منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - فراغ
الموضوع: فراغ
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2014, 05:38 AM   #3
عائِشة محمد
( كاتبة )

افتراضي


-




(2)







يجاريني صديقي الصدوق في وحشتي. نتسابق سويةً من يستوحش أولاً قبل الآخر. من منا بإمكانه الشعور بالوحشة أعمق من الآخر. هذا الصديق الصدوق في كل مرة يخسر و لا يأبه بخسارته أمامي مطلقاً. الغريب أنه مؤخراً بدأ في كل مرة نتسابق فيها يخبرني بأن علي التوقف عن الفوز عليه في السباق. رغم أنه لا يأبه بخسارته أمامي، إلا أنه بدأ يخبرني بأن علي التوقف عن الفوز عليه. و منذ ذلك الحين و أنا لا أنفك عن سؤاله، لماذا ترغب و تظل تخبرني بذلك يا صديقي الصدوق و أنت لا تأبه إن خسرتَ أو فزتَ أمامي في المقام الأول؟ لماذا تظل تخبرني في كل مرة أن علي التوقف عن الفوز أمامك و أنت في حقيقة الأمر لا تأبه بخسارتك و بفوزي أصلاً؟ لما تظل تفعل ذلك يا صديقي الصدوق؟ لماذا لا تتوقف عن مناقضة نفسك بهذا الشكل المريب؟ ثم في الحقيقة أيٌ من الأمرين يهمك؟ فوزي عليك و قبح خسارتك أمام ضعيفة صغيرة مثلي؟ أم أن ما يهمك مقاسمتي لك الشعور بالوحشة و التسابق بها؟ ما الذي يهمك أكثر؟ أخبرني يا صديقي الصدوق ما الذي يعتلي قائمتك أولاً؟

مع كل هذا يظل صديقي الصدوق لا يجيب علي أبداً، صديقي الصدوق لا يخبرني بالأمر الأهم بالنسبة له، و لا يخبرني لما يناقض نفسه بهذا الشكل المريب الذي بدأ يخيفني بشدة. لا أدري إن كان قد سئم مني و من مقاسمتي له الوحشة، أم أنني لم أعد أشعِرهُ بالمتعة كما كنت أفعل دائماً منذ لقائِنا الأول. حقيقة أنا أشعر بالحزن على نفسي، أكاد لا أفهم سبب طلبه ذلك، لا أفهم لماذا يظل يستمر بطلبي التوقف عن الفوز عليه. أكاد أجن من التفكير في الأمر. ألم نكن أنا و أنت أيها الصديق الصدوق صديقان لا ينفكان رغم الصعاب؟ لماذا بدأت بالتغير علي هكذا؟ لماذا صرتَ تبدو مريباً للغاية؟ نعم يا صديقي الصدوق أنا أشعر بتغيرك و بتناقضك أيضاً. أليس المرء يبدأ بالارتباك في كل فينة و الأخرى حين يتغير في قلبه شيء؟ ترى ما الذي حدث لقلبك أيها الفراغ؟ أكاد أجزم أن أحداً ما يقاسمني الصداقة معك. أحدهم يحاول سلبك مني صديقي الصدوق. من ذاك الذي يجرأ على فعل هذا يا ترى؟ أنا في حيرة شديدة، لم أعد أستطيع التركيز بحدة. ما الذي يحدث بيننا أيها الصديق الصدوق؟ ثم من لي سواك يا ترى؟ كيف لي أن أحتمل هذا التغير الذي حتماً سيجرُ وراءه غياباً و فراغاً لا أقوى على معايشته. أنا لازلت أفضلك على الجميع، عد كما كنت صديقاً رفيقاً، لا تترك يدايّ عاريتان ممدودتان في العراء. لا تبتعد عني بهذه الصورة. كن معي. كن معي قريباً حد الشفافية المطلقة. كن صديقاً صدوقاً ودوداً لا ينضب كما عهدتك. كن من يدوم لي. كن دوماً من يدوم لي.





يتبع..

 

التوقيع



أنا تلك السيدة الطفلة،
تلك البلهاء التي تنطق بما لا تريد؛ تلك البلهاء الخرساء عما تريد.






تحاور معي: 7D50F6D8

عائِشة محمد غير متصل   رد مع اقتباس