منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - جماعة الجمجمة (السندباد الفقري)
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2018, 10:15 AM   #7
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(2)

جمجمة من ذهب


قمنا بفرد الأشرعة كلها وشرع البحارة يجدفون كالمجانين..
وجريت مع الشهاب وحميد نحاول إخماد النار التي نشبت أسفل الصاري.. هنا فوجئنا بجسد
سبع البحار الضخم يهوي نازلاً من أعلى الصاري على الحريق فيخمده من فوره..
وقفنا نتأمله غير مصدقين فاعتدل في حرج قائلاً :
- عفواً يا سيدي لم أكن أقصد ..
قلت له في غيظ وانا ألهث:
- لاعليك يا سبع البحار يمكننا إشعال واحدة أخرى !!
قذيفة ثانية تمرق من جوارنا لكنها تخطئ الهدف وتغوص في
قلب المحيط ...
- أسرع.. أسرع.. يا حمقى..
رشيد يحمل تنتن وتنتون إلى قاع السفينة ويغلق الكوة من وراءه بإحكام قبل أن تهوى
القذيفة الثالثة فوق الكوة وتتناثر الشظايا في كل مكان ..
والتفت ناحية البحر ..
كانت سفينة الأوغاد تتحرك في بطء مستفز ..
هل يتصورون أنهم سيصلون إلينا بهذه السلحفاة القبيحة؟
ومرة رابعة تشق الهواء قذيفة أنفاط.. وترتج الخاتون ويفقد البعض توازنه..
صاح الشهاب :
- لن يصلو إلينا يا سندباد فقط هم يعتمدون على تعطيلنا بالقذائف النارية ..
العرق ينسال على السواعد المفتولة التي تجدف ..
لهاث البحارة المنهكين ينافس هدير الموج وهم يجدفون بكل ما أوتوا من قوة..
وبدا الأمر وكأننا سنظل نجدف حتى تقوم الساعة.. واخيراً غابت سفينة الجماجم
في الأفق وعاد سبع البحار يرتقى الصاري وليعلن لنا في حبور أنهم ذهبوا إلى غير رجعة..
- هورررااااه ....
- هوررررااااه .....
تعانق البحارة غير مصدقين وجاء الشهاب متهللاً ليمسك عاتقى في قوة ويرجه :
- فعلناها يا سندباد لقد نجت الخاتون ...
ظللت جامداً لبرهة.. هل استسلم القراصنة بهذه البساطة؟..
نعم عامل السرعة يجعل لحاقهم بالخاتون الرشيقة ضرب من المستحيلات لكن ...
هناك شيء ما غير مريح في كل ذلك ...
ألستم معي في ذلك .؟..
هنا شعرت بمن يجذب كمي فالتفت لأجد حميد يحمل شيئاً ما قد لفه في خرقة قماش، والدخان
يتصاعد منه، وأمام عيناي المذهولتان كشف جزء من الخرقة ليريني إياه :
ـ سندباد هذا ما تخلف من أنفاط القراصنة ..
وكان ما وجده مذهلاً بحق ...

***

كان البحارة المفتونين قد تركوا كل ما في أيديهم والتفوا
من حولنا يتأملون تلك العجيبة التي جاء بها حميد في
خرقة وتوالت العبارات المبهورة ...
- جمجمة ذهبية ..
- إنها من الذهب الخالص ...
- مستحيل ..كيف سبكت تلك التحفة ؟..
ـ دعونا نركز أكثر لنتأكد ..
كان هذا يكفيني فقمت بزجر البحارة فتناثروا من حولنا مثل
الذباب الذي قمت بهشهشته من فوق قطعة حلوى ..
نظر لي حميد وقال في عدم فهم :
- هل لديك تفسيراً لهذا الذي وجدنا؟
قلت له وانا لم استوعب الصدمة بعد :
- هذه الجمجمة ثروة تكفينا لنتقاعد من عمل البحر ..
- بل هذه كارثة حاقت بنا ...
التفتنا أنا وحميد إلى صاحب الكلمة ورأينا الخطورة على وجه الريس شهاب وعينه لا تفارق
الجمجمة الذهبية التي نحملها وابتلع ريقه الذي أساله مشهد الجمجمة المصنوعة من
الذهب الخالص ثم استطرد :
ـ هذه الجمجمة لعنة ألقاها القراصنة فوق رؤسنا لن نجني من ورائها إلا الشقاء ..
أه ..
هذا ما كان ينقصنا، خرافات العجائز هذه ..
قلت له في ملل :
- شهاب لن نعود لهذا الحديث ثانية ..
أشار الشهاب للجمجمة وقال بلهجة تحذيرية :
- هل تظن أن القراصنة يقذفون السفن بالذهب الخالص كنوع من باب التودد..
القراصنة يسلبون الذهب ولا يعطونه ...
كان كلامه منطقياً من هذا الوجه، فعلاً ما السر وراء إلقائهم بتلك التحفة فوق رؤوسنا؟
لكن الكلام عن لعنة ما أومحاولة شيطنة الأمور مباشرة هذا هو ما لا أقبله ..
بداية لنحاول إيجاد تفسير منطقي لما حدث ..
- تخلص منها يا سندباد قبل فوات الأوان..
انتزعتني كلمات الشهاب من بركة الأفكار التي غصت فيها
وشعرت فجاة بالحنق يعصف بأعصابي.. اتخلص من ماذا
أيها المأفون ؟..!
صحت به في ثورة :
- هل جننت أيها العجوز أم أنها الشيخوخة ؟
اتسعت عينا الشهاب غير مصدق للطريقة التي كلمته بها ..
وفتح فمه مذهولاً ليقول شيئاً لكن قذائف الانفاط التي كانت تخرج من فمي
لم تعطه الفرصة ليقول شيئاً ..
- من أنت حتى تعطيني الأوامر ؟ الخاتون لها ربان واحد
وهو صاحب القرار الأول والأخير وكلكم له تبع ..
وتناولت الجمجمة من حميد الذي لم يكن أقل ذهولاً من الشهاب بسبب ردة فعلي ..
كانت ماتزال ساخنة من أثر الأنفاط رغم الخرقة التي لفها حولها وضممتها إلى صدري
كأنني أحميهامن عيون الناظرين وسرت متجها ناحية القمرة، كنت بحاجة لبعض الراحة والتأمل..
تأمل الجمجمة الذهبية العجيبة ...

***

فيما بعد عرفت هذا الذي جري ...
في تؤدة يقترب حميد من الشهاب الذي أعطى ظهره للجميع
بعد انصرافي العاصف من أمامهم وفي بطء رفع كفه وربت
على عاتق الشهاب الضامر ومن داخله كان يضطرم غيظاً وحنقاً بسبب الكلام
النابي الذي تفوهت به ..
- لاتحزن أيها الشهاب أعصاب السندباد لم تعد كما كانت
أنت أستاذه وهو يحبك لأنك تذكره بوالده و...
كان حميد يجاهد كي يجد كلمات مناسبة تخفف عن العجوز
لكن في الواقع كان العجوز مشغولاً بشيء أخر لم يتوقعه حميد.
قال الشهاب وعينه الذابلة ترنوا جهة الأفق :
- هل تظن أنني تأثرت حقاً بما قاله السندباد ؟
قال حميد في دهشة :
ـ أي حيوان كان سيتأثر بمثل هذا الكلام وتلك اللهجة أيها الشهاب.
لاح شبح ابتسامة باهتة على شفتي الشهاب المتشققتين وهو يقول :
- كان يمكنني أن أموت كمداً لو كان السندباد يتصرف بطبيعته يا حميد ..
والتفت إليه في حدة وأردف هامساً :
- ألم تفهم بعد يا بني السندباد وقع تحت تأثير استحواذ شيطاني فتلك الجمجمة
التي قذفتنا بها القراصنة جمجمة شيطانية ..

***

لكن مالدليل على كلامك أيها الشهاب ؟..
الدليل سهل وبسيط علينا أن ننتظر ونراقب السندباد في حركاته وسكناته عندها نتأكد
أن تلك الجمجمة التي ألقيت إليه لم تلقى إليه مكافأة على هروبه من قبضة القراصنة ..
عقد حميد ساعديه أمام صدره مغمغماً :
- هذا ليس صعباً أيها الشهاب ..
حاول الشهاب أن يزدرد لعابه وهو يتمتم :
- فليكن الله في عوننا لو كنت مصيباً فهذا يعني أن ربان الخاتون وموجهها سيكون
تحت سيطرة قوى شيطانية.
تجهم وجه حميد وأشاح بوجهه قائلاً :
- لا تنعق مثل الغراب أيها العجوز ودع المستقبل يكشف لنا ماوراء الأكمة ..

***

ما أجملها من جمجمة ...
وضعتها بحرص على منضدة صغيرة تجاور فراشي وجلست
أتأملها مليا ...
لولا أنني متأكد أنها من الذهب الخالص لشككت في كونها جمجمة حقيقية.. الحقيقة أنني
صرت متيماً بها.. هل رأيتم شخصاً متيماً بجمجمة ؟ هذا هو ماكنته ولم يكن السر
في كونها من ذهب ..
لقد خطف الذهب بصري في البداية وسال له لعابي ..
لكن الأن الأمر يختلف، الأمر يعجز لساني عن وصفه مثل البرق الذي يسطع لك
فجاة ليضيئ كل شيء في لحظة ثم يختفي فيسود الظلام وتبقى وحدك في مستنقع
الحيرة والظلام تنتظر وتنتظر كي ينتشلك وميض أخر..
رباه كم تداري تلك العينان الغائرتان من أسرار ..
وشعرت بالفضول وشيء من الهياج العاطفي ناحية ذلك المجهول الذي يقبع في
سفينة القراصنة ..
ونهضت في حزم وقد عزمت أمري نحو هدف محدد ..
قمت بدس الجمجمة في صندوق خشبي داخل كوة سحرية
مجاورة لفراشي ثم توجهت ناحية باب القمرة وجذبت المقبض.. لكن حينما فتحت
الباب فوجئت بجسد ضئيل يتكوم عند قدمي وهو يئن ..
- الشهاب ماذا كنت تصنع ؟
- كـ... كـ...كــ...كـ...
عقدت ساعدي أمام صدري وقلت في صرامة :
- هل تحولت لدجاجة أيها الشهاب؟ تكلم ماذا كنت تصنع عند بابي؟..
اعتدل الشهاب وهو يتحسس ظهره في ألم ثم تنهد قائلاً :
ـ كنت أطمئن عليك، فأنت لا تبدو في حالة جيدة منذ نجونا من قراصنة الجمجمة ..
اقتربت بوجهي من وجه العجوز المتغضن وقلت من بين أسناني :
- أنت لا شأن لك بي البته..
وتركته خلفي وتوجهت في خطوات سريعة لسطح الخاتون.
لقد كاد ذلك العجوز أن ينسيني ما عزمت عليه و..
وحينما صرت وسط بحارتي الأفذاذ وضعت قبضتي في خاصرتي وصحت فيهم بحبور :
- هيا يارجال سنعود أدراجنا للوراء حيث تركنا القراصنة ..
اتسعت عيون البحارة وفغرت أفواههم في بلاهة لكنني كنت لا أبالي بتلك المشاعر التافهة...
وصاح حميد في جزع :
- سندباد هل جننـ .؟..
قاطعته في صرامة قبل أن يتمها:
- بلى يا حميد سنقوم بمطاردة القراصنة هذه المرة ولا تنس من الربان ههنا .

***

يتبع...

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس