلّا شرطًا واحدًا وسط كل هذه التنازلات وهو الانسحاب المشترك من كافة المنافذ والمضايق وكافة المواقع الإستراتيجية واللوجستية من المنطقة العربية في آن واحد.
وكان رد جورج رامسفيلد هو طلب مهلة ليفكر في العرض المقترح من الروس.
وبعد مداولات عديدة بين قادة الحرب من الطرف الأمريكي قررّوا الموافقة على العرض باستثناء انسحاب جيوشها من المنطقة العربية، وهذا ما رفضه الروس رفضًا قاطعًا، حيث قالوا: نحن لسنا مضطرين للخنوع الكامل ولدينا أسلحة نوويّة، وسوف نحوّل بها الكرة الأرضية إلى أجيج مشتعل، والآن اعلموا أيها الأمريكان أنّ رؤوسنا النووية محملة على صواريخ عابرة للقارات تنتظر الإذن بالإطلاق.
ولقد تفاجأ الساسة والعسكريون من كلّ أنحاء العالم ردّ الأمريكان الغريب وأرجعوا ذلك لتدخل يعقوب إسحاق في الأمر حيث هو من زجّ بجورج رامسفيلد بعدم الموافقة على إنهاء حالة الحرب إلّا بشروط أمريكيّة خالصة .
***
العالم يغلي وعلى وشك الانفجار كانفجار النجم حال موته، لم يستطع فهمان متابعة تجاربه على المصادم الذي يبغي من ورائه الذهاب إلى إبليس رغم إصراره وإيمانه بأنّ إبليس السبب فيما وصل إليه العالم حتى الآن من دمار.
أمّا جاك فلم يستطعْ هو الآخر عمل أيّ رصد لنجم سحابة أورط رغم إيمانه بأنّه سيتحوّل إلى ثقبٍ أسود في أي لحظة؛ وعليه فلابد أن يتحرك سريعًا حتى يدحره عن طريق شراعه الضوئيّ المقترح في رسالة الدكتوراه.
ورغم الفائدة العظيمة التي يبغياها من وراء عملهما إلّا أنّ الأحداث جثمتْ على صدريهما فاختنقا، وانصهر قلباهما في بوتقة الحرب الدائرة.
أمام موقع التجارب على المصادم ffc-2 ظل فهمان يلكم الطاولات والحوائط حسرة وغضبا على رفض جورج رامسفيلد للمقترح الروسي، ونفس الحال بالنسبة لجاك ولكن في موقعه، أمام مراصد ناسا.
سقط فهمان على الأرض مغشيًا عليه لأنه رهيف القلب، بينما نجد جاك ممسكا بصفيحة معدنية كانت بجانبه مرسوم عليها خريطة العالم، وأخذ يثقبها بأصابعه الفولاذيّة، فلمّا شارف على الانتهاء منها بكى ثمّ احتضنها ووضعها على الأريكة.
ولأنه ذو قلب جسور انتفض فجأة واتّجه إلى باب المرصد ولم يفتحه بل اقتلعه من مكانه وتذكّر ولأول مرّة ذاك البركان الذي ضرب ولاية كاليفورنيا منذ أربعة عشر عاماً تقريبًا وتذكّر أنّهم لقّبوه ب "فتى البركان الملثّم" فقال لنفسه: الآن أنا فتى بركان البيت الأبيض.
أقبل عليه حرسه شاهرين مسدساتهم ظنًا منهم أنّه كان في مشاجرة مع شخص استطاع التسلل والوصول إلى مخدعه.
فلما رأى منهم ذلك قال لهم: لا شيء خطر، انتظروني هنا حتى أعود، لعلي أستطيع أن أطفئ حرائق البيت.



***






جاك في البيت الأبيض
إبراهيم أمين مؤمن-مصر
وصل جاك إلى مبنى البيت الأبيض وما زال يتوقّد حنقًا على وتيرة الأحداث التي قدْ تُنذر بزوال العالم ولاسيما أن مؤجج هذا الصراع هو رئيس جورج رامسفيلد بإيعاز من يعقوب إسحاق.
وصل إلى البوابة الرئيسة للبيت الأبيض، دلف إلى أحد حرّاسها، ثمّ قال له بابتسامة هادئة رغم أن غضبه يكاد يتحول إلى لهيب: «أريد مقابلة فخامة الرئيس.»
تفحّصه الحارس بنظرة عميقة، وأوغل في شرارة عينيه وطأطأة بشرته وتذبذب جوارحه، تبين حقيقته ولم تخدعه ابتسامته الهادئة، عندئذ قال له الحارس بهدوء: «هل أخذت موعدًا من فخامة الرئيس يا دكتور جاك؟»
أجابه بسؤال: «أتعرفني؟»
- «وهل تظنّ أنّ حارس البيت الأبيض لا يعرف مَن هو مثلك يا جاك، يكفي أنّك تُسمِّي نفسك جاك الولايات المتحدة الأمريكيّة.»
صمت هنيهة ثمّ قال: «أنا سعيد برؤيتك، وأرجو أن تُهدّئ من روعك وتملك أعصابك العائمة في بركان غضبك.»
- «لا شأن لك بغضبي، فقط أخبره أنّي أريد لقاءه.»
انتحى الحارس جانبًا ليكون بعيدًا عن سمع أذني جاك، بينما جاك يرمقه مقطبا.
كلّم الحارس رئيس حرس البوابات وأخبره بحالته، فأخبره رئيس الحرس بمنعه من الدخول والانتظار لحين إشعار آخر.
ومرّت ساعة وما زال جاك ينتظر على أحد المقاعد، وبدأ الظلام يهبط وئيدًا، فنهض وأقبل على الحارس وهو يزفر غضبا، وقال: «بعد إذنك، افتحْ البوابة واتقِ شرّي، أنت ومن وراءك.»
رد ّالحارس: «لا تضطرني يا جاك أن أفعل ما أكره وتكرهه أنت، انتظرْ حليمًا أو انصرفْ راشدا.»
ضربة جاك ضربة قوية في قضيبه فتقلصت ملامح الحارس ألما وسقط طريحا، حاول النهوض فلم يستطع. مضى جاك قدما واخترق الباب، خطا خطوات وهو يلتفت يمينًا ويسارًا يريد أن يعرف السابلة إلى حجرة الرئيس، لكنْ سرعان ما التفّ حوله حرس البوابات ولم يكن بينهم رئيسهم.
أحصاهم جاك عددا وقال لهم متوعدا: «دعوني، أريد مقابلة الرئيس.»
هاتف أحدهم رئيس الحرس فأتى مسرعا وهو يكلم الرئيس بشأن جاك.
أقبل إليه رئيس الحرس وقال له ممتعضا وأنفاسه تتلاحق: «أهذه طريقة تدخل بها البيت الأبيض يا جاك، اتفضل الرئيس بانتظارك.»
ورغم دخول جاك عليه متجها إلا أن الرئيس نهض له والتزمه وبش له، هكذا تراءى له.
أما جاك فلم يبد له أي احترام؛ بل لم يبسط يده إليه.
أنزل الرئيس يده بعد أن أخذ تلك الصفعة النفسية وتجاوز أيضا عن هذه الأخرى وبادره بقوله: «لعلّك فكّرت في عرضي السابق وقرّرت أن تصنع الطائرة.»
هز جاك طرف أذنه اليمنى بإبهامه وكأنه يريد أن يطرح أرضا بكلمة الرئيس التي سمعتها أذنيه، وسرعان ما قال: «أشعلتَ الحربَ أنت ويهودك، ماذا ستجني أمريكا من وراء الحروب؟»
واستطرد مستدركا بصوت عال: «بل ماذا ستجني أنت من العرش؟»
لم يعد يحتمل الرئيس استخفاف جاك به لذلك قال: «تأدب أيّها الفتى، وإيّاك تظنّ أنّ وكالة ناسا أو حبّ الشعب الأمريكيّ لك سينفعانك عندما تتطاول على رئيسك، أنا هنا على هذا العرش أحمي بلدي ممن يريدون بها السوء.»
- «أيّ سوء؟» قالها جاك باستخفاف.
- «من الشرق يأتينا الإرهاب، ومن آسيا يسرقون ملكتنا الفكرية ويتربصون بنا عبر المضايق والممرات المائيّة ليقطعوا عنا إمدادات النفط وخطوط الغاز، ولا يتورعون بالفعل أو القول لإلحاق الأذى بنا رغم أزمتنا الاقتصادية الخانقة.»
وسرعان ما هرول وفتح التلفاز وأراه أسعار النفط التي فاقت الخيال ثم قال له: «أرأيت كيف فعلت بنا ودول الخليج، أما آسيا فقد منعت النفط عنا.»
ثمّ حدّ إليه النظر وقال ممتعضا متعجرفا: «وهم صنيعتنا ونحن الذين ثبّتناهم على كراسي الحكم.»
قال جاك: «أيّها الرئيس، أنا غير مقتنعٍ بما تقول، مَن كان قبلك أفضل منك وقد ساهم في الخروج مِن أزمتنا الاقتصاديّة إلى حدٍّ كبير.»
ثم أقبل إليه بضع خطوات ورفع سبابته في وجهه وقال محذرا متوعدا: «ارفعْ يدك من هذه الحروب، اسحبْ الجيوش الأمريكيّة وخذ تعويضات الحرب التي عرضها عليك الروس والصين، انسحبْ بالجنود من أرض العرب إلى أرض أمريكا فهي (الأرض) الأولى بأن تدب أقدام الأمريكيين عليها.»
لما همّ الرئيس بالحديث بادره جاك بقوله: «اسمع، ليس لنا شأن بهرمجدون والهيكل والمسيا الملك وأرض الميعاد والنيل إلى الفرات وسائر تلك المخططات الصهيونية القذرة، شأننا هو (يشير في تلك اللحظة بسبابته إلى السماء) ذاك الرابض في السماء، ارفعْ يدك عن العالم، ارفعْ يدك عن أمريكا.»
قال الرئيس ممتعضا: «ما شأنك أنت بالسياسة والحرب يا فتى، لابدّ أن تحكم أمريكا ولا تُحكم، حتى لو اضطررت لإبادة العالم كلّه، ولا مانع أن تضحّي أمريكا ببعض جنودها مِن أجل أن يعيش شعبها كله في كرامة وكبرياء، اذهبْ أيّها الجاهل إلى ناساتك ولا تعدْ.»
تملك الغضب جاك وجرت الدماء في عروقه وأخذ يتمتم بعبارات الحنق، وتحولت عيناه إلى جمرتين وقال بصوت كالرعد: «أنت جرثومة يا خادم يهود، أنت عضو خبيث في الجسد الأمريكي يجب بتره، وأنا باتره.»
وانقضّ عليه ليخنقه، وطوقه بذراعيه وأخذ يضغط حتى جحظت عينا الرئيس واندلع لسانه وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بادر إليه حرس القصر وانتزعوه من يديه.
أخرجَ أحدّ الحرس مسدسه من غمده ليطلق الرصاصة على جاك، لكنّ رئيس الحرّاس رفع يده إلى أعلى في الوقت المناسب فطاشت في الهواء ثمّ قال للحارس: «أجننت! أتودّ أن يثور الشعب على الحكومة! هل تظنّ أنّ وسائل الإعلام الأمريكيّة سترحمنا؟ ألا تعرف ماذا يمثل جاك لأمريكا وللعالم؟»
ونظر إلى كل الحرس وأمرهم بالصمت.
التفوا جميعا حوله والذعر يتملكهم، وتمكنوا منه وهو يسب ويلعن في رامسفيلد ويرميه بأفظع الشتائم، بينما توارى رامسفيلد خلف ظهر رئيس الحراس.
استطاع جاك بعد لحظات التخلص من قبضتهم وركض كالوحش نحو رامسفيلد ولكن رئيس الحراس لكمه لكمة شديدة ارتد على إثرها للوراء وسرعان ما هجم عليه الحراس من جديد قبل أن ينهض.
أمرهم رئيس الحرس بأن يتركوه، وفور أن نهض قال لجاك: «جاك امضِ لحال سبيلك ولن يمسك سوء، امض وحسبك ما فعلت.»
قال جاك: «لن أمضي حتى يأمر هذا الصعلوك (يشير إلى الرئيس) بانسحاب بلدي من أرض العروبة وترك الحرب بلا عودة.»
لم يجد رئيس الحرس بدا من تهديده بعد إصراره فقال: «جاك، لو قتلتك الآن لن أُعاقب فيك، وأمور الحرب هذه سياسة دول وشأنها وليس لنا أن نتدخل فيها، ولا بديل لك الآن إلا أن تمضي.»
ردّ جاك: «لن أمضي قبل أن يعدني هذا الأخرق (يشير إلى الرئيس) بألا تتدخل أمريكا في شئون أحد.»
قال رئيس الحرس: «جاك، أنت بذلك تثير فتنة ببلدك، لا أريد أن أؤذيك لأني لا أريد للبيت الأبيض أن يصطدم بوكالتك فتتسبب في عودة الثوار مرة أخرى.»
وفور أن انتهى من قوله كرّ جاك مرة أخرى يريد الفتك بالرئيس، فوقف رئيس الحرس حائلا بينه وبين وقال له بثقة: «إذن لا محيص، قاتلني أنا.»
وأمر جميع الحرس بعمل دائرة كبيرة أشبه بحلبة المصارعة، وكل منهما يحمل بداخله أمرا، فجاك يريد هزيمته ليفتك بالرئيس، ورئيس الحرس يريد الفوز ليصرف جاك عن المشهد.
لم ينصاع الحرس للأمر، واندفعوا إلى جاك في لحظة خاطفة وتمكنوا منه وقيدوه.
أمرهم رامسفيلد بسلسلته ووضعه في أحد حجرات البيت حتى يُنظر في أمره.

 

إبراهيم امين مؤمن غير متصل   رد مع اقتباس