منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - كليلة ودمنة رؤيا بنفسجية
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2014, 07:41 PM   #8
برهان المناصير
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية برهان المناصير

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 44

برهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعةبرهان المناصير لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


قال كليلة :

زعموا بأن قبيلة من النمل كانت تعيش في أدغال أفريقيا وكان من شأن تلك القبيلة إذا نبغت فيهم نملة وفاقت أقرانها حبسوها عن القمر فلا يمكنوها من الخروج ليلا اعتقادا منهم بأن القمر سيسلبها ذلكم النبوغ وتحل بهم لعنته بحسب أسطورة توارثوها جيلا بعد جيل .

فنبغت في تلك القبيلة نملة كانت من أجملهن صورة وأحسنهن هيئة وألطفهن نشأة شقراء اللون فتانة المحاسن بارعة الشكل كأنها دمية من دمى القصور وهي مع ذلك متوقدة الذهن سريعة الفطنة من أصفاهن نفسا وألطفهن حسا .

كان تفكيرها مختلف تنظر إلى الأمور بعين غير تلك العين المشوهة التي اتخذتها قبيلتها خصوصا للقمر الذي ملأت فراغ قلبها به **فاعتزلتهم وانتبذت ناحية لا ترى فيها أحد ولا يراها فيها أحد وطفقت تبحث عن نفسها والقمر في بطون الكتب حتى بات الكتاب صديقها فأنست بناحيته وأفضت إليه بأسرارها وأطلعته على دخائل نفسها فهو الصديق الوحيد الذي طوي باطنه على مثل ظاهره وعلمت بأن الكتاب والقمر هما قبيلتها وهما وطنها وهما ذاتها وتاقت نفسها لرؤية القمر وكان مجرد ذكره في موطنها جريمة عقوبتها الإعدام وكانت على يقين بأن ما توارثه قومها من أساطير ما هي إلا خزعبلات وجهالة ما أنزل الله تعالى بها من سلطان فعزمت على رؤية القمر عزما لا رجوع فيه فتلمست لرؤيته الوسائل وهي على يقين بأن ذلك الأمر وعر الملتمس عزيز المنال ولكنها كانت ترى فيه حياتها .

فاستعدت للأمر وتأهبت له وأرهفت له غرار عزمها فأيقظت له رأيها وأسهرت قلبها وأعملت الفكر في خريطة الوطن فراقبت حركاته وسكناته وتفقدت مخارجه ومداخله وتتبعت عثراته حتى ظفرت بمطلبها وخرجت من ضيق تلك الخارطة إلى سعة العالم وجدّت بالمسير وطفقت تعدو *ولا تلوي على شيء وانبسطت آمالها لرؤية القمر وقد زينت لها نفسها رؤيته وما زالت دائبة السعي لا تقف على ساق مكلفة نفسها فوق طاقتها حتى تنفست الصعداء تعبا وسقطت من الإعياء .

وما أن علم قومها بخروجها حتى أوغرت صدورهم وجاشت عليها بالغل وكشرت عن أنيابها وكشفت عن وجه العداوة وباتت تلك النملة الصغيرة حربا لهم فقد أورثهم رحيلها حسرة وتجرعوا غصص الندم فأرسلوا الجيوش في أثرها وأضحت تلك النملة قضية وطن وكأن الوطن قد ألم به داء لا دواء له سوى موت تلك النملة .

وكانت تلك النملة قد فتقت لها الحيلة من خلال مطالعتها للكتب بطريقة توصلها للقمر معتمدة على قانون الجاذبية فصنعت خلطة من الفضة والعنبر والندى وغطت بها نفسها ومضت نحو البحر ومكثت هناك ترقب المد وكان قومها قد وصلوا فصاحوا بها فلم تعرهم أدنى اهتمام وما أن اقتربوا منها حتى حضرها المد وألقت بنفسها من فوق الجرف لتواقع المد حال انحساره فجذبها القمر ولمع البشر في عينيها وتدفق السرور من وجهها فتساقطت على نفوس قومها غما وأسفا وقرعت ساحتهم الأحزان وصعدت هي وارتقت حتى ظفرت بالقمر وظفر بها القمر .

فأيقن قومها بصدق الأسطورة وأيقنت هي ببطلانها واعتقدوا بأن اللعنة ستحل بالوطن واعتقدت هي بأن الوطن ستحل به لعنة ولكن ليس لعنة القمر بل لعنة الجهل .

برهان المناصير

 

برهان المناصير غير متصل   رد مع اقتباس