منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - غرباء هكذا الأحرار في دنيا العبيد!
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-2008, 07:40 PM   #1
سعد الميموني
( كاتب )

الصورة الرمزية سعد الميموني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

سعد الميموني غير متواجد حاليا

افتراضي غرباء هكذا الأحرار في دنيا العبيد!


هذا اقتباس من أحد الأناشيد " الاسلامية " عجزه أم صدره لا أدري لكنه مرافق لشطر أخر هو ( غرباء و أرتضيناها شعاراً للحياة )، شجي صوت المنشد و أصوات الكورال من بعده ، تدخل معه نوبة من الجوى و تبدأ في جمع خيوط غربتك، لتنسج منه تاريخاً ترتضيه، طبعاً ان كنت ممن يشعر بغربه، و أنا على يقين أنّ لكل ابن آدم غربته الخاصة سواء ظهرت على ملامحه و في تصرفاته أم واراها بروح السخرية أو بطريقة أخرى اختارها، و لا أعترض على هذه الغربة فهذا تفكيره و هو حُرّ ، نعم حُرّ هكذا خلقه الله، و أظن الغربة تتناسب عكسياً مع حرية صاحبها.

المشكل لدي أنّ هناك من يعظم غربته و يجعلها مركز الكون، من خلال نفخ الروح فيها بكل ما يحيطه مما تتوافر فيه عناصر تزيد نار غربته سعيراً، حتى هاهنا يبقى حراً فهذا ما يريده هو ، لا يكتفي بغربة نفسية بل يطوع لها الكون و لا يهدأ حتى يسمع الصدى من حوله يتردد : غرباء هكذا الأحرار في دنيا العبيد ، تبدأ المشكلة في تعديه على هذا الكون، و بدئه في تطويع باقي البشر ليصيروا أيضاً جزءاً من غربته ، و كأن عقله قد أحاط بما كان و ما سيكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون.

الغربة هي تباين حاد مع المحيط، أشبه بمرض الذهان، لكنها تبدأ بالاختيار عموماً - الغربة التي أتكلم عنها - و تتطور الى أن تصل الى الانغلاق و التقوقع و الانفصال عن الحياة المحيطة، و هي اما تقديس للذات أو تجريم للمحيط و تقزيم له، و هذا هو حجر زاوية الغربة .

من قال هلك الناس فهو أهلكهم ، و الذئب انما يأكل من الشاة القاصية، و المجرم يعزل ضحيته ليسهل عليه
التغلب عليها.

مؤمن أن الأفكار العظيمة تولد يتيمة، فيتبناها شواذ عصرها ، ليذكرهم التاريخ عظماءاً آمنوا بأنفسهم، و وثقوا في صحة ما يعتقدون، و لكن قد يكونوا مخطئين أيضاً و يغتربون مع الوهم فقط ، و لا فيصل لذلك في نظري الا للشك و الايمان.

جميلٌ أن نراجع أنفسنا، و نتعلم من أخطائنا و أخطاء من سبقونا، و نبدأ من حيث أنتهوا ، و كما قال غوته :
ان من لم يستفد من تاريخ ثلاثة الاف سنة مضت فهو يعيش حياته من يوم الى يوم ، و من المعلوم بالضرورة أن الواثق من مبادئه لا يختبئ بها و يحرسها بل يجعلها تحتك بمحيطه لأن البقاء للأصح و الأقوى ، العزلة و الانغلاق بيئة خصبة لنمو الأوهام و الوساوس و الكوارث الفكرية و هي المعنى لكلمة التخلف .

الزمن يمضي ، رضي من رضي و أبى من أبى ، و كل شيءٍ يتغير مرغوماً، لذا يجب ألا نسبح عكس التيار و أن نبحر مع الزمن و نحمل فقط الجواهر الثمينة معنا، لأن التاريخ لا يبقى و لا ينتظر أحد هو فقط يعيد نفسه ، و جوهر الحياة واحد ، فقط قشورها مختلفة .

 

التوقيع


عبث تائه


لا،


أكثر...

!


مدونتي :
http://saad.fqaqee3.net/wordpress/



سعد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس