محمد مهاوش
ــــــــــ
* * *
أُرحب بك كثيراً .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد مهاوش الظفيري
وحشـة جهنـم ومـدت كفـك بمنفعـه
اختلفوا بكل شـي الاّ بهـل مـن مزيـد
فهذا البيت جميل وسيء في آن , وقد يعجب القارئ من هذه الإزدواجية بالحكم , أو هذا التناقض الغريب في إصدار هذا الرأي
ولتوضيح هذه الإشكالية , سأقول مفسرًا هذا الكلام , فهذا البيت جميل لدى القشوريين الذين يسعون لبلوغ الدهشة , وهي مرحلة من الإبداع , لكنها مرحلة متدنية أو مرحلة وضيعة لن ترتقي بذائقة المتلقي في يوم من الأيام , لأنه سيظل أسيرًا لهذه الحالة الشعورية القشورية , ذات الطابع الآني والمتقلب , وليس من العار أن يمر بها أحد , لكن العار أن تبقى تأسره في كل لحظة , بينما النص الجيد هو الذي يتجاوز مرحلة الإدهاش , ويصل بصاحبه إلى نقطة خلخلة الثوابت وتفكيك القناعات النمطية ذات الطابع السياجي المؤطر
فلو عدنا لقراءة هذا البيت من خلال هذا الفهم العميق للشعر , وعملنا على تفكيكه , لاكتشفنا أنه بيت بسيط وعادي , خاصة في قوله " هل من مزيد " , لأن الشاعر تعامل بشكل سطحي مع التناص الديني , ولم يتغلغل بالحالة بشكل أعمق تمنحه القدرة على تجاوز المحظور
نعم , لقد قال بأن جهنم وكف الممدوح مختلفات بكل شيء , وهذا شيء جميل ويستحق عليه الثناء والتقدير , لكن ظل أسيرًا لهذه الجملة " هل من مزيد " , حيث أن " هل من مزيد " الجهنمية جذب للحلف , وتوحي بالبشاعة والخوف , بينما " هل من مزيد " الممدوحية , دفع للأمام , وتشير بالخير والأمان . وكذلك " هل من مزيد " الجهنمية تدل على القسوة والقبح , لأن مجرد التفكير في جهنم يثير الاشمئزاز والنفور , وقد حاول الشاعر الابتعاد عن هذا الفهم عن طريق " اختلفوا بكل شي " , لكن التداعيات الدلالية لجملة " هل من مزيد " جعلت الشاعر يحرص على الدهشة , ويتناسى البقية . مع العلم أن " هل من مزيد " الممدوحية , فيها الخير والسلام والمحبة
أعلم أن الشاعر كان يريد أن يُوافق بين المسارين , وهما المسار الديني في النص القرآني مع المسار السلوكي الإجتماعي الأخلاقي في ذات الممدوح , لكن , وهو الشاعر الكبير , يجب عليه أن لا يظل أسيرًا لحبائل اللغة , وأن ينتبه للبعد الدلالي للمعنى , ولا يكتفي بالنظرة الساذجة البسيطة التي تنطلي على صغار الشعراء سنًّا وتجربة . وحال فهد عافت في هذا البيت كحال ومصداقية روح الشاعر العربي القديم الذي قال للخليفة
أنت كالكلب في حفاظك للودّ , وكالتيس في قراع الخطوبِ
فمقارنة فهد عافت لا تقل قبحًا عن مقارنة الشاعر العربي القديم , حيث أن فهد عافت ربط " هل من مزيد " في كف الممدوح الكريمة بـ " هل من مزيد " في جهنم , في الوقت الذي حاول فيه الشاعر العربي القديم عقد مقارنة بين قوة التيس ووفاء الكلب بشجاعة الخليفة ووفائه وإخلاصه في الحياة والحكم
|
استأذنك باستخدَام الجزْء السّابق من كَلامك كتَوضيحٍ لمَن أرادَ مِثالاً
علَى القراءةِ السّيئةِ للشّعر الجيّد .
شكراً لك .