البَردوني يُحسن رَسمَ الصورة وابتِكارها ،
وهو مولَعٌ كَثيراً بالإيحاء والرمزية وتَشخيص التجديدات
فـ للفَجرِ شِفاه ، وللمروجِ صُدور ، وللرّبى أجفان ، وللربيع قلب !
يا رفيقي هاتِ أذنيك وَخذ أشهى رَنيني
من شِفاهِ الفجر أسقيكَ وخَمرُ الياسَميني
من مَعينِ الفنّ أرويكَ ولَم ينضب مَعيني
وتَضعف الصورة عِندما تَكون البراهين عقليّة وواقعيّة في مضمون القَصيد :
وَحده المَجدُ والفَخارُ التليد
زَعزعَت مرقد الصباح الجَديد
وَحدَه يَعربيّةٌ وانطِلاقٌ
عربيٌّ يَهزُّ صَمتَ الخُلودِ
وهُنا يَرسُمُ صورَةً مؤثّرةً عجيبة للياليه في الكوخ الذي يُسَيطر عليه البرد والدّجى والجوع
لا مشفِقٌ حولي ولا إشفاقُ
إلّا المُنى والكوخ والإخفاقُ
البرد والكوخُ المسجّى والهوا
حولي وقلبي والجِراحُ رِفاقُ
وهُنا الدّجى يَسطو على كوخي كَما
يَسطو على المُستَضعَفِ العِملاقِ