بلهجته الطفولية البريئة قال لمراسل العربية "كنا أنا واخوي وابن عمي في بيتنا"طخّوا علينا" وتصوبنا نحن الثلاثة"،كان يتحدث وكأنه يروي قصة قصيرة للتو انتهى من آخر صفحاتها،الأحداث في ذهنه واضحة تماما،الصور تتداعى بشكل طفولي عفوي،وبشجاعة كبيرة.
كانت نتيجة "الطخ "اللإنساني،والمجرم والبشع باتجاه الطفل لؤي أسامه رجب أن اختفت عيناه وحل مكانهما الظلام،حتى صار مشوها بالشكل الذي تخاف ان تنظر إليه،وتخجل كثيرا من نبرات صوته الطفولي الصغير ،تشعر بانكسارك أمام هذه الهامة الشامخة،التي رضيت بما كتب الله لها من نصيب،كان رجلا عظيما لؤي وهو يقول لمراسل العربية وبكل ثقة" شكرا إلكو".
يقول الطبيب الذي استقبل لؤي حين جلب للمستشفى بعد ساعتين من الانتظار،جاءنا لؤي في وضع حرج جدا من خلال حالته تأكدنا من استخدام إسرائيل للأسلحة المحظورة دوليا،حيث وصل الطفل الصغير وقد فقد البصر،وشُوّه وجهه تماما من منطقة العينين بالكامل.
"ويواصل الطبيب: إن إسرائيل تستخدم في حربها ضد غزة مادة خطيرة جدا تسمى "dime" عدا عن القنابل الفسفورية وهذه المادة تعمل على اختراق الشرايين،وتدميرها،وتفتيت وهتك الجهاز المناعي للإنسان ،ففي حالة لؤي بمجرد أن لمسنا منطقة العينين جحطت جفونه واختفت العينان بالشكل الذي جعل الطفل في هذا الوضع الحرج اليوم."
طبعا ما تحمله الصور أبشع كثيرا من هذا الوصف الذي لا أظنني وفقتُ فيه نظرا للحالة التي تتلبسني منذ أن شاهدت جزءا يسيرا من المقابلة مع الرجل الكبير لؤي،إن هذا الطفل يأسرك برباطة جأشه ،لايئن،ولايشكو،ولايتذمر،يحمد الله تعالى بين كل حرف وحرف،لديه قوة عجيبة في مواجهة العجز الكامل الذي تعرض له،ولديه حصانة ضد مشاهد الموت المجاني التي كان يراها تحدث أمام عينيه قبل أن يفقدهما.
لؤي ،ابن التاسعة،يارجل المرحلة ما أجملك،وما أعظم صبرك أيها الصابر الصغير،أين منك أولئك الذين يختبئون من خجل بين ثنايا جُبنهم،لايلوون على شئ سوى المشاهدة،وحتى هذه فيها لايفلحون،لأنها تذكرهم بعجزهم الكبير.
للؤي ألف تحية وسلام،ودعوات صادقة من أعماق القلب بأن يحفظه الله،ويعينه على تحمل قابل الأيام بلا بصر،ولكن ببصيرة ثاقبة،وإيمان قوي لايتزعزع.
ترى كم لؤي بين الأنقاض لايعلم عنهم أحد؟وكم لؤي مات أمام مرأى ومسمع من العالم ولم يتحرك أحد؟وكم لؤي ينتظر رصاصة طائشة أو قنبلة حارقة ولن يتحرك أحد؟ أسئلة موجعة ولا إجابة تشفي غليل.