منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - بُرونْز
الموضوع: بُرونْز
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2020, 12:57 PM   #10
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50467

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


*



في موسكو 10/10 1968م
كتب المخرج " محمد ملص " إلى الناقد فيصل دراج..

صديقي!
بدأت أغوص في بحار مبهمة. فأنا أتوق إلى فراق الأشياء التي كانت مزروعة في داخلي. لقد غادرتني مدينتي وتركتني مثقلًا بالأحاسيس اللّزجة، فصارت اللحظة الحاضرة أشبه بإبرة الحاكي تنغرس بي، وهي تقول: إن هذه الطائرة ذات المحركات الأربع، تحملك الآن وهي لا تدري أتطير بك أم بعد لحظات ستطير معها. وحين لاحت موسكو بوجهها الليلي بدت لي كغول يفتح بطنه الكبيرٍ ويبتلعني، وأخذ لهاثه يبعث القشعريرة في جسدي. وفي الصباح أخرجتني أرنبًا في عالم من القطط. يعجز عن أن يفهم أي شيء من حوله، فلم يتبقَّ لي بعدها إلا الحيرة.

ها أنذا يا صديقي أجول في شوارع موسكو! وبعدها لن يبقى لي إلا أن أقضي الساعات الطويلة، بحثًا للعثور على البيت الذي وضعنا فيه؛ حيث سنعيش وسنتعلم وننام داخله.

يعود الليل، ثم يعود من جديد، فلا ينبعث في داخلي إلا صوت هذا الارتطام الغامض. فأبدو كمكوك عتيق يسعى أن ينسج شيئًا ما… لقد ثملت بالأحاسيس إلى حد أني لم أعد أدرك كُنْهها. قد يتوهم أحدنا أنه اكتشف نفسه، وأنه (يعرف ما يريد)، لكن ذلك يبقى رهنًا بالارتطام الحقيقي مع العالم في مرجل الحياة الذي يغلي. عندها يعود ويرى أن ما عرفه عن ذاته، يترجرج في تلك الحرارة.
فماذا ستفعل؟
تملّكتني لحظة شوق غامرة للخلاص من ذلك الإبهام الذي استقبلَتني به موسكو؛ لأبدأ بتذوق طعم هذه الغربة… وموسكو تستعد لاستقبال شتائها القاسي.
يتناهى إليَّ الآن صوت موسيقا بروكوفييف فتهب حبيبات القشعريرة على جلدي. ويمّحي من ذاكرتي الدوران العبثي للأسطوانة السوداء.

في رواية «الوضع البشري» لمالرو، ثمة صورة لذاك الألم الذي يشبه هذا الألم المتقوقع في داخلي وأحاول الخلاص منه… في تلك الرواية يموت الأبطال، لكن لكل منهم ميتة خاصة به. الإرهابي العقائدي (كيو) يموت ويتحول جسمه إلى شظايا تلطم سيارة (تشاي كان شيك)، أما (تشن) الذي يعي أنه قد فقد نصفه الأسفل، وأن الشرطي المرتزق الذي يلكزه ككتلة لحمية مبهمة، يتساءل:
هل قُتل تشاي؟ يموت كيو! وتموت ماي بموت حبيبها. ويموت الأب بموت ابنه… فلا يبقى إلا الألم من الوضع البشري.



 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس