الرطيان في أول لقاء صحفي له بعد الغياب عن الكتابة :
سأعود قريباً إلى (الوطن)
حوار - عبدالرحمن العصيمي
نشر في جريدة الجزيرة وموقع صحف
محمد الرطيان، الشاعر و الكاتب و المثقف ترك بصمة واضحة و نكهة خاصة في كتاباته النثرية و الشعرية التي تمس شغاف القلوب، يؤكد الرطيان بأن أقل الناس شهرة هم الكتاب والمثقفون بالرغم من كل المتاعب التي يتعرضون لها، و يرى أن الحراك الثقافي و النتاج الأدبي الغزير حالة صحية جاءت في عصر ملك القلوب عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- و يؤكد بأن السلطة السياسية أخف من السلطتين الدينية و الاجتماعية في المجتمع السعودي .
تحدث الرطيان عن دور المثقف والكاتب في تشكيل الوعي وملامسة الأحداث ، وكشف لـ"صحف" عن سبب الغياب المفاجئ لمهنته المفضلة (الكتابة)، فإلى تفاصيل الحوار:
- في البداية دعنا أستاذ محمد نبدأ من مسيرتك الجيدة في الكتابة الصحفية ، ودعني أسألك عن مدى استيعاب القاريء السعودي لدور الكاتب و المثقف ومدى تأثيره على الأحداث من حوله ؟ هل المواطن السعودي أصبح مقتنعاً بدور الصحافة والسلطة الرابعة ؟
* بالتأكيد هناك ثقة من القاريء بالكاتب السعودي ولمست هذا من خلال ما يصلني من شكاوي وغيره وأيمانهم بأن مشاكلهم عندما تعرض في الصحافة تتغير ويتم حلها ، ومؤخراً ارتفع مؤشر الحرية في الطرح بالمملكة مما ولد جو صحي جعل القاريء يشعر بدور الصحافة ودور الكاتب والمثقف على وجه الخصوص .
- برأيك ، ماهي المسافة التي من المفترض أن تكون بين المثقف والسلطة ؟
* برأيي ليس هناك سلطة واحدة بل عدة سلطات، وان كنت تقصد في سؤالك السلطة السياسية فأنا أعتقد بأنها أخف السلطات وأقلها رعبا لي ككاتب ، لأنه هناك سلطة اجتماعية ودينية لكن على أي كاتب أن يكتب ( بأصابع حرة ) لا يقف عليها أي رقيب لحظة الكتابة .
- هل سبق وأن تعرضت لإيقافات من أي سلطة من هذه السلطات التي تحدثت عنها ؟
* طالما أن الكاتب سيدخل هذا المعترك - معترك الكتابة - وطالما أنه سيحاول أن يقول ما لا يقال رغم محاولات الكاتب نفسه أن يقول ما يريد بطريقة لطيفة وفيها من المراوغة والذكاء الشيء الكثير إلا أن هناك عيون دائماً (تترصد) بغض النظر عن انتماءات هذه الأعين ، فالكتابة لها ضريبتها دائماً .
- وما هي ضريبة الكتابة من وجهة نظرك ؟
* كثيرة هي ضرائب الكتابة ،فأحياناً يتم إساءة فهمي ككاتب ، وأحيانا ً يكون للنص الذي تكتبه قراءات متعددة ويتم تفسيرها على أهواء معينة .
كذلك من ضرائب الكتابة أن الكاتب لا يعيش حياة بسيطة كما كان قبل امتهان هذه المهنة ، وقد تكون من أنواع الشهرة لكنها بطبيعة الحال لا تقارن بشهرة لاعب الكرة أو المغني ، ففي العالم العربي أقل الناس شهرة هم الكتاب والمثقفون بالرغم من كل الأشياء التي يتعرضون لها . بل قد يكون أي مذيع يقدم نشرة الطقس على التلفزيون أكثر شهرة من أي مثقف ومفكر عربي !! لكن مسألة الشهرة تبقى نسبية للكاتب ، ويكفي من الشهرة - ان حصلت- محبة الناس لك وحرصهم على قراءتك ، ولكن لكل هذه تأثيرات وآثار لأن الكاتب سيصبح تحت الضوء وستتم مراقبة أدق حركاته ، حتى ضحكته ستحسب عليه فرضا ً لأنها لم تكن رسمية أو متواضعة !! ولأعطيك دليل أوضح على كلامي هذا ، قبل أيام كنت أتصفح أحد المنتديات فتفاجأت بأن هناك موضوع كامل يتحدث عن سبب شربي لمشروب غازي في معرض الكتاب! وللأسف أزعجتني بعض التعليقات .
- كيف يقيّم الكاتب محمد الرطيان وضع المجتمع السعودي في الفترة الحالية من ناحية الحريات العامة والانفتاح ؟
* نحن نعيش في زمن ملك القلوب عبدالله بن عبدالعزيز ، ما حدث رائع وما نتمنى أن يحدث سيكون أكثر روعة ، وندعو الله أن يطيل في عمر ملك الإنسانية عبدالله .
الواقع الشعري والأدبي والثقافي في المملكة يعيش حالة زخم وإنتاج يتسارع في النمو ، والبعض يتذمر من هذا الكم الخالي من الكيف - من وجهة نظرهم - وأنه السبب في رداءة نوعية الكتابة الأدبية ، ما رأي الرطيان في هذا ؟
* بالعكس ، كثرة الكتاب والشعراء هي حالية صحية جداً وكل الأشياء الرديئة الزمن كفيل بإسقاطها والشيء الجيد سيبقى وسيقاوم الزمن .
والذين قالوا بأن كثرة الكتاب والشعراء سبب رداءة هم أحرار بأرائهم لكن أنا شخصياً اتمنى أن الجميع يسحب ورقة ويأخذ قلم و يمارس الكتابة ، لأن الكتابة أحياناً تكون (علاج) للأمراض النفسية والضغوطات، والذي لا يستطيع أن يتكلم بحريته أمام الملأ يستطيع أن يقول ما يريد بقلمه بدلاً من أن يكبت أفكاره ومشاعره في داخله حتى لو كانت كتابته سيئة ، فهي ستكون علاج له وأنا كقاريء لن يضرني شيء. والنتاج الجيد في الأدب والثقافة نادر في كل دول العالم ولن يلغيه أية زخم أو نوع رديء من الكتابة .
- كما تعلم أستاذ محمد بأن جنادرية 25 بلغ عدد ضيوفه 400 أديب ومفكر ، ما شعورك وأنت مثقف سعودي وكل هؤلاء في ضيافة وطنك ؟
* الثقافة ليست بهذا العدد الهائل، بل الثقافة بقيمة ما يقدمه المثقف .
وبالطبع أنا سعيد جدا بهذا الجو الثقافي الجميل ، وهي فرصة جيدة لنلتقي بكتاب ومثقفين عرب هم أساساً أصدقاء لنا وأساتذة نتعلم منهم الكثير ، فالجنادرية هو ملتقى ثقافي رائع يتكرر كل عام .
- الكاتب محمد الرطيان له قرابة الشهر متوقف عن الكتابة الصحفية بصحيفته (الوطن) ، فما هو السبب ؟
* طبيعي جداً أن يحدث خلاف بين أي كاتب وبين المؤسسة الصحفية التي يكتب بها ، ولا بد أن يحدث أحيانا ً سوء فهم واختلاف في وجهات النظر ، والذي بيني وبين الوطن ومؤسسة عسير للصحافة هو شيء كبير وعظيم و(عشرة عمر) مليئة بالحب والتقدير ، يجعلني أحترم هذه المؤسسة وانحاز إليها بالرغم من كل شيء ، لكن الذي أنا متأكد منه حالياً أني سأعود إلى وطني (الوطن) قريباً .