منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - على وشكِ الفراق . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-20-2013, 11:43 PM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

الصورة الرمزية سارة النمس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 12

سارة النمس سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي على وشكِ الفراق . . .


حينما اتكأ الخجل على حلم ، و دقت ساعة الحياة منتصفها ، قررت أن تقف أخيرا كي تضع نقطة النهاية لقصة ظلت سنوات قابعة تحت ظل علامات الإستفهام و التعجب ! تسدّها النقاط المتتابعة ، إنّها اللحظات التي نمزق فيها معاهدات الاستسلام لنقفز من فراش الماضي و نتجاوز باب الحاضر فننطلق إلى المستقبل لا شيء مغرٍ كالمستقبل ! إغراؤه لا تضاهيه فتنة االماضي التي عل وشك التلاشي ، فمَــا مضى ليس سوى ذكريات شاء لها القدر أن تسجن بين قضبان " كان " لا يمكن أن يبنى عليها مستقبل بأسره .
بذلك اليوم الضبابي من كانون الأول ، كانت الشمس غائبة عن الوعي تمامًا و دخلت غيبوبتها منذ شهر و أكثر ، غطتها غيوم رمادية محملة بماء الحياة الطاهر ، خرجت " عبير" من بيتها بعد العصر تتشبث بمظلة سوداء كي لا يبللها المطر فيساء فهمها على أنها دموع أنجبها الفراق ! الطريق إليه كان غريبًا ، موحشًا ، فارغا من أهله ، في هذا اليوم البارد قرر الناس الاحتماء بجدران بيوتهم و الاكتفاء ببطانية و كوب قهوة ساخن ، لكن لخروجها سببٌ وجيه كي تضع نقطة نهاية على سطر الحب .
وصلت إليه و دفعت باب المقهى الزجاجي بيدها ، أول ما استقبلها دفئ جميل ، حتى المكان كان أصيلا به أرائك عربية و موائد نحاسية مستديرة و رائحة القهوة المحتبسة تسرق الأنفاس إنه مكان مميز جدّا للوداع ، قصة حب أسطورية عليها أن تتوج بفراق أسطوري ما !
لحظة رآها وقف كي يهم بمعانقتها لكنها اكتفت بالمصافحة ، فالعناق أسوأ ما يمكن أن تقوم به و أنت تودع عزيزًا كارثة الرحيل أن نبث فيه كل ما تبقى لدينا من الحب ، سيجلدنا الضمير بترك المحبوب إلى يوم البعث ، جلست فجلس هوَ ،
و ابتسم فابتسمت هيَ على مضض ، حتى االابتسامات تعدّها عدّا !
- لازلتِ غاضبة مني ؟
- أبدًا .. لست غاضبة منك و لكنني في هذه الفترة اكتشفت أنّ كلّ ما كان جميلا بيننا قد انتهى . . . فلما المضيّ ؟
- لا أحب سماعكِ تتحدثين بنبرة الفراق ! نحن خلقنا لبعضنا البعض و كل ما يحدث أمر عادي بين أي اثنين ، كلّ ما هو عالق سيحل أعدكِ
- أنت لا تفهم . . لم أعد أشعر بالسعادة و أنا معك ، ما عاد قلبي يدق كلما رأيتك ، لقد استنفد الزمن كلّ ما بقلبي من حب ليس بوسعي أن أقدم أية عاطفة أخرى فلما ترفض الإنسحاب ؟ أعتقد أنّ الرحيل بتركك ! أفضل من البقاء معك بخيانتك
- و أحلاهما مرّ !
- لقد كنتُ وفية لك منذ أن عرفتكَ
- و هل عليّ أن أشكركِ على واجبك كعاشقة ؟ إنه ليس معروفا صنعته لي ، و مثلما كنتِ وفية كنت لك وفيا
" قالت بعد أن ارتشفت من فنجان القهوة " :
- صحيح ! ليس جميلا و لكنه واجب لم يعد يؤده الكثيرون و الكثيرات
- لما تفعلين بي هذا ؟
- أنت لما تفعل هذا ، لما لا تدعني أرحل بسلام ؟
- كي أموت بسلام !
- أنت تعقد الأمور
- لما لا تبسطينها ؟
- أحاول ذلك .. وداعًا " حملت حقيبة يدها ، و لفت الشال حول عنقها كي ترحل "
- إنتظري . . . تذكري دائما أنني أحبك

كانت " أحبكِ " آخر ما سمعته منه قبل الرحيل ، ووقع صوته عليها كان كالزلزال ، عادت إلى بيتها و الشمس لازالت غائبة عن الوعي و الطريق لازال موحشًا و غريبا ، و عندما وصلت إلى المنزل ، تحسست صدرها كأنّه فارغ ! لقد تركت قلبها معلقا بذلك المقهى العربي العتيق ، حملت الهاتف و دون أي وعي أو إدراك منها وجدت نفسها تشكل رقمه بأصابع مرتجفة كي تتصل به و تخبره :

- اشتقتُ إليك !

سارى النمس

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس