منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - فايق عبدالجليل ـــ يعودْ ولَكِنْ !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-23-2006, 11:06 PM   #59
حنان محمد

كاتبة وإعلامية

مؤسس

افتراضي


أرض الكويت احتضنت رفات عاشق ترابها
الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل بقي صامدا وقدم «شيلات» غنائية أزعجت الطغاة
كتب يحيى عبدالرحيم:

احتضن تراب الكويت صباح امس الثلاثاء رفات عاشق ترابها الشاعر الشهيد فائق عبدالجليل بعد رحلة طويلة من الغموض اكتنفت اختفاءه منذ سنوات الغزو العراقي الاثم الاسود في اليوم الثالث من شهر يناير للعام 1991 وكان يطيب لنا ان نطلق عليه اسم الشاعر الاسير لرغبتنا واملنا في ان يعود الينا ليزيدنا امتاعا باشعاره ورؤاه الفذة في وصف الواقع واستشراف المستقبل في هذا اليوم آن للكويت ان تفرح باعلان شاعرها «الفائق» شهيدا وهو فخر لكل الكويتيين ولكل الشعراء ولكل فرد من افراد عائلته.

هوية شهيد

وقد تحدثت «الوطن» مع نجله الاكبر «فارس» لالقاء مزيد من التفاصيل حول الظروف التي رافقت عملية الكشف عن الرفات والتحقق من هوية الشاعر الشهيد فايق محمد علي العياضي او كما هو معروف لنا جميعا «فائق عبدالجليل» وسألناه في البداية عن كيفية تلقيه مع الاسرة لخبر التأكد من رفات الشاعر الشهيد فأجاب:
ـ في البداية اتصلت بي اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى والمفقودين يوم الاحد الماضي واخبروني ان البحث كان جاريا في المختبرات حول احدى العينات المشتبه فيها ان تكون خاصة بوالدي منذ ستة اشهر وتم التأكد من هذه العينة في اليوم العاشر من الشهر الجاري طبقا لتحليل البصمةالوراثية (D.N.A) الذي يعتمد على عينة من رفات الشهيد وعينة اخرى اخذت من جدتي لابي والاخت الوسطى والصغرى، اما انا فقد كنت مسافرا خارج البلد في وقت اخذ العينات.

ولكن كيف تحققت من الرفات؟
ـ ذهبت لكي ارى الرفات بنفسي حتى اتحقق من الامر، وبالفعل وجدت مع الرفات «دشداشة» الوالد وعليها «البادج» الخاص بالخياط الخاص بوالدي ووجدت اسمه مكتوبا بوضوح «النسر الفضي» لدرجة انني كلما ذهبت الى هذا الخياط فانه يسألني عن الوالد وكذلك كنت اعرف ان والدي لديه ضرس محشو بالبلاتين في فكه العلوي وعندما نظرت الى فك الاسنان وجدت «الحشو» موجودا وكانت طريقة استشهاد الوالد هي الرمي بالرصاص في رأسه ووجدت مع الرفاة «شريطة سوداء» وهي التي تم ربطها على جمجمة الشهيد اثناء عملية القتل ، وكل هذه وجدتها علامات واضحة فسلمت امري الى الله عز وجل، خاصة وان والدي مات شهيدا وكان صاحب مبدأ في حياته، كان دائما يقول ان الكويت اعطتنا الكثير ونحن لم نعطها سوى القليل وقد ترجم كل حبه للكويت في استشهاده وبالفعل فقد تعلمت منه هذا الدرس الكبير في الوطنية وحب الوطن كان قادرا على الحضور رغم غيابه وقادرا على ان يترجم اشعاره الى واقع ولذلك فاستشهاده شرف لي ولاسرتي وانا اعتز ان يكون والدي شهيدا لبلدنا الكويت وان يبقى رمزا للكويت، فهو من كتب قصيدة وطنية بعنوان «الموت في حبك جميل» عام 1988 وهي عبارة عن جدارية في حب الوطن وبالنظر في كلمتها نجد ان الوالد لم يبالغ في احساسه حيث طبق ما قاله في اشعاره واختار الاستشهاد والموت في سبيل الوطن عند ما ظل صامدا في البلد اثناء الغزو ورفض الخروج مع من خرجوا لدرجة انه عندما اوصل والدتي الى الحدود وعدها بان يلحق بها ولكن بعد ان سافرت كتب لها رسالة اعتذار بانه لن يستطيع ان يفي بوعده هذه المرة كما ان والدتي كانت تشعر في نفسها انه يكذب عليها وعلى نفسه في هذا الوعد الذي قطعه على نفسه فكانت تقول ان عيونه كانت تشي بالتشبث في ارض الكويت وبالفعل بقي والدي في الديرة.


تهمة وطنية

¼ متى بالضبط تم القاء القبض على الشاعر الشهيد فائق عبدالجليل؟
ـ حدث ذلك في اليوم الثالث من شهر يناير للعام 1991 عندما القي القبض عليه من قبل قوات الاحتلال الغاشم والوصول به الى داخل العراق.
¼ هل كان هناك سبب للقبض عليه؟
ـ %100 كانت التهمة المنسوبة اليه انه كان يحفز الشعب الكويتي ضد القوات العراقية ورئيسها المخلوع حاليا صدام، حيث ان الوالد كان مؤسسا لخلية مقاومة عن طريق الاغنية الوطنية وتم تقديم مجموعة كبيرة من «الشيلات» بهدف رفع الروح المعنوية للصامدين وتحفيزهم اكثر على المقاومة وانتشرت هذه الاغنيات عن طريق اشرطة كاسيت بدرجة كبيرة ولذلك فهذه الخلية والمقاومة هي السبب الرئيسي في القاء القبض على والدي حيث تم القبض عليه بعد «اخبارية» عنه وصلت الى الجنود العراقيين وكان معه في هذه الخلية الملحن عبدالله الراشد وسليمان الفهد ويعقوب الرشيد وكانت اجتماعات هذه الخلية تتم في منزل والدي.
¼ ماذا كان مضمون هذه الاغاني؟
ـ كان لسان حال معاناة الشعب الكويتي خلال فترة الازمة حيث نقص المواد التموينية وازمة البنزين لانه لم يكن مسموحا للكويتيين بتعبئة البنزين الا بعد ان يغيروا ارقام لوحات سيارتهم من الكويتية الى العراقية، ولذلك فقد كانت هذه الاغاني تبث روح الوطنية في الشارع وتحثهم على الثبات على ارقامهم الكويتية ومواجهة كافة الضغوط التي كان يمارسها المحتل ومن هذه الاغاني ما يقول مطلعها:

نبقى نبقى كويتيين
نموت نعيش كويتيين
لا أرقام ولا بنزين
تهز الناس الوطنيين

¼ وكتب اغنية اخرى يقول مطلعها:

حي اللي قاوم بالصمود وبالسلاح
حي اللي ضمت كل جرح من الجراح
حي الخليج.. حي العقل وأهل العقل
حي العرب اللي اثبتوا قول وفعل
حي التراب اللي رفض كل احتلال
حي الشباب اللي انتفض باسم النضال
حي الطفل اللي لفظ كلمة وقال
حي الصمود حي الكويت حي الرجال

¼ أين وجدوا رفات الوالد؟
ـ في منطقة تسمى «بحيرة الرزازة» والتي تقع على اطراف مدينة كربلاء في العراق وتبعد عن الشارع العام بنحو 12 كيلومترا وهي منطقة تقع وسط الصحراء رغم اسمها «بحيرة الرزازة» الا انها موجودة في الصحراء وتم العثور فيها على مقبرة تضم «33 شخصا» منهم ثلاثة كويتيين احدهم والدي الشهيد.
¼ هل كانت لك جهود من قبل من اجل الوصول الى حقيقة حياة او استشهاد الوالد؟
ـ نعم.. بعد سقوط بغداد حاولت بشتى الطرق معرفة مصير والدي وبالفعل دخلت الى العراق بصحبة العقيد فيصل الجزاف وكانت معنا المخابرات الامريكية وكنت وقتها على استعداد ان اصافح الشيطان من اجل معرفة مصير والدي ولكن لم اتوصل وقتها الى شيء واستمرت الرؤية ضبابية امامنا طيلة الـ 16 عاما الماضية، حتى انزاح الضباب اخيرا وأشرقت الشمس على بيتنا من جديد باعلان «الشهادة» للوالد وهذا فخر لنا، وخاصة انه استطاع ترك بصمة له في عالم الادب والشعر رغم انه توفي وعمره «40 عاما» وهي المرحلة التي تعرف بانها بداية النضج الفكري، وبالفعل اثبت الوالد ان الشاعر الحقيقي لا يموت وكان من الممكن ان يعطي اكثر لو امهله القدر ولكنه استطاع رغم ذلك ان يقدم انتاجا شعريا سبق به عصره.

من أشعار الشاعر الشهيد

¼ يا وطن غالي.. على الغيمة.. على النسمة.. على النبتة.. على الانسان
يا وطن رافض دموعك من زمان
يا وطن خلني تحت جرحك حنان
يا وطن امنحني مفتاح الأمان
¼ يا كويت
ذكرك حلا
واسمك حلا
اعطش
وأحس ان الحلا طعمه يطيب
وصار النصيب
انك تكونين الحبيبة
لي وأكون أنا الحبيب
¼ احب الارض
كل الحب والاعجاب
احب البلد فرحانه
سما وتراب
احب الارض واللي فوقها يمشون
واللي فوقها يحبون
واللي فوقها يموتون
واللي فوقها يبنون
احب الارض حب جنون
¼ ونحن في النهاية لا نملك الا ان نقول «انا لله وانا اليه راجعون»، وندعو له بالرحمة ويلهم ذويه الصبر والسلوان.. مات عاشق الوطن بجنون، وزارع المحبة ومن طافت كلماته معرشة على اغصان قلب الحب الكبير، لكنه سيظل باقيا بابداعه وبوفائه وبانسانيته الشفافة الرقراقة ولذلك فلا يجب ان نتحدث عن فائق عبدالجليل بصيغة الماضي، لأن ذلك لا يليق بشاعر مثل فائق عبدالجليل.






C.V

فايق محمد علي العياضي

ـ فايق عبدالجليل نسبة لخاله «عبدالجليل» الذي تولى رعايته.
ـ مواليد الكويت 1948/5/.5
ـ له ولد واربع بنات هم: فارس، غادة، رجاء، سارة، نوف.
ـ بدأ حياته رساماً ثم اتجه الى كتابة الشعر.
ـ صدر له ديوان في عام 1967 حمل عنوان «وسمية وسنابل الطفولة» وهو اول عمل شعري يؤرخ الكويت القديمة.
ـ صدر له ديوانان آخر عام 1979 بعنوان «سالفة صمتي».
ـ صدر له ديوان عام 1984 باللغة العربية الفصحى هما «معجم الجراح» و«حب العصافير».
ـ كتب الاغنية وحقق انتشاراً واسعاً وغنى له كبار المطربين.
ـ ترجمت قصائده الى عدد من اللغات ومنها اللغة الفرنسية وتم تدريسها في بعض الجامعات.
ـ كتب كلمات عدد كبير من المسرحيات واهتم بمسرح الطفل بشكل خاص، وله ايضاً عدد من الاوبريتات الغنائية اشهرها «بساط الفقر».
ـ عمل موظفاً في بلدية الكويت.
ـ عضو المسرح الكويتي.
ـ عضو جمعية الفنانين.
ـ عضو مجلس ادارة فرقة المسرح الكويتي في عام 1967 ونائب لرئيس مجلس الادارة من 1977 وحتى 1978 حيث اصبح رئيساً لمجلس الادارة حتى نهاية عام .1983
ـ اسر في 3 يناير 1991 خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت ولا يزال اسيراً في العراق.

 

حنان محمد غير متصل   رد مع اقتباس