منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - | قانون الخطأ |
الموضوع: | قانون الخطأ |
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2010, 07:39 AM   #1
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

افتراضي | قانون الخطأ |


أُسس الكون على جريانه وِفق قوانين و أُسس ، ونظام ومنهج ، لا يختلف و لا يتناقض في ذاته ، و لا يحيد و لا ينحرف عن وِجهة ، حتى يستقيم بذلك كل ما فيه و انضمَّ إليه و اندرج فيه .
الخطأ مرفوض في الكون ، و غير مقبول ، و مصروف عنه ، و لا يوافَق عليه ، لأنه خلاف الصواب ، و نقيض الصحيح ، و خارقٌ الأصل المبنيَّ عليه الكون ، و الحياة بذاتها لا تتقبَّل وجود الخطأ ، فيقع في نفوس الناس نُفرة منه ، و صدود عن صاحبه .
مهما يكن الخطأ ، فإنَّ هناك محيطات به تكتنفه ، تنقضه و ترفضه ، بدءاً من القوانين الأخرى الرافضة له ، حيث " لا يصح إلا الصحيح " و لا يدوم إلا الصواب ، و مروراً بمواقف المخلوقات تجاهه ، فالاعتراض على الخطأ رفضٌ ، و الصدود عنه رفضٌ ، و عدم تقبُّل المخطئ رفضٌ ، في الاعتذار عن الخطأ رفض للخطأ ، و سعاية في إزالته ، في وجود وجه مواجه للخطأ رفض له كذلك ، و أشياء أُخرى هي رفض له ، من سلوكيات الحياة ، فالحياة نظامها الصواب .
الخطأ يُعرف بنفرة العقل عنه ، و إعراض النفوس عنه ، و عدم موافقة الأديان عليه ، فمهما يُزيَّن الخطأ بزينة التصويب ، لتنطلي عملية التزييف على الكثيرين ، إلا أنها لن تنطلي على الفُطناء ، حيث اعتبارهم ملابسات أخرى محيطة بالخطأ تُبدي مدى كونه خطأ ، لا يلجأ شخص إلى تزيين الخطأ بالتصويب إلا لمعرفته بخطئه ، فلا يجد إلا ذلك ، فـ " في زُخرف القول تزيين لباطله " ، و في تنسيك الفعل تقديس لزلته ، و لكن كما أن الزخرفة لا تنطلي على فطناء الناس فإن قانون التصويب لن يدع الخطأ قائما بالزيفِ ، دائما في الطيف ، بل سيكون بينهما عراك و حرب ، و الغلبة للصحيح دوما في سنن الله .
رام البعض في خطئه أن ألزمه كلمة التقوى ، فخلع على خطئه ألبسة النُسك و الديانة ، ليغترَّ الناظرون إليه ، فلا يرفضونه ، و إن تقبلته نفوسٌ ، فهي سقيمة ، و السقيم ليس مقياساً ، و هناك وجوه أخرى تؤمن بأن اللباسَ زيف ، و يروم البعضُ إلى سلوكيات تنأى بالآخر عن إبصار موطن الخطأ ، فإن المخطئ و إن نجح في هذه ، فإنه لن ينجح في أخرى ، فـ " لكل نطَّاح من الناسِ يوماً نَطوحُ " .
إن وقع الخطأ كان الرفض له ، و كان المخطئ كذلك ، و لا يدوم الصمت على وجود الخطأ ، و لا تستمر تغطيته ، بل سينكشف الغطاء عنه و يُدركه الناس ببصرٍ حديد ، فلا يُكتب الخلود لشاذٍّ ، و لا البقاءُ لخارج عن النظام الكوني ، و لكن حين ينكشف الغطاء عن الخطأ ، و تبين عورة المخطئ ، سيعلو الصوابُ و يبين الصحيح ، و تكون سقطة الخطأ فاحشة في الهاوية ، فالكون لا يرحم أحداً .
سلوك الناس يرفض الخطأ ، فيجتمعون على ذمه و طرده ، الأديان كلها تعضد ما يرفضه البشر ، فهي تُقرُّ و توجِّه ، هذا لا مخالف فيه قطعاً ، يبقى أن الخطأ مُختلَف فيه من شخصٍ لآخر ، و من شعب لغيره ، هنا تكون نظرة من زاوية ، و هي أن الخطأ المرفوض ما اعتقده الشخص خطأ و ارتكبه ، أو اجتمعت النفوس على تخطئته ففعله ، لكن أن يكون وجهة نظر أو نوع رأي فلا يندرج تحت ذا ، في مقابله الصوابُ الباقي ، ليس إلا ما كان كذلك .
تُخطئ الحيوانات فترفض جموعها الخطأ ، فتُصدر الأحكام على المخطئ ، ففي خطأ نملةٍ في كذبة أجمعت النملُ على تقطيعها إرباً ، خطأ مرفوضٌ ، فالكذبُ نشاز عن نظام الكون القائم على الصدق و العدل ، فإن دُريَ هذا مِن قِبَل البشرِ فإن لزوم جادة الخطأ بعد تبصُّرها إيذانٌ بمواجهة قانون التصويب ، و مواجهُ الغُلاَّب يُغلب ، فلا يكون إلا في حالة ضعف و إن استقوى ببريق اللفظ و تقديس الخطأ ، فلا تسري الأشكال على تدنيس الحقائق .

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس