منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قـنـاديـل تـتـوهـج .... 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2019, 11:51 AM   #1
فيصل خليل
( كاتب )

افتراضي قـنـاديـل تـتـوهـج .... 2


قـنـاديـل تـتـوهـج .... 2

محملا بأعباء الحياة مما اقتضى علي حمله لهذا الشهر الفضيل ،،، كثيرُ هي الأشياء مما خف وزنه وثقل ،،، كأن الكون على شفير نهاية ومجاعة قريبة تصل ،،، لا أدري لما اشتريت فوق ما أريد رغم إني وحيد بالكون أعاني وحدة الزمان والمكان والروح ،،، ربما هي التقاليد البالية التي الزمتنا منذ الصغر على التجهز للشهر الفضيل بحملة تسوق غير مسبوقة كأنه شهر الكوارث وليس شهر التراحم وتذكر الفقراء.

لم ابخل على نفسي فقد اشتريت الغالي والنفيس وذو جودة عالية كأني مرهف ترف مع أن راتبي يزحف لآخر الشهر زحف السلحفاة في باقي شهور السنة، ،، لكنها العادة التي لا مناص منها.

في رحلة العودة إلى البيت انوء بحمل ثقيل ،،، رأيت جاري الهرم ذو السبعة عيال يتسوق ما يقتات به ،،، ليس اي تسوق مثلنا ،،، فهو يأخذ الفتات والبواقي مما لا يصلح بيعه.

مررت جانبه كأني لم أره فليس لي شأن به ،،، فعندي هم شراء حاجاتي ما أخذ كل وقتي.
لكن ما ان وصلت البيت وبدأت بترتيب الأغراض في الثلاجة المثقلة بالأصل من اغراض سابقة قليلُ ما استخدمها ،،، حتى ران في قلبي هاتف يؤنبني على تجاهل جاري ،،، كان الصوت قاسيا يذكرني بصوت والدي مؤنبا كلما أخطأت بتصرف ما.

تجاهلت ذلك وانهيت مهمتي التي تعجز عنها أمهر النساء، ،، واستلقيت على فراشي محاولا النوم لكن طيف جاري يجافيني وعاد لي صوت القلب مؤنبا أهذا حق الجار على جاره ،،، أليس لجارك فضل تهديه بعض ما قضيت به مؤونة الشهر ،، كيف يكون شهر التراحم ونحن نتجاهل بعض.

رن صدى الجملة الأخيرة في أذني واهتز لها أعماقي ،،، كأني اول مرة أفهم معنى الشهر الفضيل ولماذا نصوم ،،، نعم تسائلت ألا يكفيني القليل من المؤونة أكف بها نفسي ،،، لم كل هذا الذي يكفي مؤنة عائلة كاملة وأنا وحيد يكفيني القليل.
لمت نفسي لوما عنيفا وترقرق قلبي رحمةً على حال جاري الذي كسرته السنون وغفلت عن مساعدته بغفلة زمن.

قمت من فوري وأخذت جلً ما اشتريته إلى جاري الذي بدى سعيدا تغبضه فرحة لا تسعه قد ملأت قلبه وبانت على وجنتيه القاسيتين من فعل الزمن كأنه أول مرة يرى خيرا في حياته.

عدت إلى سريري وقد آن لي أن أنام مرتاحا بعدما تخلصت من هم العادات البالية التي أنهكت المال والوقت ،،، وجعلتنا نتناسى هموم أقرب المقربين منا ،،، عرفت ان لذة السعادة تكمن بالعطاء وأجمله ما نقدمه بهذا الشهر الفضيل حيث تتلاقى القلوب المعطاءة مع المحتاجة وتمتزج برحمات ربها ليضفى عليها فرحة كبرى لا مثيل لها بلذتها.

نمت وقد فهمت أن شهر التراحم بالأفعال وليس بالأقوال.

10- رمضان


 

التوقيع

ابـتـسـم وإن طـال بـك الألـم
وإصـبـر رغـم شـدة الـوجـع

فيصل خليل غير متصل   رد مع اقتباس