:
:
هُناك في رصيفٍ ما يقعُ في نهايةِ جادَّة الذاكرة
ثمّة كرسيّ يئنُّ برداً
وبجانبهِ يجلسُ عازفُ قانونٍ مُطأطِأُ الرّأسِ, تنتحِبُ أصابعهُ وهي تُمزِّقُ نشيج حزنه الغائر وتُحيلها لنوتات باكية !
يرسُمُ الوقت فوق التجاعيد
يُؤرِّخُ لميلادٍ بعيد
يرمقُهُ المارّةُ بتؤدة ومنهم من يذوبُ إثر ذبذبات وجعهِ
تلتقِطُ يدُكَ الصور
التفاصيلُ تُوشَمُ تلقائيا في ذاكرتي
رائحةُ الضوء وهو يغورُ في الماء
انكسارُ صورنا في عينِ البحر
وقعُ الخُطى في ذاكرةِ المكان
لُهاثُ أنفاسنا وهي تُلاحِق عقارب الساعة
التنهيدةُ المُتّقِدة
نشيجُ النّوارس وهي تحتفي بعاشقينِ يعزُّ عليهِم أوانُ اللّقاء !
وأنا ...
أنبِشُ في أعماقي عن قلبٍ تصدَّع مِن خشيةِ النهايات
كيف لي وأنا الموبؤةُ بالتذكُّر !
مايزالُ لديَّ مُتّسعٌ مِن الدّمع
حثيثاً أجهدُ في لَملمتهِ كي لا يُبلِّل مُتّكأي هُناك في مَحْجرِ عينك
عليَّ التماسُك كساريةٍ مصلوبةٍ في قِمّة جبل
ثُمّ طيِّ السنين في قلبِ الصّلوات
علَّني أبلغُ الأسبابَ وأصِلُ ... حَيثُك !