منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - معْرَاجُ نبْضَين ومَسْرَى ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-20-2010, 11:57 PM   #3
عائشه المعمري

كاتبة

مؤسس

افتراضي


يصل إلى سور المقبرة والشمس عالقة بين جبلين تود أن تتكفل له بخيط ضوء لا بأس به حتى يُنهي مهمته ،
يقفز من على السور ليس لأنه قصير إلى حد ما وليس لأن المقبرةَ بـباب مُقفل ، لا ،
فالأشياء في تلك المدينة مفتوحة على كُل شيء حتى على المزابل ، بل لأن الخطوات امتنعت
عن تواتُرِها وخانته في انتعاش ما قبل النهاية فقرر أن يسير قفزاً ، رفع ثوبه الأبيض إلى ركبته
ممسكاً طرفه السفلي بفمه حتى أصبح كـغوريلا تحمل في جيبها صغيراً ينتحب .
وصل إلى حيث يريد ، حيث قبر جده تماماً ،
حَفره بشراسة ، بشراسة غريبة ، وتابع في الحفر ولعاب الغياب يسيل كظل لـشبح على
جدران البيوت المهجورة ،
أفرغ قبر جده مما يود إفراغه ، لم يجد سوى قطعة بيضاء مُتأكسدة بطريقة جميلة في الزاوية
الأقرب لموضع قدم جده ، في حين أنه لم يجد من جده سوى كَومه لعظام مرتبه بطريقة جميلة
أيضاً تنقش الدود عليه درعاً للغياب ،
لم يتقزز أو يتألم ، كَم هو بليدٌ للغاية ، أخذ يلم كل تلك الرتابة بشعث ، وامتطى قبر جده سريراً
استلقى عليه ، لكنه لم ينسى أن يحتطب تلك العظام ويرتبها فوق صدره ، صدره الفارغ من قلب ،
بالرغم من ذلك احتضنها بشبق ،
ثم استطالت يده نحو القطعة البيضاء وكفّن بها نفسه ، وانتظر الريح التي استودع الجبال لديها أن
تُرسل له غراب قابيل يهيل عليه التراب بأجنحته ،
وغابت الشمس .


تمت

 

عائشه المعمري غير متصل   رد مع اقتباس