منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أفق الأحلام القسرية
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2013, 11:24 PM   #1
صالح أحمد
( شاعر )

الصورة الرمزية صالح أحمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 12

صالح أحمد غير متواجد حاليا

افتراضي أفق الأحلام القسرية


أفق الأحلام القسريّة


كَهَمسِ قلبي لكم..
كذا يُرسِلُ الموجُ أغنياتِهِ لرمالِ الشّطوط!
لهفةٌ من عُمقِ إنساني المشدودِ إلى عناصر الزّمن...
لم تكن فكرةً موغِلَةً في المُبهَم.
كلُّ المسافاتِ تغدو أبوابًا لمن ضلَّ الطّريق.
كلُّ الوَشوَشاتِ تبدو حكاياتٍ لمن عَشِقَ السُّدى...
أو سكَنهُ الهوى بُرهةً من تَعالٍ آدَمي الجنون.
غُرابِيّون أنتم يا نسلَ الضّباب..
يُجَرجِرُكُم الصّدى إلى مساحاتٍ من خَوائكم..
حيثُ الزّمانُ والمكانُ هياكلَ غادَرَتها القَشعريرة.
للخَيالات مَزايا..
لا تملكونَ سوى الانصياعِ لألوانِها.
وأنتم تَقتَرِبون من حافَّةِ الاقتِناع؛
بأنَّ الحلمَ العَميقَ العميق...
اقترابٌ أكيدٌ لزَحفِ الزّوال.
لا تملِكُ الخَيبَةُ سوى أن تَرتاعَ مِن صَوتِها،
ومِنَ البَقاءِ حينَ يتقزّمُ أمنِيَةً!
ألا تغرُبُ الشّمسُ إذا أنكَرْنا الآخَرَ فينا؟
ألا يطلُعُ النّهارُ إذا جَهِلنا مَنِ القاتلُ والمقتولُ فينا؟
في صَحوَةٍ ما...
صوَّرَتْنا سَكْرةُ الميعادِ مَكانًا؛
عَلّنا نُدرِكُ أنّنا عِشنا يقينًا..
هل أصبَحَ العقلُ أن نَهوى الجُنونا؟!
قالت موجَةٌ لطائِرٍ تَجاوَزَتهُ...
وعاشَ يَظُنُّ أنها عائِدَة!
أكبَرُ من البَحرِ رأيتُ الرّحمَ وهو يُهدي ثِمارَهُ للحياة.
وطني يَضيقُ بأحرفي العاصِفَة...
فأينَ سيعثُرُ الغاضِبونَ على جُثَّتي؟
خارِجَ وَعيِنا يَصرُخُ المَجهول:
كنتُ سأحبُّكم...
لولا أنّ هياكِلي خاوِيَة!
دائِما كانَ أطفالُ الحلمِ يلبسونَ قاماتِنا!
ودائِما كانوا روحَ أحلامِنا!
هذا ما كَتَبتهُ الشّمسُ حينَ صارَت عينُها كَهفي،
وزادَ احتياجي لصوتٍ يعيدُ إليَّ النّهار.
يترسَّبُ الوقتُ في دَمي..
يتقزَّمُ هذا المارِدُ فيَّ؛
ظِلالَ اكتئابٍ، ودنيا غُروب.
لماذا كلّما ارتَوَيتُ اغتِرابًا؛
تُدَندِنُ روحي نغمَةً أندلُسِيَّة؛
وينأى الغفاريُّ، ينأى...
تنأى الرّياحُ والأرواحُ، تنأى؟!!....
تنامُ الطفولَةُ نومَها الوَجَعِيّ؛
حينَ تَنساها الشّمسُ في كهفِ الصّيرورَة،
وتسكُنُها الروحُ كثيفَةُ الأحزان،
يصبِحُ اللّيلُ صديقًا لكلِّ أشلائِنا القائِمة.
تتفلَّتُ الأشباحُ من هَمسِ الفُحولَة.
أبحَثُ عن شيءٍ يُشبِهُني...
في الوهمِ المفتوحِ على لا شيء.
ينكَمِشُ المَشهَدُ ... يتقزَّم!
تلفَحُني ألوانُ شُعوري؛
والنّفسُ تُمارِسُ غُربَتَها في أشلائي،
والروحُ تُمارِسُ طقسَ الوحدَةِ في أفقِ الحلم القسري..
يستلهِمُنا الضّجَرُ الغارِقُ بمَخاوِفِنا.
كغيمَةٍ تائِهَةٍ تتسَلّلُ السّكرةُ إلى أرواحنا،
تحتَلُّنا...
تَصيرُنا!
تتوالَدُ احلامٌ فينا لا تُشبِهُنا...
والرّعشَةُ تَطرُدُها لخريفٍ يجتاحُ رؤانا؛
من دونِ عناء!

موكِبُ النُّعوشِ المَفتوحَةِ على المُستَقبَل

في زحام الأغاني،
وكثرةِ الحاجات التّائهة تحت جنح اللّيل..
حيثُ تستبدُّ ذكرى الباحثينَ عن عَرشٍ في عالم النّائِمين.
والرّصيفُ يسترق السّمعَ لأنين المنبعثين من كهف القهر؛
برطوبتهم العَطِنَةِ،
يتوسَّلونَ الوميضَ الأسودَ في ليل المتحلّقينَ حولَ مائدة الرّيح،
يميلونَ حيثُ تَميلُ.
يزولونَ حينَ تَزولُ.
لا تَنبَعِثُ تراتيلُهم إلا في قَلبِ الدّخان...
وحيثُ يَموتُ الصّوت، وينطَلِقُ الفَحيح،
يُنكِرُ الغاضِبُ لُغَتَهُ في التّيه...
تصبِحُ قبضَةٌ من ريحٍ عابِرَةٍ؛
مُتّكأً لأوجاعه..
وأفقًا لأوهامه.
ليتَ مَلمَسَ الرّيحِ يكونُ ناعِمًا؛
كلما خَرَجَ الآوونَ إلى أقبِيَةِ الخوف..
ليتيهوا في الأزقة الموحشة..
يَلوكونَ عَناصِرَ الفَراغ.
ومشكاةُ زَمانِهِم يَذبُلُ زَيتُها.
يتوسّلونَ أن تُدني لهم العتمَةُ أدراجَ عَطفِها.
ليتَمَكَّنوا من الاعترافِ لكَيانِهم البائِس؛
أنَّ الشَّعرةَ لم تَعُد تحتَمِلُ الشّدّ.
والذينَ تاهوا بينَ أمهاتِ كتُبٍ لم يَقرأوها
لم يجدوا تاريخًا يُشبِهُهُم
تركوهُ.. تجاوَزَهُم...
وتاهوا يتناسَلون في ظلّ دوّامةِ قُرونِه
تحسُّبًا من الحروبِ البارِدَة..
والرَبيعُ المُتثائِبُ بعيدًا عن ثَغَراتِ خُطَطِهِم..
ويمضون إلى أقاصي الحلم..
يستَلهمونَ شَوائِبَ العُصور،
مُتَسَلِّحينَ بِضَجيجِ الفَوضى، وأنينِ المَواكب السّاهِمَة..
وفوقَ جُثَثِ الأيامِ المُتساقِطَة
يطلقون النارَ على الظّلام الزّاحف،
وعلى خطوات الغصون النّاحلة!
تقهقه مراثيهم جنونًا..
وهم يسيرون بموكِبِ النُّعوشِ المَفتوحَةِ على المُستَقبَل..
وخرائط الظّنِّ لا تَتَّسِعُ لِقَعقَعَةِ أحلامِهِمْ؛
وهم يتسلقون عناصِرَ الزّمَنِ المُتسارِعِ نحوَ هاوِيَتِه؛
في مُستَنقَعِ الشّهَواتِ الآسِنَة.
فدائما كان للمكانِ حُضورُهُ المُتَمَيِّز
حين تَدلُقُ الأزِقَّةُ أمعاءَها،
والغايات المُتَعالِيَةُ تَنزِفُ أعذارَها..
فتغدو الحياةُ باتِّساعِ ذِراعَينِ مِن وَجَع..
ويَلوذُ صوتُ الخِطابِ الأخيرِ بآخرِ جُحرٍ تَمنَحُهُ العَتمَة.
والأمّةُ المُسَربَلَةُ بالسّواد،
تَضِلُّ طَريقَها نحوَ السِّلْم،
تَتَخبَّطُ في تيهٍ من ألسِنَةٍ فَقَدَت لَونَها..
ووجوهٍ تماهَت بُقَعًا داكِنَةً..
وثقوب.
دائما كان للمكانِ حُضورُهُ المُتَمَيِّز
وسطَ زحفِ الذّاكرَةِ في مَتاهَةِ الأجيال،
وحيث يتقَزَّمُ المَكانُ والحلمُ حَقيبَةً...
ويصرُخُ الفَراغْ..
ونظراتٌ تسكنُها الفاجِعَة:
من أينَ ياتي كُلُّ هذا الموت؟
وكان العالمُ ينسَلُّ بعيدًا...
وجدُرٌ كثيرَةٌ تتهدَّم...
يَنفَلِتُ من صورَتِها الأبَد...
وينكَشِفُ المدى صوتًا جائِعًا..
أفاق ليجِدَ نَفسَهُ وسطَ بِركَةٍ من ألوان...
وعَيناهُ امتلأتا خوفًا وجوعًا وريحا..
للماءِ مَحضُ خريرٍ بَعيد..
والطّريقُ لم يَعُد يَبَسا...
المكانُ يَستَعيدُ –كَدائِمًا- حُضورَهُ المُتَمَيِّز..
عَناوينُنا الذّابِلَةُ تَقودُنا إلى أنفاقِ الوَقت..
وحيث لا خَطَّ يَفصِلُنا عَن ذاكِرَةٍ مَذبوحَةٍ عندَ حافَّةِ الانحِدار،
تَتَشَدَّقُ برائِحَةِ الأساطيرِ الطّاعِنَةِ بمَلامِحِ الشَّهوَة.
القلوبُ النّاهِضَةُ من أقبِيَةِ الجوع...
عاشَت تَنتَظِرُ بَريقَ اللَّذَّة...
يومِضُ في الصّوتِ الصّاعِدِ من قَعرِ العَتمَةِ اللَّزِجَة
حيثُ لا تُدرِكُ الوُجوهُ بَعضَها..
ويتوهُ التّاريخُ عن جَوهَرِ عَناصِرِه.
ففي القَعرِ دائِمًا مُتَّسَعٌ للمَزايا المُتساقِطَة؛
حين يُعلِنُ المَكانُ حُضورَهُ المُتَمَيِّزَ مِن رَعْشَة الصّحوَة.

 

صالح أحمد غير متصل   رد مع اقتباس