كل يوم يزورها ويصف لها -حال الكون بعينه بعدها-حتى التقى بها أخيراً.
يصحو الصُّبحُ قُبيلَ الظُّهرِ
والشَّمسُ تغيبُ مِنَ العَصرِ
ونجومُ اللَّيلِ
وراءَ حجابِ اللَّيلِ
توارتْ عَنْ نَظَرِ البَشَرِ
والبدرُ مِنَ المغربِ يغفو
وابتدأ الصَّومَ عَنِ السَّهرِ
وتوقفَ مَجرى النَّهرِ
عَنِ السِّيرِ صباحاً
ليُقبِّلَ خدَّ البَحرِ
والبحرُ رَمى بُردةَ زُرقتِهِ
ويدُ الغيمِ قَدِ امتنعتْ
عَنْ سكبِ المَطَرِ
وتخلَّى اللَّونُ الأخضرُ
عَنْ اشعالِ الغابةِ بالحِبرِ
واعتزلَ الطَّيرُ
مُطالعةَ الآفاقِ
على غُصنِ الشَّجَرِ
واعتكفَ النَّحلُ
مصافحةَ البستانِ
وتقبيلَ الزَّهرِ
والسُّكَّرُ لملمَ نكهتَهُ
مِنْ كلِّ مساماتِ الثَّمَرِ
وانقطعَ الحبلُ السُّريُّ
الواصلُ بالنَّسمةِ والفجرِ
"ضادُ" الرَّوضِ تَحوَّلَ "ثاءً"
"هاءٌ" حلَّ بـ "ميمِ" القمَرِ
لا يجدُ العشاقُ مذاقاً
بتعاطي القُبلةِ بالسِّرِّ
قدْ قصَّ الحقلُ جميعَ خَمائلِهُ
واندسَّ النُّورُ عَنِ البَصَرِ
ورمى الإلهامُ عباءتَهُ
وأبى نثرَ بِذارَ الشِّعرِ
والكونُ أعادَ مِنَ الضَّجرِ
برمجةَ الدَّهرِ إلى الصِّفرِ
...
أينك!! عَنْ عيني غاليتي
فغيابُكِ قدْ ارهقَ صبري
أحتاجك أكثرَ مِنْ روحي
فمتى تأتينَ مِنَ السَّفَرِ
بُعدُكِ لو خمرٌ يشربُهُ
يفتقدُ الوعيَ مِنَ السُّكْرِ
سَنةٌ كاملةٌ
مُظلمةٌ.. مُرهقةٌ.. مُتعبةٌ.. مُوجعةٌ
أتمنَّى أنْ تصبحَ
آخرَ سنةٍ في عُمري
فورائي لا يقوى دفعي
وأمامي يعجزُ عَنْ جَرِّي
...
وأتاني أملٌ أحياني
يهمسُ مِنْ خلفِ البرزخِ سلطاني
سيكونُ الموعدَ في الفجرِ
بعدَ شروقِ الشَّمسِ حبيبي
ستكونُ بحضني يا قمري
وصحا النَّاسُ
على جثَّةِ شابٍ
ملقاةٍ فوقَ القبرِ