أما ذلك الجبل غريب الأطوار , وطريقه الذي يخلع قلبي كلما حاولت ارتقاءه ,
أطل من حافته البعيدة بخوفٍ جديد على مشاعري ,حيث أكون قريبةً من الأفق , بعيدة عن تربتي التي أراها مدينةً للملائكة والهدنة..
بفرقٍ زمني يساوي ساعة واحدة تنقلب معطيات الطقس ومعطيات مزاجي ,
فأشعر برغبةٍ عارمةٍ في إخراج رأسي من النافذة العلوية للسيارة ,في محاولة لاختزان أكبر كمية من البرد لمواجهة السموم في مكة .
لكنها المدينة التي لا تترك مجالاً لرأس امرأة كي يرتفع . هناك دائماً مطرقةٌ جاهزة للرؤوس المكشوفة , هنالك دائماً سقف غير ثابت يسقط على رأس ناشزة تختار لنفسها أدب الطريق..
لذا , فأنا لا أعرف عن أغلب نسائها أكثر من عيونهن المختبئة خلف نقاب يضيق بشكل دائرةٍ صغيرة في قمة الحرص ,
أو يتهدل على الأوجان في محاولةٍ فاشلة للتسلل باتجاه الحرية ..
و مامن غرابة إن رأيتهن في البراري محصوراتٍ بمجموعةٍ من السيارات رغم خلو المكان إلا من الصدى ,
مامن غرابة إن صادفت إحداهن تُسكت جوعها من تحت الغطاء وعيني زوجها تقيس المكان حتى لايسترق النظر إليها رجل مر في ظنونه ,
مامن غرابة إن لمحتَ طفلة تتأرجح وقد أُسدل الحجاب على طفولتها !
هي المدينة المتطرفة في كل شيء , عجزتُ عن فهمها , وعجزتْ عن احتوائي , شاطرتها الليل فنسيتني في الصباح و تنكرت ..
"الطائف" , مدينة الأبواب الحديدية ,
والنوافذ الموصدة من بعد الزجاج بفولاذ ,
المدينة التي تملك في كل شارعٍ عيناً , وفي كل اشارةٍ امرأة تبحث عن الحب عبر الأثير ,
وفي كل مركزٍ تجاري حائطاً كي تصطدم به , فبينك وبين حقيقتها شعره غير مرئية ,
وبينك وبين حقيقة أهلها الذين يشبهون الدوائر في مكرها مسافة شاسعة جداً تكفيك لاختيار الرحيل على البقاء في ديوانها البارد ..