منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - سيِّد نقطة!
الموضوع: سيِّد نقطة!
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2010, 03:53 AM   #8
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو
 
0 لون ما؛ لوني ؟!
0 أفلام ؟!
0 " دعني "
0 من أجل الحب ..

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي بيت الأرنب ..


فتحت الخادمة الباب بتمام الرابعة عصرا لترى رجلا متشحا بالسواد و قبعة تخفي ملامح وجه باستثناء ابتسامة صغيرة، باهتة. انتشل صوته الهادئ الخادمة من استغرابها:
- " من فضلك يا آنسة، أخبري سيدك بأن رئيس خدمه المُنَقَّط قد أتى لمقابلته "، حاولت أن تلفظ سؤالا في غمرة صدمتها إلا أنه استعجلها بقوله:
- " يا آنسة، سيدك عصبي جدا و قد يفقد صوابه إذا ما انتظرت لتسألينني عن سر مظهري. لا ريب أن فتاة لطيفة مثلك لا تحب أن يوبخها رجل أحمق مثله، فأسرعي إليه. ". انفرجت شفتاها لثانية و أغلقتها بسرعة و ابتسمت:
- " بالطبع، أنت محق.. تفضل إلى البهو حتى أخبر سيدي ". مضت في طريقها مسرعة بعد أن ابتسمت ابتسامة واسعة للسيد نقطة.
كان البهو مطليَّا بلون أخضر قاتم، مزينة جدرانه بخطوط بنية اللون تمتد على طول البهو حتى الصالون في آخره. ما لفت نظره أن البهو كان شبه مظلما رغم أن الساعة لم تتجاوز الرابعة بعد. كان السر في اللون القاتم و انعدام الإضاءة تقريبا. تسائل ما إذا كان هذا الأرنب شريرا في تعامله مع الخدم! أو حتى .. مع الضيوف!
مرت من أمام البهو امرأة ضخمة الحجم ترتدي لباسا غريبا، أشبه بألوان متداخلة غير متناسقة أو محددة! نظرت إليه من خلف نظارتها الكبيرة.. كان واضحا أنها في الخمسين من عمرها، شعرها الأشيب يلتف حول وجهها كغابة رمادية قاتمة. و عيناها تلوذان بالنظارة الضخمة التي تحجب جبينها الواسع الذي يلتمع تحت بعثرة خصلات شعرها. شفتاها واسعتان باهتتان. مرة أخرى يمتزج اللون القاتم مع الباهت في هذا المنزل.. شعر بالضيق و تمنى أن ترحل هذه العجوز حتى يتسنى له إخراج الساعة الفضية التي أحضرتها له شقيقته وردية ليرتديها، علها تخفف من سيطرة الألوان على مزاجه. لكنها نظرت إليه بعمق، و حدة! خيِّل إليه أنها ستقوم بأمره الآن بسبب وجوده هنا، و فكر أن الكذب على امرأة مثلها لن يكون لطيفا..
اندفع صوتها مرهقا:
- " أنت، أيها المهرج!! ماذا تفعل هناك تاركا الباب مفتوحا خلفك. أغلقه و تعال هنا، اقترب أيها الشاب و بسرعة. ". ابتسم و فعل كما أمرت، وقف أمامها تماما. هناك حيث وقفت كانت الإضاءة أفضل. بادر بالقول مقلدا لهجة شخص مصاب بالزكام:
- " المعذرة، يا سيدتي. جئت لمقابلة سيد هذا المنزل بخصوص وظيفة رئيس الخدم. لقد أوصى بي سيد المنزل السابق الذي كنت أعمل لديه. آمل ألا يكون وجودي مزعجا بالنسبة لك. " نظرت إليه بتفحص و شك:
- " نعم، لقد قال ابني الأحمق أنه ينتظر رئيس الخدم الجديد لكنه لم يقل أن مهرجا سيأتي! ". تظاهر بالحزن و أجاب:
- " أوه، سيدتي. لم تقولين أني مهرج؟! "، أطلقت ضحكة ساخرة و قالت بلهجة قاس:
- " أحقا ؟! تظن أن بإمكانك الاستهزاء بي لأني عجوزا ضخمة و لا أستطيع الحراك بدون نظارتي؟! أنت تذكرني كثيرا بمهرج يقول: دعيني أخفي عيناي و أبتسم، فإذا حفظت شكل ابتسامتي.. لم تعودي بحاجة لرؤية عيناي! .. " ضحكت و أردفت:
- " حسنا، لم ترتدي الأسود في مقابلة وظيفية إذا ؟!! "، رفع قبعته عن رأسه و ابتسم بإعجاب:
- " أظن أنني أعرف هذا المهرج. أما بالنسبة للون لباسي فأظنه مناسبا جدا لجو هذا المنزل.. ألا تظنين ؟! ". نظرت إليه صامتة لوهلة، ثم قالت:
- " حسنا، أتمنى لك التوفيق مع ولدي الأحمق.. لا تدعه يستفزك فهو يحب الاختيال كثيرا! ". تركته قبل أن يستطيع الإجابة و جاءت الخادمة لتقوده إلى مكتب سيدها.

 

التوقيع





التعديل الأخير تم بواسطة بثينة محمد ; 08-27-2010 الساعة 03:56 AM.

بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس